السينما العربية وصراع حاسم في سباق «قرطاج»

السينما العربية وصراع حاسم في سباق «قرطاج»!

السينما العربية وصراع حاسم في سباق «قرطاج»!

 صوت الإمارات -

السينما العربية وصراع حاسم في سباق «قرطاج»

بقلم -طارق الشناوي

السينما العربية هى سر الصراع وعمقه الاستراتيجى فى مختلف المهرجانات العربية رغم توجهها العالمى، إلا أن التباهى بالفيلم العربى الجديد، والممتع إبداعيا هو واحد من أهم أوراق القوة التى يسعى المهرجان لإثباتها دوما.

منذ عام ١٩٩٢ وأنا أحضر مهرجان «قرطاج» السينمائى، حيث كان فى تلك السنوات يعقد مرة كل عامين- يتبادل مع «دمشق»، قبل أن يصبح سنويا، والاسم الرسمى له «أيام قرطاج السينمائية»، الموعد ظل شهر أكتوبر، هذا العام استقر المهرجان على أن يقتنص من العام آخر أسبوعين ليسبقه العديد من المهرجانات العربية، والتى كثيرا ما تتصارع للاستحواذ على الفيلم العربى.

فى البداية لم أقتنع بتغيير الموعد، ولكن ببعض التأمل للخريطة السينمائية أيقنت أنه كان القرار الصائب، المهرجان كان عمليا فى التعامل مع الواقع، التاريخ له قطعا احترامه، وجائزة تحمل اسم (قرطاج) تظل لها سحرها عند الفنان العربى، واقعيا بزغت عربيا فى السنوات الأخيرة مهرجانات تملك الكثير من الجاذبية، فكان ينبغى من تغيير المؤشر.

كلنا ندرك أن الندرة فى السينما العربية تلعب دورها، أتحدث عن الأفلام الهامة الجديرة بالمشاركة، والتى يزداد عليها الصراع، كما أن عددا من المهرجانات الجديدة عربيا تمنح الأفلام منحا إنتاجية، فتصبح هى الأولى بالعرض الأول، وهكذا سبق إقامة (قرطاج) مهرجانات (الجونة) و(القاهرة) و(البحر الأحمر)، العديد من الأفلام الهامة خاصة العربية تم عرضها فى تلك المهرجانات.

أتذكر جيدا أن الراحل سعد الدين وهبه فى مطلع التسعينيات أدرك أن عليه إقامة مسابقة عربية على هامش مهرجان (القاهرة) تمنح جائزة مادية ضخمة (بمقياس ذلك الزمن ١٠٠ ألف جنيه) لأفضل فيلم عربى، وكان الغرض أن يضمن أن يأتى إليه الأفضل، خاصة أنه لا يستطيع فى المسابقة الرسمية عرض فيلم سبق أن شارك بمهرجان آخر، ونجحت وقتها خطة سعد الدين وهبه.

مهرجان قرطاج كان عمليا فى التعامل مع الخريطة الحالية، إنه المهرجان الأسبق تاريخيا بدأ عام ١٩٦٦، متوجها أساسا للسينما العربية والإفريقية، مهرجان القاهرة انطلق ١٩٧٦ وبعده بثلاث سنوات (دمشق) ١٩٧٩.

توأمة مهرجانى (قرطاج) و(دمشق) لعبت دورها لصالح (القاهرة)، كل منهما يعقد مرة كل عامين، وبالتالى الصراع ثنائى، بين القاهرة وواحد من المهرجانين، كما أن المهرجانين كانا أيضا يضعان فى الحسبان مهرجان (القاهرة)، مثلا كثير من الأفلام السورية التى كانت تنتجها مؤسسة السينما هناك لا تعرض بمهرجان دمشق، حتى يتاح أولا بالقاهرة، وذلك أملا فى جائزة مصرية، إلا أن التاريخ طرح حاليا معادلات أخرى.

التعامل الواقعى بإقامة المهرجان فى نهاية العام لصالح (قرطاج)، منح المسابقة فرصة لعرض الأهم فى المسابقة العربية، واللائحة تتيح ذلك، حتى الأفلام التونسية التى شاركت فى مهرجانات أخرى جاءت محطتها الثانية فى قرطاج.

ومن بين الأفلام الرائعة التى تتسابق هذا العام «أرزة» الفيلم اللبنانى الممتع، سبق له المشاركة الرسمية فى المسابقة العربية بمهرجان (القاهرة).

الشريط السينمائى أول إخراج روائى لميرا شعيب، اختيار الاسم له دلالة على الوطن حيث تتصدر العلم اللبنانى شجرة الأرز، واسم البطلة «أرزة» الوحيدة طوال الأحداث التى لا نعرف بالضبط إلى أى طائفة تنتمى، وكأنها رمز للبنان الذى يتمنى الجميع أن يتخلص من تلك القيود المقيتة.

عمق المأساة اللبنانية تستطيع أن تراها فى الطائفية التى وضعت فى الدستور لمواجهة الطائفية فصارت هى بالتحديد من يرسخ للطائفية بل وعنوانا لها، كل طائفة داخل الدين الواحد وليس فقط كل دين له فى الحياة السياسية نصيب تبعا لنسبة عدد من ينضمون تحت لوائه من السكان، مثلا رئيس جمهورية مارونى ورئيس وزراء سنى، وفى كل المواقع، صار هذا هو القانون، وقبل حتى أحداث ١٩٧٥ وهى أسوأ حرب طائفية يعيشها الوطن، تم تقسيم بيروت ما بين شرقية وغربية.

هذه المأساة لم يتم وأدها والنار تحت الرماد لم تخفت أبدا، بين الحين والآخر نراها مشتعلة بالعمق اللبنانى، اختارت المخرجة علاقة ثلاثية؛ أم وابنها وشقيقتها التى تقيم معها.

يجمعهم الحلم الكسيح غير قادر على التحقق، فى نفس الوقت لا تستسلم أرزة للواقع الاقتصادى المؤلم وتصنع مخبوزات منزلية وتستعين بابنها فى توصيلها للزبائن، وتسطو على شقيقتها حتى تحضر لابنها دراجة بخارية تساعده فى عمله، تسرق الدراجة وتبدأ وهى تبحث عن الدراجة فى تشريح المجتمع الطائفى بروح مرحة وبخفة ظل، حتى إنها تسرق دراجة ابنها من السارق، نتعاطف معها حتى فى أخطائها لأننا نثق فى حسن نواياها.

الفيلم يمنحنا فى لقطة النهاية أملا لكى يعبر لبنان الأزمة، بتلك الأعلام التى نراها فى الشارع وأيضا بحالة المرح التى نضح بها الشريط السينمائى.

مؤكد أن لجنة التحكيم التى يرأسها المخرج الفلسطينى هانى أبو اسعد تواجه مأزقا فى الاختيار، نصف الأفلام المشاركة فى التسابق من بين ١٥ فيلما، تستحق «التانيت» الذهبى، ولديها أسبابها، وننتظر مساء الغد من يحصل على «التانيت»!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السينما العربية وصراع حاسم في سباق «قرطاج» السينما العربية وصراع حاسم في سباق «قرطاج»



GMT 19:45 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

دعم السوريين في بناء ديمقراطيتهم أمر واجب

GMT 19:45 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الخوف صار هذه الناحية

GMT 19:44 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

هل يستمر الصراع على سوريا؟

GMT 19:43 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

البيضة والدجاجة في السوشيال ميديا

GMT 19:43 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

هل «حرَّر» الشرع إيران من الإنفاق على المنطقة؟

GMT 19:40 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

صناعة الاسم والنجم في دمشق

GMT 19:39 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

التغيير وعواقبه

GMT 19:38 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

نظرية ملء الفراغ

GMT 20:41 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا
 صوت الإمارات - الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا

GMT 20:34 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد
 صوت الإمارات - ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد

GMT 00:13 2020 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

ارتفاع حصيلة ضحايا زلزال تركيا "المدمر"

GMT 23:59 2019 السبت ,23 آذار/ مارس

رئيس النصر السعودي يسخر من جمهور الشباب

GMT 06:58 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

الأجهزة اللوحية في المدارس سقوط حرّ لمهارات الكتابة

GMT 15:53 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

"لينكولن" تستعيد الأناقة الكلاسيكية بطرح محدود لـ"61 Continental"

GMT 12:42 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق برنامج "Little Big Stars- نجوم صغار" على "MBC مصر" السبت المقبل

GMT 19:42 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

جامعة "هارفاد" تواجه اتهامات بالتمييز العنصري ضد الأميركيين

GMT 04:16 2014 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

عطور "الفانيلا" مطلب كل امرأة أنيقة وراقية

GMT 05:59 2017 الإثنين ,09 كانون الثاني / يناير

شركة التصنيع الوطنية تعلن عن فرص عمل في السعودية

GMT 04:34 2015 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مباحثات مغربية صينية لتعزيز التعاون في مجال الطاقة

GMT 14:52 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميم منازل صينية بديلة أكثر إنتاجية واستدامة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates