سوريا وتخمة القادة الأسطوريين

سوريا وتخمة القادة الأسطوريين

سوريا وتخمة القادة الأسطوريين

 صوت الإمارات -

سوريا وتخمة القادة الأسطوريين

بقلم - مشاري الذايدي

سوريا شبعت من «الرموز» وصور «القائد الخالد» وكليشيهات التقديس والأسطرة لمدبّري الشؤون السياسية والأمور العامّة، ثمّة فائض يُترع المعدة السورية على مدى عقود، منذ انقلابات الضبّاط المتتالية، من حسني الزعيم 1949 حتى حافظ الأسد، وعهده المديد لثلاثين عاماً، ثم نجله الأسد الثاني، بشّار، لمدّة ربع قرن من الزمان، أي أن العهدين الأسديين، قضما من عمر سوريا زهاء النصف قرن من رصيد التاريخ!

من الخطورة اليوم، إعادة إنتاج الرمزيات القيادية التقديسية نفسها، وإن بثوبٍ أصولي وصبغة تراثية، فالجولاني، لن يكون أسداً جديداً، بعمامة وجبّة، حتى وإن توارت هذه الرمزيات والأزياء حالياً.

سوريا مُتعبة، وهي بحاجة للعيش «الطبيعي» وعلاج جروحها، وشفاء قروحها، وعلّمنا التاريخ أن صناعة القيادة الرمزية، والكاريزما التاريخية، خاصة في هذه المناطق غير المستقرّة سياسياً، تكون أحياناً وصفة مثالية للكارثة، من كاريزما عبد الناصر إلى تاريخية صدّام، إلى «أبدية» حافظ، إلى: بالروح بالدم نفديك يا بشّار، واليوم ينادي البعض بالفاتح الجولاني!

كتب حازم صاغية في هذه الجريدة مقالة بعنوان: «حزب الله الثاني»، وكانت مُلهمة ومثيرة للتفكير إشارته لمأزق «حزب الله» الحالي، وفرصته بالوقت نفسه لإعادة إنتاج نفسه، بعيداً عن الإرث القديم.

قال حازم: «قد يفيد في توقّع تغيّر جدّيّ حلول قيادة جديدة على رأس (حزب الله) لا تتمتّع بكاريزميّة القيادة السابقة ممّا لا يحتاج إليه بلد يريد أن يكون طبيعيّاً، لا يرتبط بمواعيد مع الكوارث والمصائر ومبايعات الحشود».

سوريا ليست بحاجة اليوم إلى أساطير آخر الزمان، ولا تحميلها مسؤولية تحرير القدس والصلاة في الأقصى، وإنشاء الخلافة المفقودة منذ 1924، أي أننا في هذا العام، في آخر شهر منه، نكون قد مررنا بقرنٍ من الزمن على ذكراها، وهي بكل حال، أعني «صورة» الخلافة العثمانية، صورة رمزية مصنوعة لشحذ العواطف وتغذية الحماس، وليست صورة موضوعية واقعية.

إلى ذلك، من قال إن الحكاية انتهت في سوريا؟ّ! نحن بالكاد بدأنا الحكاية، وتصفية التركة الثقيلة من خسائر سوريا، الاقتصادية والسياسية، والأهم الخسائر المعنوية، وفقدان المستقبل!

بل إن الخطر الأمني نفسه، ما زال قائماً، هناك إسرائيل وهناك روسيا وهناك إيران وهناك الأسد المتربص في كهوف الثلج الروسية، وهناك «داعش» المتوثب للانقضاض، وهناك جيش سوريا، الذي يريد البعض، في وصفة كارثية، حلّه، على الطريقة العراقية (هناك أخبار عن اشتباكات صغيرة بين قوى من الجيش الرسمي والفصائل في الربيعة بريف حماة) وهناك الآمال الكبيرة المعقودة على العهد الجديد، وهناك ميراث سوري حضاري ضخم، من الصعب حشره في جيب صغير، كجيب الفاتح وبقية الفاتحين المنتظرين.

بكلمة، سوريا ليست بحاجة للقائد الأسطورة الضرورة الفاتح المانح الكاسح... سوريا بحاجة لأن تكون... طبيعية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوريا وتخمة القادة الأسطوريين سوريا وتخمة القادة الأسطوريين



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 20:41 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا
 صوت الإمارات - الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا

GMT 20:34 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد
 صوت الإمارات - ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:01 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السجائر في الإمارات بعد تطبيق الضريبة الانتقائية

GMT 12:14 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 07:44 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

تامر حسني يعلن موعد عرض فيلم "الفلوس"

GMT 12:06 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

دندن يبحث سبل تعزيز التعاون مع جمعية الشارقة الخيرية

GMT 16:46 2016 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

تخفيض دائم على سعر جوال "OnePlus 2" إلى 349 دولار

GMT 08:23 2016 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

توزيع جوائز القصة القصيرة بالتعاون مع مؤسسة "بتانة" الثقافية

GMT 11:42 2015 الخميس ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

المصممون يضعوا لمسة "الأهداب" الأنيقة لأحذية الرقبة

GMT 23:56 2015 السبت ,11 تموز / يوليو

الأمطار تغرق المناطق المنخفضة في روالبندي

GMT 07:31 2013 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

"THQ" تُقرر عدم إصدار لعبة "Avengers"

GMT 09:19 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

واريورز ينتصر على دالاس مافريكس في دوري السلة الأميركي

GMT 08:25 2015 السبت ,14 شباط / فبراير

ظهور ضوء مبهر وصوت هائل في سماء نيوزيلندا

GMT 10:51 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أمل رزق تستعد للمشاركة في مسلسل "للحب فرصة أخيرة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates