رسائل الشيخ دراز

رسائل الشيخ دراز!

رسائل الشيخ دراز!

 صوت الإمارات -

رسائل الشيخ دراز

بقلم -طارق الشناوي

 بيتهوفن وموزارت وشوبان، وغيرهم ممن منحوا البشرية فيضًا من الجمال لانزال نعيش عليه.. هل مصيرهم جهنم وبئس المصير لأنهم لم يعتنقوا الإسلام؟!. تلك القناعة ليست وليدة هذه الأيام، كل هذه الأفكار المظلمة وغيرها توارثناها.

أتذكر أننى سألت شاعر (إنت عمرى) أحمد شفيق كامل، فى محاولة منى لكى أعيده لكتابة الأغانى العاطفية، بعد أن طلب منه الشيخ الشعراوى أن يكتفى بهذا القدر من أغانى الحب والغرام، قال لى شاعرنا الكبير: نفس السؤال وجهته لفضيلة الإمام محمد متولى الشعراوى، وأجابه سيأخذون حسناتهم فقط فى الدنيا.

وبعد أن شاهدت فيلم ماجى مرجان (رسائل الشيخ دراز)، شعرت أنه واحد من الأسئلة التى ترددت مباشرة أو غير مباشرة على فكر الشيخ الجليل الدكتور محمد عبدالله دراز، العالم الأزهرى، الذى سافر إلى باريس فى القرن العشرين أثناء الحرب العالمية الثانية لينال درجة الدكتوراة، سنكتشف أن ما يستقر هو تلك النظرة التى تتناول الضمير، كل الأديان، ولا أعنى فقط الإبراهيمية، الثلاثة «اليهودية والمسيحية والإسلام»، ولكن كل الأديان فى النهاية تسعى للضمير، وهدفها سعادة البشر، المتطرفون فى كل الأديان أحالوها إلى معركة كان أولى ضحاياها الضمير.

المخرجة الموهوبة ماجى مرجان يسيطر عليها دائما البحث عن الجذور من خلال الوثيقة، وهكذا شاهدت العديد من أفلامها، بداية من (عشم) فيلمها الروائى الأول قبل نحو ١٥ عاما، ثم الفيلم الوثائقى (من وإلى مير) وغيره.. دائما ما يستحوذ على ماجى أصل الحكاية، تعود للزمن القديم لتتأمل ومضة فكرية قادرة على اختراق حاجز السنوات.

الشيخ دراز الذى رحل عن عالمنا عام 1958، لم نمنح أفكاره ما تستحقها من القراءة والتأمل، رغم أننا فى أشد الاحتياج إليها، العالم الأزهرى كان سابقا لزمنه، لا يتوقف أمام الخلاف الظاهرى فى بعض تفاصيل الأديان، لكنه ينسج الرؤية الصحيحة للإسلام، القائمة على أن الإسلام، وطبقا لنص القرآن الكريم يكتمل بالإيمان بالتوراة والإنجيل. لا أعتقد أن تلك قناعته عندما ذهب فقط للدراسة فى (السربون) بفرنسا، لكنها تعبر عن حقيقة فهمه للدين منذ أن التحق صبيا بالأزهر الشريف.. الحضارة الأوروبية، والانغماس فى القراءة، وإتقانه للغة الفرنسية حديثا وكتابة، أسهمت فقط فى فتح نافذة لكى تنطلق أفكاره، لكنها لم تنشئها من عدم.

حرصت ماجى مرجان على أن تنتقل بين الجيلين من أبناء الشيخ وأحفاده، وبالمناسبة لم ترتد نساء العائلة من الأحفاد الحجاب، أدركوا أن الإسلام أعمق من مجرد حجاب، وفى حياته لم ترتد بناته أيضا الحجاب، أسوة بأغلب بنات وزوجات شيوخ الأزهر الشريف فى ذلك الزمن، استعانت بتطبيقات زوم وغيرها وهى تنقل حوارا بين الشخصيات خارج الحدود.

ما الذى دفع ماجى لتقديم فيلم عن عالم أزهرى بينما هى مسيحية؟.. لا أتصور أن ماجى طرحت أساسا هذا السؤال، لأنها لا تحدد موقفها تبعا للديانة: مسلم أو مسيحى، بوصلة الإحساس الإنسانى هى الدافع، اختارت ماجى أن تقدم هذا العالم الأزهرى الذى تعمق فى حقيقة الدين ولم تستوقفه أبدا تلك الشكليات التى غرقنا فيها ولانزال أسرى قشور تحرم كل شىء.

رؤية الشيخ دراز للإنسان، بعيدا عن خانة الديانة، هى ما استحوذت على ماجى وأرادت أن يراها الناس. الرجل عرف، فى سنوات الغربة، العديد من الجنسيات والأديان والثقافات، وكانت لديه رحابة فى التعامل مع الجميع، أحب عائلته، عشرة أفراد، وأصر على أن يصطحبهم معه إلى باريس، لأنه يريد دفء الأسرة.

لم يتوقف عن توثيق كل ما يمر به من أحداث ويكتب باللغتين العربية والفرنسية، وفى كل ما يخطّه بقلمه تكتشف أن هذا العالم يقرأ زماننا، الفيلم التسجيلى يعرض تجاريا والناس تقبل عليه، وهذا هو التصويت الحقيقى الذى يؤكد أن المصرى فى أعماقه يؤمن بأن الضمير هو عمق الدين.. وهذا هو بالضبط ما أرادته ماجى مرجان!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رسائل الشيخ دراز رسائل الشيخ دراز



GMT 03:35 2024 الجمعة ,02 آب / أغسطس

إدانة بأثر رجعى

GMT 10:24 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

طرق متميزة ومُساعدة في تنظيف غرفة النوم وتنظيمها
 صوت الإمارات - طرق متميزة ومُساعدة في تنظيف غرفة النوم وتنظيمها

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يحمل إليك هذا اليوم كمّاً من النقاشات الجيدة

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 02:29 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

أطفال غزة يبدأون أخذ تلاقيح شلل الأطفال

GMT 06:33 2024 السبت ,06 تموز / يوليو

سوناك يقر بالهزيمة في انتخابات بريطانيا

GMT 10:44 2020 الأحد ,13 أيلول / سبتمبر

جيني إسبر تُعلق على عدم تواصلها مع نسرين طافش

GMT 16:04 2020 الأربعاء ,01 إبريل / نيسان

غريفيث يُحذِّر من عواقب تفشي "كورونا" في اليمن

GMT 15:38 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على مميزات سيارات "مازدا 3"

GMT 16:21 2013 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

اجتماع حول مشكلة الوحدات السكنية في مدينة الابيار الليبية

GMT 14:14 2013 الأربعاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

"مستورة" رواية فلاحة مصرية عن دار "دوّن"

GMT 01:15 2016 الثلاثاء ,08 آذار/ مارس

أروع النشاطات الممتعة في أبو ظبي

GMT 13:29 2017 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

الحقائب البراقة" عنوان أناقتك في موسم الأعياد"

GMT 14:13 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

الشيخ طحنون بن محمد يعزّي في وفاة حمد الظاهري

GMT 12:49 2013 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بركات "ملك الحركات" قريبًا فى برنامج إذاعيٍّ على تردُّد "9090"

GMT 01:26 2016 الأربعاء ,03 شباط / فبراير

البنك الدولي يعلن عن خطة عمل مناخية لأفريقيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates