شريف عرفة يكتب مشهدًا سينمائيًّا لا ينسى مع وحيد حامد

شريف عرفة يكتب مشهدًا سينمائيًّا لا ينسى مع وحيد حامد!

شريف عرفة يكتب مشهدًا سينمائيًّا لا ينسى مع وحيد حامد!

 صوت الإمارات -

شريف عرفة يكتب مشهدًا سينمائيًّا لا ينسى مع وحيد حامد

بقلم -طارق الشناوي

 

شريف عرفة من أكثر الفنانين الذين عرفتهم فى الوسط الفنى عزوفًا عن التواجد خارج بيته أو مكتبه أو الاستوديو. لديه انضباط شخصى صارم، لا يبدد طاقته خارج الرقعة الفنية، لن تجده أبدًا فى برنامج يتحدث عن شىء خاص، يرد مثلًا على انتقاد وجه إليه، أو يصحح حتى معلومة، ولكنك، وفى القليل النادر، ممكن أن تلمحه فى لقاء (بود كاست) مثلًا يؤصل حالة سينمائية أو يتناول فنانًا كبيرًا لم ينصفه التاريخ.

كثيرًا ما يتجاوز طموحه الشخصى كمخرج ليصبح هدفه، الصناعة السينمائية، التقيته قبل أيام فى الرياض بعد حفل تدشين الاستوديوهات، وتناولنا الإفطار معًا، وتبادلنا الحوار، وسوف أنشر فى القادم من الأيام ما يجوز نشره منها، لأنها كانت دردشة لا يجوز تداولها علنًا بدون غربلة أو استئذان.

قلت له فى نهاية اللقاء لدىَّ وثيقة صالحة للتداول سوف تقرأها قريبًا على صفحات (المصرى اليوم)، مقال استثنائى، أنت كتبته عندما سألتك قبل أربع سنوات عن الكاتب الكبير وحيد حامد، قبل تكريمه فى مهرجان القاهرة السينمائى، واقترحت وقتها عليك أن تسلم جائزة (الهرم الذهبى) لإنجاز العمر لوحيد، طلبت منى أن أستأذنه أولًا، وبالفعل رحب وحيد جدًا بهذا الاختيار، وكانت لقطة لا تنسى داخل المسرح الكبير فى دار الأوبرا المصرية.

«المشهد الأول

الميريديان على النيل نهار/ داخلى

القاهرة ١٩٨٨

دخلت بهو الأوتيل، كُلّى رهبة وقلق، فقد أبلغنى الأستاذ وحيد حامد بأن أحضر له فى الصباح حوالى العاشرة لأمر هام، كلى تساؤلات هل سيعرض علىَّ سيناريو أو سيعطينى سيناريو كتبه آخر كما فعل معى من قبل؟، فهو بعد أن شاهد فيلمى الأول (الأقزام قادمون) وكتب عنه مشيدًا به على صفحات مجلة (صباح الخير)، وبعد عدم التوفيق جماهيريًا لفيلم (الدرجة التالتة)، أخذنى من يدى وقتها وذهب بى لأحد المنتجين وأعطانى هذا المنتج أربعة سيناريوهات لأختار منها واحدًا، واعتذرت.. بعدها بفترة التقينا عند أحد المنتجين وأخبرنى الأستاذ وحيد: (أعدى عليه بكرة فى المريديان، على مائدته الشهيرة، مكانه اليومى الدائم فى الكتابة ثم لقاء الأصدقاء).

دخلت الكافيتريا، مكان مزدحم بالأفواج السياحية التى تنهى إفطارها تمهيدًا للخروج فى جولاتها السياحية، وقبل أن أسأل عن مكان (الترابيزة) الخاصة به، وجدته فى الركن البعيد من الصالة يجلس بمفرده، وأمامه ورق موضوع بشكل منظم وكوب طويل ممتلئ بالثلج ومج زجاجى به قهوة فرنساوى، ومقلمة جلدية فاخرة جدا وأمامه أيضًا شنطة كبيرة.

من الوهلة الأولى، تكتشف أنه منظم، وأنه يعتز جدًا بالأدوات التى يكتب بها، اقتربتُ، فلم يلحظنى فى البداية، فهو منشغل بأوراقه وبالكتابة، وقبل أن أصل إليه بخطوة..

شريف: صباح الخير يا أستاذ وحيد

رفع نظره.. ابتسم..

وحيد: صباح الخير.. اقعد.

جلست أمامه.. فأغلق القلم.

وحيد: اسمع أنا اللى بيشتغل معايا بيبقى صاحبى.. يعنى تقولى وحيد على طول.. فاهم؟

(ملحوظة.. فرق السن كبير بيننا).. هزيت رأسى بالموافقة، وطلبلى قهوة وفتح الشنطة وأخذ دوسيه به أوراق كثيرة أعطاها لى.

وحيد: خد الورق دا وروح أقعد على (الترابيزة) اللى هناك دى، إقراه، وبعدين تعالى نقعد سوا، وحابعتلك القهوة على هناك.

أخذت منه الورق وذهبت للترابيزة القريبة منه، ولكنه أشار إلى ترابيزة أبعد، تحركت إليها وجلست وفتحت الدوسيه وقرأت العنوان: (اللعب مع الكبار).. تأليف وحيد حامد.

تتابعت الصفحات وازداد حماسى فى القراءة حتى آخر ورقه ووصلت لكلمة النهاية، وكانت وقتها: (حسن يتصل بالناس وأجراس متعددة على .. تتاله للقاهرة).. أغلقت السيناريو ووقفت أمامه.

وحيد: اقعد...ها.. إيه رأيك؟

جلست أمامه .. شريف: حلو جدًا.. وحيد: تخرجه؟.. شريف: دا بطولة عادل إمام أكيد.. صح؟.. وحيد: مظبوط.. شريف: وهو حيوافق إنه يشتغل معايا؟.. وحيد: مالكش دعوة بعادل إمام.. إنت موافق؟ .. شريف: طبعا.

أخرج دفتر شيكاته وكتب شيكًا وأعطاه لى، نظرت للرقم كان أربعة آلاف جنيه، وهو أكبر رقم شفته فى حياتى وقتها.

(ملحوظة.. لم أسعد بأى مبلغ مهما كان حجمه فى حياتى مثل هذا المبلغ)

وحيد: اسمع أنت تأخذ الشيك ده والسيناريو وتكتبلى ملاحظاتك وطلباتك فى ورقة وتجيلى بكرة.

شريف: وعادل إمام لو موافقش يشتغل معايا؟.. أنا مانجحليش أفلام قبل كده.

وحيد: قولتلك مالكش دعوة بعادل إمام.. إتفضل، حاستناك بكرة فى نفس الميعاد.

شريف: أستاذ وحيد أنا متشكر جدًا.

وحيد: قلتلك إيه.. وحيد بس إنت حتبقى صاحبى خلاص.. مع السلامة.

هذا هو المشهد الأول بينى وبين وحيد حامد، ولم يكن الأخير، بل تعددت المشاهد والمواقف التى هى ولو درامية على الورق، فهى درامية أيضًا فى حياتنا، وفى علاقتنا التى لم تتغير ولم تختلف، يعرفنى جيدًا وأعرفه جيدًا واتفقنا فى معظم الأحوال. وحتى فى اختلافاتنا القليلة جدًا كانت بيننا، وبشكل متحضر، وتنتهى بالمناقشة ولا فائز ولا مهزوم.

من هذا الرجل الذى يجلس صباحًا ليكتب فى أوتيل خمس نجوم، وبالليل يجلس على قهوة فى عماد الدين؟.

لم يكن بالنسبة لى ولمن اقترب منه غير كتاب مكشوف، هو فنان موهوب، وهذا أعرفه قبل أن أقابله.. ولكنه وبعد أن التقيت به ولأول مرة وعلى مدى أكثر من ثلاثين سنة هو نفس الرجل لم يتغير صاحبى، أو كما اتفقنا أخى. الكبير هو نفس الرجل وحيد.. حاسم.. واثق من نفسه، متواضع لأقصى درجة.. محترف جدًا، فهو يعرف قيمة المخرج مهما كان هذا المخرج فى بداية مشواره، أو ذو مكانة يستمع إليه جيدًا فى ملاحظاته وينفذها إذا اقتنع وبعدها يرفض المناقشة مع الممثلين ويتركها للمخرج، ليس استخفافًا بالممثل، ولكن لأنه يعتبر المخرج عند تحمله المسؤولية هو صاحب العمل، ومن يتخذ القرارات حتى لو كان وحيد هو منتج العمل فعندما تدور الكاميرا لا رأى بعد المخرج.

أتذكر أنه عام ١٩٩٦ وبعد فيلم إضحك الصورة تطلع حلوة، لم نلتق فنيًا للأسف الشديد، ولكن سيظل وحيد حامد هو المحطة الرئيسية التى أرجع إليها دائما لكى ألتقى به وأتزود بالأحاسيس وبالمشاعر وبالرأى الراجح الذى دائمًا وأبدًا لا أجده إلا عنده.

شريف عرفة».
 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شريف عرفة يكتب مشهدًا سينمائيًّا لا ينسى مع وحيد حامد شريف عرفة يكتب مشهدًا سينمائيًّا لا ينسى مع وحيد حامد



GMT 01:50 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب والتعامل مع حربَي غزة ولبنان

GMT 01:50 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

بيت أبيها

GMT 01:49 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الجديد الذي يمكن استكشافه!

GMT 01:48 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف فاز ترمب... ولماذا ستكون رئاسته الثانية مختلفة؟

GMT 01:48 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الكُتّاب والاستخدام غير الدقيق للكلمات

GMT 01:47 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الدور العائلي في فوز «ترامب»

GMT 01:46 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ساعة عبد الناصر

GMT 01:31 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فنانون على ما تُفرج!

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة - صوت الإمارات
نجوى كرم النجمة اللبنانية وعضو لجنة تحكيم برنامج "Arabs Got Talent" في موسمه السابع؛ مع كل حلقة تعرض تشاركنا بصور لها من كواليس البرنامج، وتسلط الضوء باستمرار على إطلالاتها الجذابة التي خطفت بها الانتباه وقت التصوير، حيث تألقت نجوى كرم بإطلالات استثنائية جعلتها محل اهتمام الجمهور خلال البرنامج، وشاركتنا بأجمل صورها على انستجرام، فدعونا نأخذكم في جولة على أجمل الإطلالات التي ظهرت وسوف تظهر بها نجوى كرم في حلقات الموسم السابع من برنامج اكتشاف المواهب الشهير. الإطلالات الناعمة الخالية من التفاصيل المبالغ فيها؛ كانت خيار لافت للنجمة اللبنانية تزامنًا مع تحضيرها للبرنامج الشهير أو تصوير بعض الحلقات، فظهرت مؤخرًا بإطلالة باللون الأبيض جاءت مكونة من فستان طويل بتصميم كلاسيكي، جاء من الأعلى بأكمام طويلة وياقة عريضة ومفتوحة على ...المزيد

GMT 04:20 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها
 صوت الإمارات - ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها
 صوت الإمارات - طهران ترى في فوز ترمب فرصة لمراجعة السياسات الخاطئة لواشنطن

GMT 04:05 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يؤكد أن الأمم المتحدة مستعدة للعمل مع ترامب
 صوت الإمارات - غوتيريش يؤكد أن الأمم المتحدة مستعدة للعمل مع ترامب

GMT 04:29 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

أستراليا تحظر السوشيال ميديا لمن دون 16 عاماً
 صوت الإمارات - أستراليا تحظر السوشيال ميديا لمن دون 16 عاماً

GMT 15:22 2019 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل أبرز فعاليات "أسبوع دبي للتصميم" لتكوني مستعدة

GMT 14:37 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ملكة إسبانيا بإطلالة جذَّابة بالجمبسوت الأحمر

GMT 00:38 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

عصابة سرقة مواشي في العين بقبضة شرطة أبوظبي

GMT 12:44 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

الفنانة ياسمين رئيس تنفي خوضها للسباق الرمضاني المقبل

GMT 16:21 2018 السبت ,22 أيلول / سبتمبر

شركة "Moncler" تطلق المرحلة الثانية من مشروع "Genius"

GMT 11:15 2015 الثلاثاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

معرض "ذاكرة مصر الفوتوغرافية" في مكتبة الإسكندرية

GMT 17:53 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

إيمان أبو طالب تتألق في مسرحية "فرصة سعيدة"

GMT 14:43 2013 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

"اليونسكو" تتيح الوصول إلى وثائقها عبر شبكة "الإنترنت"

GMT 21:23 2013 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

برنامج اتجاهات يستضيف أيمن نور الأحد المقبل

GMT 10:24 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ندى بسيوني تكشف عن دورها المختلف في "رمل الذاكرة"

GMT 12:36 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

المخرج محمد سامي يُواصل تصوير فيلم "سري للغاية"

GMT 09:27 2021 الأحد ,18 تموز / يوليو

كيف يتعامل كل برج من الأبراج مع الطلاق
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates