بقلم: طارق الشناوي
يحلم أحمد الفيشاوى على مدى 20 عامًا بأن يتصدر اسمه الأفيشات والتترات.. دائمًا يطارده هذا الحلم الذى يغدو من فرط إلحاحه كابوسًا.. هو الذى يسأل، وهو أيضا يتولى الإجابة.. لماذا لم يتحقق، بينما هناك من سبقوه أو جاءوا بعده بأعوام قليلة يمارسون بكل أريحية كل مميزات وصلاحيات نجوم الشباك؟.. يعتقد جازما أنه نجم شباك، بينما للشباك رأى آخر.
أحمد من أكثر أبناء الفنانين موهبة فى فن التشخيص، هذا الرأى كتبته مع أول مسلسل يشارك أحمد الفيشاوى فى بطولته (وجه القمر) قبل عشرين عاما، واختارته بالفعل بطلة المسلسل فاتن حمامة هو ونيللى كريم، رغم أن هناك ترشيحات أخرى، إلا أنها انحازت إليهما لأنهما الأكثر موهبة، أكملت نيللى وتعثر الفيشاوى،
لن تلمح حتى فى خطوات البداية أن هناك قوة دفع من الأب أو الأم، لا أحد يستطيع فرض ابنه، ولكن من حقه أن يساعده.. وحتى تلك، لن يمنحها له أبواه، أحمد الفيشاوى بالفعل ممثل موهوب ولكن لشباك التذاكر حسابات أخرى.
ينبغى أولا توافر عمل فنى يملك القدرة على الجذب. الفيشاوى مثل والده الفنان القدير الراحل فاروق الفيشاوى، لا يتمتع بتلك القدرة منفردا على الجذب، مثل عادل إمام مثلا، يجب أن يتواجد الفيشاوى فى إطار عمل فنى متكامل، أو مع نجم أو نجمة شباك، ومن الممكن أن تدفع تذكرة الدخول لنجم الشباك، وبعد أن ينتهى الفيلم تصفق للمثل القدير.
مهما حاولت أن تعثر على أسباب لتلك الحالة من النجومية، فلن تجد إجابة مقنعة، ولن يشفى غليلك شىء.. الأمر فى نهاية المطاف مرتبط بمزاج خاص لجمهور يختار نجومه الذين يقطع لهم التذكرة، ولممثليه الذين يصفق لهم بعد نهاية العرض.
الفيشاوى هذه المرة فى فيلم (عادل مش عادل) افتقد الاثنين، لا فيلم ولا أداء. أعتقد أن ما أشعل حماسه بعد أن قرأ السيناريو أنه الشخصية المحورية، وهو أمل يظل يداعب كل فنان يقف على حافة نجومية الشباك. يظل يعتقد طوال عقود متتالية أن السنارة يوما ما ح تغمز، وفى العادة يظل هو الذى يغمز للسنارة ولا تستجيب.
الفيلم يقدم شخصية محامٍ يبيع ذمته لكل من يدفع أكثر، ويعتبر موكله مجرد صفقة، يدافع عنه لو ضمن المقابل، وعلى استعداد للذهاب به إلى حبل المشنقة لو وجد من يدفع.
السيناريو تأليف حسام كمال وأدهم سعيد، وإخراج أحمد يسرى. لا أتصور أن الكاتبين أو المخرج دار بينهم حوار مسبق عما قرروا أن يقدموه على الشريط، شخصية المحامى بطبعها ثرية جدا، وتحتمل كل المعالجات التراجيدية والكوميدية.. طبعًا، فيلم رأفت الميهى الذى حمل عنوان (الأفوكاتو) ولعب بطولته عادل إمام هو أول من يحتل مقدمة الكادر، ولكن أين (عادل مش عادل) من (الأفوكاتو)، بل أين هو من فن السينما؟!.
أحمد الفيشاوى مارس فى هذا الشريط حقه المطلق فى السيطرة على الشاشة، وكان لديه إحساس بأن مجرد طلته على الكاميرا سوف تثير الضحك، قدم أكثر من مشهد يشعرك أنه ضامن أن الجمهور فى الصالة فى حالة سخسخة، بينما الجمهور يعيش حالة من النفور فى انتظار الإفراج عنه بـ (تتر) النهاية.
الفيشاوى يؤدى الدور وفى ذهنه جمهور ما لم أعثر عليه، وضحكة لم أسمعها، لم أجد ولا إيفيه (يوحد الله) يثير ولو حتى ابتسامة فاترة.. ظلمَ هذا الفيلم شيرى عادل التى تعود بعد غياب، شىء ما فى ملامحها صار مهزوما، وقفت أمام الكاميرا وهى تماما خارج نطاق الإبداع.
صار حضور أحمد الفيشاوى فى تلك الأفلام يؤكد استمرار غيابه!.