بقلم:مشاري الذايدي
أبشع مظاهر هذا النصب، هو النصب السياسي، حيث يجري توظيف نفر من هؤلاء لترويج رسائل سياسية معينة في بعض الدول، لصالح قوى محلية، والأخطر قوى أجنبية معادية، عطفاً على كون أغلب المؤثرين يتمتعون بعقد نفسية متنوعة، وشراهة لا حدّ لها من أجل المال أو الحصول على التقدير الزائف من المتابعين.
هذا النصب خطير، وله حديث قائم بذاته، لكن هناك النصب الذي نعرفه، وهو النصب التجاري والمالي.
من هنا كان مفهوماً ما جرى في فرنسا منذ فترة، إذ شنّت حملة على مواقع التواصل الاجتماعي ردّاً على موجة من عمليات الاحتيال عبر الإنترنت، التي استهدفت الكثير من المستخدمين، من بينهم مؤثرون على تلك الشبكات أقنعوا متابعيهم بالتخلي عن مدخراتهم لصالح التبرع لعلاجات إعجازية للسرطان، وغير ذلك من المنتجات المزيّفة.
قانون فرنسي جديد يفرض على صانعي المحتوى عبر الإنترنت دفع غرامات كبيرة، ويجعلهم أيضاً عرضة لأحكام بالسجن لمدة عامين حال إدانتهم بالترويج لخدمات خطيرة أو ممارسات تجارية مضللة.
دراسة أجرتها الإدارة العامة للمنافسة وشؤون المستهلك ومكافحة الاحتيال في فرنسا على 60 من المؤثرين الأفراد والوكالات المؤثرة بداية من يناير (كانون الثاني) 2023، كشفت أن 60 في المائة من المؤثرين على التواصل الاجتماعي لم يحترموا اللوائح الخاصة بالإعلانات وحقوق المستهلك.
هل سيحدّ هذا القانون من قدرات المحتالين على منصات السوشيال ميديا في فرنسا؟ يجيب تقرير الـ«بي بي سي» بأن هذا التغيير في القانون قد لا يؤدي إلى إنهاء عصر المؤثرين، أو المحتالين، كما وصفهم مغني الراب الفرنسي بوبا ذات مرة.
ظاهرة «المؤثرين» على منصات السوشيال ميديا، ليست محصورة في بلد دون بلد، ومجتمع دون مجتمع، بل هي ظاهرة عالمية.
كأن هؤلاء الذين يوصفون بالمؤثرين، صُنعوا في مصنع واحد، سواء أكانوا من النساء أو الرجال، الصغار أو الكبار، من أي عرق أو لون أو دين أو طائفة كانوا.
لذلك أصبحت مؤسسات الدول والمجتمعات تراقب هذه الظاهرة وتتفاعل معها، آخذين في الاعتبار قدرات تأثير هذه الفئة من البشر على تفاصيل حياة الناس، وعلى أطفالهم، وكل أفراد الأسرة.
وصلت الأمور إلى حدّ «امتهان» واحتراف بعض هؤلاء المؤثرين للنصب والاحتيال، وهذا النصب والاحتيال على صور وألوان.
عصر المحتالين... أصدق وصف لما نحياه في عالم اليوم، احتيال على العقول والنفوس... واحتيال على المال والجيوب.