بقلم - مشاري الذايدي
يوافق يوم 19 من هذا الشهر، يوليو (تموز)، ذكرى اكتشاف حجر رشيد في مصر، على يد الفرنسيين، وتحديداً ضابط في جيش نابليون، اسمه «بوشار»، كان يعمل مع آخرين على قلعة رشيد، فوجد الضابط هذا الحجر العجيب بطريق الصدفة، لكنه انتبه لغرابته وقيمته، وكان الكشف الكبير على يد العالم الفرنسي «شامبليون» الذي من خلال ترجمة وتحليل نصوص حجر رشيد استطاع فك شفرة الكتابة الهيروغليفية المصرية القديمة.
ذلك كان عام 1799 أثناء العمل على قلعة رشيد شمال مصر، بالعثور على حجر منقوش عليه 3 كتابات تاريخية مختلفة، من بينها الكتابة المصرية القديمة الهيروغليفية.
حجر رشيد هو مرسوم صدر بممفيس عام 196 قبل الميلاد نيابة عن الملك بطليموس الخامس، صُنع هذا الحجر من البازلت الأسود، ويبلغ ارتفاعه 113 سنتيمتراً وعرضه 75 سنتيمتراً.
لماذا أستذكر اكتشاف هذا الحجر الحضاري المصري الثمين؟
لحلول ذكراه وقيمته الحضارية الكبرى، أولاً، ولكن لحاجة أخرى في نفس يعقوب، وهي التذكير بحجر حضاري سعودي قديم، لم ينل حقه حتى اليوم من الاحتفاء والدراسة، وهو حجر «تيماء» أو مسلّة تيماء.
وخلاصة الخبر أنه في عام 1884 حسب رواية الفرنسيين، وعام 1883 حسب رواية الألمان، اكتشف حجر أيضاً بطريق الصدفة في قصر بتيماء يدعى قصر «أسمح طليحان» تنافس على شرف امتلاكه واكتشافه كل من الرحالة الألماني والمتخصص بالآثار، يوليوس أويتنغ، والرحالة والمكتشف الفرنسي، شارل هوبير، ومن خلفهما دولتاهما، لكن هوبير وفرنسا هما من كسب السباق، وفاز بغنيمته، حتى بعد مقتله بطريقة مؤسفة قرب ينبع؛ حيث وصلت متعلقاته، ومنها الحجر، إلى القنصل الفرنسي، في جدة الذي شحنها لبلاده، واليوم حجر تيماء من جواهر متحف اللوفر الفرنسي.
حجر أو مسلّة تيماء صخرة طولها 110 سنتيمترات وعرضها 43 سنتيمتراً، حملت أثراً مكتوباً بالرسم الآرامي عن حقبة الملك البابلي نابونيد في القرن السادس قبل الميلاد، يتحدث عن طريقة العبادة، وعن تنصيب أحد الكهنة في معبد الإله الوثني «صلم» في تيماء، وإلزام المعابد الأخرى بتقديم محصول 21 نخلة ضريبة لهذا المعبد.
ليس حجر رشيد كل الحكاية، لكنه الأثر المادي الباقي، ثمة أحاديث أخرى عن «مسلّة» سدوس التي تحدث عنها الرواة المحليون، ونقل عنهم بعض الأجانب خبرها. يقول علامة العراق الآلوسي عنها، كما ينقل عنه الباحث السعودي سعد بن دخيل، في مقالته بجريدة «الجزيرة»، إن مسلة سدوس كانت تحمل نقوشاً قديمة، وقد نقل له بعض «الأصحاب الثقات من أهل نجد أن من جملة هذه الأبنية بقرية سدوس، شمال غربي الرياض، شاخصاً كالمنارة، عليه كتابات كثيرة منحوتة في الحجر ومنقوشة على جدرانه، فلما رأى أهل سدوس اختلاف بعض السيّاح من الإفرنج إليها هدموها».
في هذا العهد الحافل بتوقير وتقدير كل مكونات حضارة الجزيرة العربية، يمكن جعل حجر تيماء «أيقونة» حضارية أثرية سعودية، وحول ذلك كلام كثير ومثير.