مفيد فوزي والانتقام بعد الموت

مفيد فوزي والانتقام بعد الموت

مفيد فوزي والانتقام بعد الموت

 صوت الإمارات -

مفيد فوزي والانتقام بعد الموت

بقلم -طارق الشناوي

قبل نحو أسبوع غادرنا الأستاذ الصحافي والإعلامي الكبير مفيد فوزي، حضوره منذ منتصف الثمانينات في حياتنا كان مؤثراً وعميقاً، وعلى مدى يقترب من ربع قرن، في زمن التلفزيون الأرضي، كان يقدم أشهر برنامج عرفته مصر «حديث المدينة».
في تلك السنوات، قبل زمن الفضائيات، كانت الأسرة تتجمع بمختلف أطيافها حول الشاشة الصغيرة، ومفيد ينتقل بين كل الأحداث سياسة وثقافة وفن واجتماع، ويقدم إطلالة خاصة، فهو من القلائل الذين يمتلكون مفردات في اختيار الكلمة وطريقة نطقها، لديه أبجدية مختلقة في لغة الجسد، اقتحم العديد من الخطوط الحمراء، أو التي كانت في ذلك الوقت تعد حمراء، اقترب الأستاذ من التسعين، وكنت أجده في مختلف المهرجانات والاجتماعات، وكأنه صحافي تحت العشرين، يلتقط الخبر، لم يتعالَ أبداً على المهنة شأن كل الكبار من «الأسطوات» الذين عرفناهم، ظلوا حتى اللحظات الأخيرة في الميدان.
من البديهي أن تختلف وتتباين، بل وتتناقض الآراء، وكلما مر الزمن ندرك أن تلك المساحة التي تتعارك فيها الأفكار، هي سر الحياة، ونردد المثل الشهير «لو اتفقت الأذواق بارت السلع».
الأستاذ كان حليمي من (عبد الحليم) في ذوقه الغنائي، كثيراً ما واجه الجيل الذي ظهر بعد «العندليب»، فلم يتسامح أبداً مع أصوات عمرو دياب و«إخوته»، كما أن ارتباطه بحليم أدى في نهاية الستينات إلى غضب أم كلثوم، عندما استضاف الكاتب الكبير يوسف إدريس في برنامج تبثه «إذاعة الشرق الأوسط» اسمه «أوافق أمتنع» سألته المذيعة سناء منصور: «أم كلثوم تمنع التدخين، فهل تذهب إلى حفلتها؟» أجاب الكاتب الكبير: «أدخن سيجارتي ولا أذهب لأم كلثوم».
لم تتحمل «الست» تلك المداعبة، واعتبرتها ثقيلة ومقصودة من غريمها عبد الحليم، معتقدة أن «مفيد» يعمل لحسابه، فأوقفت بث أغانيها من «إذاعة الشرق الأوسط»، وفي زمن عبد الناصر لم يكن يجرؤ أي مسؤول على رفض طلب لأم كلثوم، واعتذرت الإذاعة «للست» حتى تراجعت عن قرارها بعد شهر.
ظلت أم كلثوم حتى رحيلها عام 75 تضع مفيد (بين قوسين)، وهو كثيراً ما صرح بأن مذاقه الخاص «فيروزي» وليس «كلثومياً».
كان يمنح عادل إمام مكانة خاصة متميزة، بعيداً عن كل أقرانه مثل محمود عبد العزيز وأحمد زكي ومحمود ياسين، أطلق عليه توصيف «الأغلى»، يقصد في القيمتين المادية والأدبية.
كل تلك الآراء وغيرها تم التعامل معها مع مرور الأيام، بأسلوب أقل حدة وأكثر مرونة.
بعد رحيل مفيد فوزي امتلأ «النت»، ببعض المتزمتين الذين اقتنصوا له رأياً عنوة يضعه في مواجهة مع الشيخ محمد متولي الشعراوي، ونسبوا له رأياً لم يدلِ به أبداً «أنه شكر الله يوم رحيل الشيخ متولي الشعراوي».
شاهدت الكثير من تسجيلات الأستاذ مفيد وتأكدت أن ما قاله لا يتجاوز ما يردده البعض، وأنا من هذا البعض «أن الإمام الشعراوي بشر يصيب ويخطئ في آرائه»، إلا أن عشاق الشيخ «وهم كُثر» لم يقبلوا ذلك، وعلى الفور بدأوا التفتيش في خانة الديانة، ووجهوا إليه اتهام الشماتة في موت «الإمام الشعراوي».
مع الأسف هناك من لا يزال ينفخ في النيران، على هذا الوتر الحساس، مردداً سعادته برحيله.
لو بحثت عن المقربين في دائرة الأستاذ مفيد فوزي، ستجد أن المسلمين، يشكلون الأغلبية 90 في المائة.
كثيراً ما اختلفت مع الأستاذ الكبير، ولكن والله على ما أقول شهيد، لم أضبطه يوماً طائفياً أو كارهاً، لدين أو شخص، رحم الله كاتبنا الكبير وأسكنه فسيج جناته رغم دعوات المتزمتين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفيد فوزي والانتقام بعد الموت مفيد فوزي والانتقام بعد الموت



GMT 03:11 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 03:10 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 03:08 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 01:24 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 01:23 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

بمناسبة المسرح: ذاكرة السعودية وتوثيقها

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 21:27 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الاضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 11:13 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ابنة كورتيني كوكس تقتبس منها إطلالة عمرها 20 عامًا

GMT 04:12 2019 الأربعاء ,02 كانون الثاني / يناير

«فورس بوينت» تحذّر من نشوب حرب إلكترونية باردة 2019

GMT 15:44 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

الصداع النصفي المصاحب بأعراض بصرية يؤذي القلب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates