هند رستم اخترقت الخط الفاصل بين الرقة والأنوثة

هند رستم اخترقت الخط الفاصل بين الرقة والأنوثة!

هند رستم اخترقت الخط الفاصل بين الرقة والأنوثة!

 صوت الإمارات -

هند رستم اخترقت الخط الفاصل بين الرقة والأنوثة

بقلم -طارق الشناوي

 

مرت فى هدوء ذكرى الفنانة القديرة هند رستم.. مساحة هند على الشاشة كانت ولاتزال فارغة لأسباب يختلط فيها الفنى بالاجتماعى.. هند شكلت حالة خاصة بين كل النجمات اللاتى ظهرن مع نهاية عقد الأربعينيات ومطلع الخمسينيات، هى الأكثر جرأة فى التعبير عن الأنوثة، لم يكن الأمر مجرد أداء صوتى أو حركى ولا حتى ملامح تفيض بسحر الجاذبية، كل تلك التفاصيل من الممكن أن ينتهى مفعولها بعد فيلم أو ثلاثة، ما تبقى هو العمق.

اختيار صائب جدا من الناقد الأمير أباظة لتصبح صورتها هى (بوستر) مهرجان الإسكندرية هذه الدورة التى تحمل رقم ٤٠.. ناهيك عن خصوصية هند، فهى أيضا ابنة الإسكندرية، المدينة التى لم تتوقف عن منحنا العباقرة والاستثنائيين، فى الموسيقى والسينما والشعر والفنون التشكيلية.. هند من الممكن ببساطة أن تتجسد أمامك فى لوحة أو قصيدة أو قطعة موسيقية.

كثيرة هى الأفلام التى تألقت فيها هند، ومن خلالها ترسم لها بورتريها بالكلمات، إلا أننى أتوقف هذه المرة أمام فيلمين، لم تكن هى البطلة المطلقة، ولكن حمل الفيلمان سر هند رستم، الفيلمان (أنت حبيبى) ١٩٥٧ يوسف شاهين، و(إشاعة حب) ١٩٦١ فطين عبدالوهاب.

الفيلم الأول ثلاثة أبطال «فريد الأطرش وشادية وهند رستم»، الفيلم به (دويتو) خفيف الظل (يا سلام على حبى وحبك) يجمع بين شادية وفريد، وكان ينبغى أن تنجح أيضا هند رستم فى تقديم (دويتو) تستبدل فيه الصوت بالحركة الجسدية، وهكذا لن تنسى أبدا (يا مجبل يوم وليلة)، صوت وألحان فريد ورقص هند فى قطار بالدرجة الثالثة، بهذا الفستان البسيط الذى يغطى كل الجسد، ورغم ذلك أتقن التعبير ببساطة عن الأنوثة، رشق هذا المشهد فى الذاكرة.

فى نهاية الفيلم، كان ينبغى أن يتوازى الثلاثة «فريد وشادية وهند» وجاءت فكرة أغنية (زينة)، وأثبتت هند عمليا أن البطولة تقبل القسمة على ثلاثة، جاء حضورها طاغيًا، وتحول الجسد إلى قطعة موسيقية، وستكتشف أن الفيلم التالى مباشرة ليوسف شاهين (باب الحديد) ١٩٥٨ منح هند دور البطولة (هنومة)، الذى احتل مكانة متميزة فى تاريخ السينما المصرية.

الفيلم الثانى (إشاعة حب) ١٩٦١، اخترقت هند بحضورها الأنثوى حاجز الشاشة، لتصبح هى الحلم المستحيل الذى يسكن خيال ملايين الرجال. أدت هند رستم باقتدار ملامح الصورة الذهنية لهند رستم لتنتقل من الشاشة إلى الشارع.

هند فى حياتها لها خصوصيتها، مثلا فى شهر رمضان تعودت أن تتولى بنفسها خدمة تقديم طعام الإفطار لكل من يعملون فى منزلها.. لا تمنحهم فقط مبالغ إضافية أو شنطة رمضان لكنها تقف على خدمتهم، وبعدها تبدأ إفطارها!!

حالة استثنائية فى تفاصيل حياتها المنزلية مثلما هى بين كل النجمات عبر الشاشة.. كان الهدف فى البداية هو صناعة نجمة موازية لأسطورة هوليوود «مارلين مونرو» مثلما تجد أن عددًا كبيرًا من نجوم السينما فى ذلك الزمان كانوا تنويعات على نجم هوليوود «كلارك جيبل».. «هند رستم» لم تكن أبدًا صورة من أصل، كانت هى الأصل، تخطف الكاميرا بلمحة أو نظرة، وبقدر لا ينكر من الكسل الذهنى أطلق عليها النقاد فى مصر (مارلين مونرو الشرق)، على اعتبار أنهم يرفعونها درجة، ولم يدركوا أنهم يهبطون بها درجات.

فى فيلم (غزل البنات) ١٩٤٩ هى تلك الفتاة الحسناء الشقراء التى تركب الخيل خلف «ليلى مراد» وهى تغنى «اتمخطرى يا خيل» كانت عين مخرج الفيلم أنور وجدى قد وضعتها فى عمق الكادر، حتى لا تسرق الكاميرا، ولكنها فرضت نفسها لتحصد بعدها بطولة ٨٠ فيلمًا ولم تتنازل أبدا عن المقدمة!!.

كانت تتابع الذى جرى للكبار أمثال «عماد حمدى» و«مريم فخر الدين» عندما تراجعت أسهمهما وتقلصت مساحة دوريهما، وعرض عليها «على بدرخان» الاشتراك فى بطولة (الكرنك).. أصرت أن يسبق اسمها «سعاد حسنى»، ورشحها أستاذها «حسن الإمام» لبطولة «بالوالدين إحسانًا» واشترطت أن يسبق اسمها «فريد شوقى».. «هند» لا تبالغ فى تحديد مكانتها بل تنشد المنطق وتحترم التاريخ.. أتذكر أن (مهرجان القاهرة) فى مطلع التسعينيات قرر تكريمها، فقالت لسعد الدين وهبة رئيس المهرجان «شادية» تسبقنى زمنيًا، وهى الأحق منى واعتذرت عن التكريم حتى لا تتخطى «شادية».. بينما على الجانب الآخر فى (مهرجان الإسكندرية) عندما تأخر المهرجان عن تكريمها لم يراعوا وقتها التاريخ اعتذرت، وأتصور أن (بوستر) هذه الدورة فى (الإسكندرية) يحمل فى معناه التكريم الذى تستحقه!!

النظرة الضيقة لهند رستم هى أن نقول إنها تساوى الإغراء، الصحيح أن نقول «هند رستم» تساوى الأنوثة، والفارق شاسع، «هنومة» فى رائعة يوسف شاهين «باب الحديد» ليست غواية أو إغراء بجردل الكازوزة ولكنها الأنوثة. الصراع بين رهان الرقة الذى سيطر على نجمات التمثيل فى ذلك الزمان «فاتن» و«ماجدة» و«مريم» و«شادية» و«سميرة» كان يقابله على الجانب الآخر وبأسلوب منفرد أنوثة «هند رستم»!!

بصمة خاصة داخل الأسانسير فى «بين السماء والأرض» لصلاح أبوسيف فى مساحة مكانية لا تتجاوز مترين إنها الأنوثة قبل الإغراء دائمًا.

ابتعدت «هند» عن الحياة الفنية أكثر من ٣٠ عامًا، وكانت هى صاحبة القرار، وليس كما هو منشور على (النت) تنفيذا لرغبة زوجها الطبيب الشهير محمد فياض، هند هى صاحبة القرار.

إلا أنها لم تغب أبدا عن المشهد، ظلت متابعة لما يجرى وتدلى برأيها عبر الصحافة، وأيضًا كان صوتها حاضرًا فى البرامج الإذاعية والتليفزيونية، وكثيرا ما شرفتنى بمكالمات تليفونية، نتبادل الرأى فى الحالة الفنية وأغلبها نوع من (الفضفضة).

تمكّن الصديق الصحفى والإعلامى الكبير «محمود سعد» من تسجيل حوار بالكاميرا قبل رحيلها بعامين فى برنامج (البيت بيتك).. لم تقترب الكاميرا منها إلا بتردد، وبمسافة ولفترة زمنية محدودة، وكتبت أن ظهور «هند رستم» كان نصف ظهور، وأرسلت لى ابنتها الوحيدة (بسنت) ردًا، وكأنها تعبر عن رأى «هند»، ونشرته وعقبت عليه، واكتشفت أن هذا كان أقصى ما يمكن أن نحصل عليه من «هند» حتى لو لم يشف غليلنا واشتياقنا.

ورحلت هند أيضا فى شهر رمضان، وأتصورها أنها كانت حريصة حتى اللحظة الأخيرة أن تقف على خدمة من يعملون بمنزلها فنانة استثنائية وإنسانة استثنائية!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هند رستم اخترقت الخط الفاصل بين الرقة والأنوثة هند رستم اخترقت الخط الفاصل بين الرقة والأنوثة



GMT 21:54 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الملاذ

GMT 21:53 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

وبقيت للأسد... زفرة

GMT 21:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

هل «يتدمشق» الجولاني؟

GMT 21:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الشرع والعقبة

GMT 21:51 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل سوريا: مخاوف مشروعة

GMT 21:50 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

جهود بحثية عربية لدراسات الطاقة

GMT 21:50 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

دمشق والسير عكس المتوقع

GMT 21:49 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

شرق أوسط جديد حقًّا

GMT 22:15 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين
 صوت الإمارات - مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 22:19 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها
 صوت الإمارات - دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
 صوت الإمارات - نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 22:09 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلاق إعلان الرياض لذكاء اصطناعي مؤثر لخير البشرية
 صوت الإمارات - إطلاق إعلان الرياض لذكاء اصطناعي مؤثر لخير البشرية

GMT 12:12 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجوزاء الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 10:58 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تنفرج السماء لتظهر الحلول والتسويات

GMT 21:02 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

قد تتراجع المعنويات وتشعر بالتشاؤم

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:45 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

وكالة الفضاء الأوروبية تُخطِّط لبناء "سطح القمر" على الأرض

GMT 21:11 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

زيوت مبهرة لمقاومة التجاعيد بدلًا من الكريمات المكلفة

GMT 17:11 2018 الأربعاء ,08 آب / أغسطس

تألقي في صيف 2018 مع أحدث فساتين سهرة للمحجبات

GMT 20:06 2015 الثلاثاء ,07 تموز / يوليو

صور مسربة تكشف عن تفاصيل تصميم "غالكسي نوت 5"

GMT 22:19 2013 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

صدور الطبعة الخامسة من رواية "أنين" للكاتب شريف ثابت

GMT 14:42 2013 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

دبي تستضيف أول مؤتمر إقليمي للمأكولات البحرية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates