بشير الديك غادرنا قبل أن يُطلق صيحاته الأخيرة

بشير الديك.. غادرنا قبل أن يُطلق صيحاته الأخيرة!

بشير الديك.. غادرنا قبل أن يُطلق صيحاته الأخيرة!

 صوت الإمارات -

بشير الديك غادرنا قبل أن يُطلق صيحاته الأخيرة

بقلم -طارق الشناوي

 

فى مطلع التسعينيات تلقيت اتصالًا هاتفيًا من بشير الديك، أول ما حاولت تذكره فى ثوانٍ قبل أن تبدأ المحادثة، هل كتبت شيئًا فى الأيام الأخيرة عن فيلم لبشير، فوجئت بأنه يشيد سعيدًا بمقالى الذى تناولت فيه فيلم داوود عبدالسيد (البحث عن سيد مرزوق)، الشريط السينمائى لم يستطع المقاومة داخل دار العرض، إلا أن بشير كان شديد الحماس للتجربة، ووجد فيها مذاقًا مغايرًا يجب الدفاع عنه.

هذه المكالمة أضافت لى ملمحًا آخر للكاتب الكبير، فهو فى رهانه على السينما لا يرى فقط أفلامه، ولكنه يطل عليها بكل أطيافها، قبلها كان بشير قد أقدم على إخراج فيلمى (الطوفان) و(سكة سفر).

كان بشير فى تلك السنوات يحتل القمة فى كتابة السيناريو السينمائى مع وحيد حامد، وهما الأغلى قيمة والأعلى أجرًا، بينما وحيد لم يفكر يومًا فى الإخراج، بل كان يتعمد ألا يذهب إلى الاستوديو إلا فقط لتهنئة فريق العمل مع بداية التصوير، وبعدها تنتهى علاقته بالاستوديو. بشير كان لديه طموح أن يحمل الفيلم توقيعه على الورق وعلى الشاشة، وكان يذهب بين الحين والآخر للاستوديو، بل شارك أيضًا فى التمثيل فى فيلمه الرائع (موعد على العشاء) إخراج محمد خان، مع سعاد حسنى، وذلك حتى يتاح له أكثر الاقتراب من التفاصيل فى علاقة الممثل مع المخرج.

وحصد الفيلمان اللذان حملا توقيع بشير كمخرج قدرًا من الحفاوة النقدية، ولكن شيئًا مهمًا جدًا وحيويًا لم يتحقق وهو التماس الجماهيرى.. أيقن بعدها بشير أن أفلامه الأجدى لها أن تتنفس على الشاشة مع مخرجين بحجم عاطف الطيب ومحمد خان ونادر جلال وعلى بدرخان وعاطف سالم وحسام الدين مصطفى.. وغيرهم.

قال لى بشير إنه عندما قرر الإخراج التقى به عاطف الطيب، وقال له وهو حزين: لن تكتب أفلامًا لنا؟ أكد له بشير أنه أساسًا كاتب سيناريو، والإخراج حالة عابرة مع سيناريو أو اثنين لهما طبيعة خاصة، كل من الفيلمين كان به شىء خاص وحميم فى حياة بشير، ولهذا استشعر أنه يجب أن يقف خلف الكاميرا مخرجًا، وبعدها أخرج (الفارس والأميرة) فيلم رسوم متحركة، بدأ تصوير الفيلم مع مطلع الألفية ثم تعثر نحو ٢٠ عامًا، وأكمله بعدها، فجاءت تجربة بعيدة عن موجة الناس.

فى تجربته ككاتب يجب أن نتوقف أيضًا عند مرحلة ما بعد الطيب وخان، وكانت نادية الجندى هى البطلة المحورية لقسط وافر من تلك الأفلام، مثل: (حكمت فهمى) و(الضائعة) و(عصر القوة) و(امرأة هزت عرش مصر) وغيرها، وكتب أيضًا لنبيلة عبيد (ولايزال التحقيق مستمرًا).

كان بشير الديك يرى أن السينما ليست لونًا واحدًا، وعليه أن يقدم كل الأطياف.

تحمس بشير للجيل الجديد من نجوم الكوميديا، وفى طليعتهم محمد هنيدى وعلاء ولى الدين، وكتب لهما بالفعل (حلق حوش)، إخراج محمد عبدالعزيز، وشاركتهما البطولة ليلى علوى.. حدثت تدخلات فى السيناريو، ونجح الفيلم، إلا أنه لم يحقق الرقم الذى يضمن أن يضع هنيدى وعلاء على القمة، وتأخر تعميد هنيدى وعلاء بضعة أشهر، حتى يصعد هنيدى فى (إسماعيلية رايح جاى) ٩٧، وبعده بعامين علاء فى (عبود ع الحدود)، حيث تم التلاعب بالسيناريو.

فى حياة بشير موقف ظل مؤرقًا له، عندما أعاد كتابة فيلم (الهروب)، بعد أن كتبه كاملًا مصطفى محرم، وكلما أعيد عرض الفيلم على الشاشة يبكى بشير لأنه لا يحمل اسمه.

مشاركة بشير على حد قوله تعنى أن السيناريو كله منسوب له، بينما مصطفى محرم أكد أكثر من مرة أن ما كتبه بشير هو أربعة مشاهد فقط. الحقيقة من الصعب إعلانها بيقين، إلا أن الشاشة تشى بأن حضور بشير أقوى، ومذاقه هو الأكثر سيطرة على السيناريو.

كان عاطف الطيب هو صاحب الاقتراح بمشاركة بشير، وأتصور أيضًا أن أحمد زكى لعب دورًا فى تحفيز بشير على الكتابة.. كل هذا حدث بدون علم مصطفى محرم، ولهذا طلب بشير ألا يوضع اسمه، إلا أنه كان يبكى عندما يُعرض الفيلم على إحدى الفضائيات قائلًا: (ابنى ولا يحمل اسمى)، القضية شائكة، فى الماضى وكل شهودها أحياء، كانت مليئة بالحساسية، الآن لم يتبق أحد من شهود الإثبات أو النفى، وباتت أكثر حساسية.

يومًا ما روى لى وحيد حامد أنه فوجئ باتصال تليفونى من محمد رمضان يطلب منه كتابة مسلسل (الإمبراطور)، الذى يتناول حياة أحمد زكى.

كان وحيد، ومعه المخرج محمد سامى ومحمد رمضان، اتفقوا على تقديم المسلسل، ثم حسبها وحيد ووجد أنه مشروع محفوف بالمخاطر، هل يستطيع أن يكون صريحًا ويروى الحقيقة؟ وجد أن الإجابة هى أنه من الصعب أن يذكر الكثير مما يعرفه.

اعتذر وحيد، وبعده اعتذر سامى، تواصل رمضان مع بشير الديك الذى طلب مهلة قبل الموافقة، ليراجع موقف وحيد، وعندما أخبره وحيد أنه اعتذر، تعاقد على الكتابة.. من ذكر لى تلك الواقعة كان وحيد، قالها بكل حب وتقدير لبشير الديك.

تقديم حياة أحمد زكى بكل جوانبها مستحيلة، وشهودها بيننا، ولا يستطيع أن يقول الكاتب الكثير منها، خاصة الحياة العاطفية لأحمد زكى.

وتوقف المشروع، ورمضان قال مؤخرًا إنه قريبًا سوف يعيده للحياة..

أرى أنه مجرد خبر استهلاكى غير قابل للتحقيق. بشير لم يستطع فى الألفية الجديدة التوافق مع الحياة الفنية، لم يعثر على المعادلة التى تدفعه للعودة، وآثر الابتعاد، وقدم فيلم (الكبار) قبل خمسة عشر عامًا، أتصور أنه كان مشروعًا مؤجلًا خرج فى توقيت خاطئ.

كيف لم يتنبه أحد إلى أن بشير الديك كان قبل ساعات حيًا يُرزق، وسنكتشف مع كل رحيل جديد كم كنا قساة القلب على الموهوبين!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بشير الديك غادرنا قبل أن يُطلق صيحاته الأخيرة بشير الديك غادرنا قبل أن يُطلق صيحاته الأخيرة



GMT 01:28 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

بك من هارفارد

GMT 01:27 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

السياسة وعقل الدول

GMT 01:27 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

لغز ميشيل أوباما!

GMT 01:26 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

المؤرخ الريحاني ورعاية الملك الكبير

GMT 01:25 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

هل يتجه الجنوب «جنوباً»؟

GMT 01:25 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

الدخان الرمادي في غزة!

GMT 01:24 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

ترمب الثاني... بين الجمهورية والإمبراطورية

GMT 01:23 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

من أول يوم

GMT 02:40 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل

GMT 12:44 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لكي يتمكن آدم من فهم حواء عليه إتباع هذة الخطوات

GMT 06:01 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

"إينوك" تبدأ بيع منتجات وتذكارات "إكسبو 2020 دبي" عبر "زووم"

GMT 16:08 2019 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

خادمة تتهم كفيلتها بضربها وإصابتها بـ "جلطة"

GMT 03:19 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الإصابة تبعد ريوس عن منتخب ألمانيا في تصفيات (يورو 2020)

GMT 18:07 2019 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

احذري حفل الزفاف الفخم قد يكون سببًا للطلاق المبكر

GMT 17:30 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

قادة دوليون يؤكدون قدرة السعودية على إنجاح "قمة الـ 20"

GMT 15:36 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مجلس الوزراء يعتمد العطلات الرسمية لعامي 2019 و2020
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates