وجهك في المرآة أم وجهك في عيون الناس

وجهك في المرآة.. أم وجهك في عيون الناس؟!

وجهك في المرآة.. أم وجهك في عيون الناس؟!

 صوت الإمارات -

وجهك في المرآة أم وجهك في عيون الناس

بقلم: طارق الشناوي

الفيلم الأمريكى (رجل مختلف) يملك فيضًا من الشحنات العاطفية يدفعك لا شعوريًا للتوحد مع الشاشة، فى ظل حياة صارت تدفع النساء والرجال- كل بوسائله- للبحث عن ملامح نموذجية تعارف عليها المجتمع باعتبارها هى (ترمومتر) الجمال، ومع مرور الزمن تتغير تلك المرجعية، وربما تنقلب المقاييس، وما كان يعد نموذجًا للجمال يصبح مؤشرًا يدل على أقصى وأقسى درجات القبح، يكفى أن نطل مثلًا على جميلات القرن العشرين لندرك أن القرن الواحد والعشرين طرح لنا مقومات أخرى.


البطل فى العقد الخامس من عمره سيباستيان ستان أصيب بما يعرف علميا بتليف فى العصب الليفى، وأدى إلى تشوهات حادة فى الوجه تعبر عن نفسها عند النظرة الأولى، وقطعًا رد الفعل يختلف بين البشر، كما أن البيئة والثقافة التى ننشأ فيها تؤثر على تقبلنا لهذا الاختلاف فى الشكل، ولا يستمر الأمر طويلًا، سرعان ما نألف ذلك، إن اختلفت قطعًا قدرة كل منا على التسامح والتقبل للآخر بما هو عليه، وليس بما نريده أن يصبح عليه.

البطل هنا، وتلك هى المفارقة، ممثل، أى أن ملامحه تعتبر واحدة من أهم القوة الضاربة التى يمتلكها، وتلعب دورًا رئيسيًا فى إتاحة فرص العمل فى المسلسلات والأفلام والإعلانات.

المخرج أرون شيمبرج أكد، فى المؤتمر الصحفى، أنه كان يقف فى نفس الدائرة التى عليها البطل، أى أنه يروى جزءا من حياته، وولد بقدر من التشوهات فى الوجه واستعاد معاناة البطل، لأنها أيضا معاناته فى مرحلة الطفولة، قبل أن يجرى واقعيًا جراحة تجميل، لمعالجة التشوه.

كثير من الأفلام العالمية توقفت عند تلك النقطة، أشهرها (الرجل الفيل)، ولدينا محليا فيلم (يوم الدين) لأبوبكر شوقى، والذى مثل السينما المصرية رسميا فى مهرجان (كان)، قبل نحو خمس سنوات، ستجد فيه ملامح من هذا الفيلم، عندما أسند أبوبكر البطولة لمريض بالجزام، وحصل بطل الفيلم على أكثر من جائزة فى مهرجانات أخرى.

من خلال المؤتمر الصحفى فى برلين، الذى عقد لفيلم (رجل مختلف)، اكتشفت أن الاستعانة بمريض يعانى تشوهًا ما للوقوف أمام الكاميرا يعتبر خطأ يجرمه القانون، لأنه ينطوى على استغلال للمعاناة، والأمر يحتاج إلى التقدم بطلب لتحقيق ذلك، وفق شروط محددة مسبقا، وكانت الشروط هى أن يشارك بطل الفيلم سيباستيان ستان، ممثل آخر مريض يعانى بالفعل من تلك التشوهات، وهو أدم بيرسون، وأعتقد أن المخرج كتب السيناريو وفقا لتك المعطيات التى فرضها القانون الأمريكى، ممثل محترف يؤدى الشخصية قبل وبعد إجراء الجراحة، وممثل يعانى بالفعل من هذا التشويه ويتعايش معه، الممثل الأول كان من المفترض أن يؤدى هذه الشخصية بالفعل فى عمل فنى، ولكن بعد إجرائه الجراحة التجميلية أصبح لا يصلح لأداء الدور، ولهذا أسند دوره لمريض لا أقول يعانى بقدر ما هو يعايش الحالة التى أصيب بها، وصارت لا تشكل فقط ملامحه، بل مصيره، فهى مصدر حياته ورزقه، بل وجوده وكيانه، وهكذا نجد الممثل المحترف بعد إجرائه الجراحة لديه إحساس بالغيرة من صاحب الوجه المشوه، بل يحتفظ فى بيته بقناع يرتديه بين الحين والآخر.

تتعدد وتتباين ردود الفعل، جارة بطل الفيلم سيباستيان، التى كانت تربطها به علاقة دافئة قبل إجرائه عملية التجميل، لم تتغير مشاعرها نحوه، فهو لا يزال يحظى بنفس المكانة قبلها وبعدها، ولكن قطعًا بعد العملية- عملية التجميل- صار (جان) بمقياس السينما، وله معجبات، ولكن إلى أى مدى سيتعايش مع ملامحه الجديدة؟، وهل المعاناة تتوقف أم تختلف؟، ويصبح الأمر فى النهاية مرتبطًا بقدراتنا على القناعة بما نملكه، فهو رأسمالنا، كما أن للآخرين أيضا رأسمالهم.

ربما يبدو السيناريو للوهلة الأولى خاضعًا لتلك الحالة الهندسية (السيميترية)، أقصد التماثل، عندما يتوافق عنصران وفى نفس الوقت يتضدان فى الاتجاه، بل أراد الكاتب والمخرج أيضًا أن يحيل الأمر إلى رؤية مباشرة تتجاوز الخيال إلى الواقع، عندما نرى أمامنا بالفعل بطلًا حقيقيًا على الشاشة يعانى فى حياته من نفس المرض، وغالبًا فإن تلك التشوهات جزء منها من الناحية الطبية يتم علاجه بالتدخل الجراحى مثل بطل الفيلم، وجزء آخر يصبح الحل الوحيد هو التعايش الذى نراه فى حالة الممثل الذى يعانى حقيقة تلك التشوهات ويعيش الحياة بكل أطيافها، بل يتعرض إلى غيرة من بطل الفيلم الذى أصبح وسيما فى الملامح، بينما انتقل التشوه من وجهه إلى روحه.

الاستوديو يعتبر فى هذا الفيلم هو أكثر الأماكن المحورية، حيث يتقمص كل فنان دوره، الشخصية المحورية الذى كان ينظر إليه باعتباره (كاركتر) يلعب أدورًا ثانوية، أو يشارك فى إعلانات متواضعة تنقلب حياته ويصبح بطلًا بعد الجراحة، إلا أنه يجد أن أدواره السابقة صارت لممثل آخر يعيش الحالة واقعيًا، ويختلط عليه الأمر، بعد ذلك هل ما يراه فى المرآة هو وجهه الحقيقى، أم أنه عندما يضع قناع التشويه يتعايش مع هذا الوجه ويصدقه، فهو ليس فقط وجهًا بقدر ما هو روح تعبر عن حقيقة.

استطاع هذا الفيلم اختراق الحاجز الوهمى بين الشاشة والجمهور، فهو يقدم صراعًا على الشاشة أنت جزء منه، مرة بملامح وجهك وسيمًا أم مشوهًا، وأخرى بما تنضح به روحك القانعة أم المشوهة، وعليك أن تختار إلى أين تقف، هل تختار القناعة أم القناع؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وجهك في المرآة أم وجهك في عيون الناس وجهك في المرآة أم وجهك في عيون الناس



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 21:47 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالله بن زايد يستقبل وزير الشؤون الخارجية في الهند
 صوت الإمارات - عبدالله بن زايد يستقبل وزير الشؤون الخارجية في الهند

GMT 21:21 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك
 صوت الإمارات - الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 21:21 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد
 صوت الإمارات - نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد

GMT 21:21 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات
 صوت الإمارات - غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات

GMT 14:49 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

محلات "pinkie girl" تطرح فساتين مخملية في شتاء 2018

GMT 06:04 2015 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

التنورة المطبّعة تمنح المرأة العاملة الأناقة والتميّز

GMT 12:39 2015 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيندي" تكشف عن ساعة "سيليريا" الجديدة للمرأة المثالية الأنيقة

GMT 20:36 2013 السبت ,06 إبريل / نيسان

مراحل التطور الجسمانى عند الطفل

GMT 09:26 2018 الخميس ,01 شباط / فبراير

منزل إيلي صعب الجبلي في لبنان فخم وضخم

GMT 12:43 2014 السبت ,11 تشرين الأول / أكتوبر

غرفة الشارقة تشارك في معرض جيتكس 2014

GMT 22:09 2013 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

مؤشر عقار أبوظبي يربح 23% منذ بداية 2013

GMT 07:41 2013 الجمعة ,11 كانون الثاني / يناير

بدء المرحلة الثانية من مساكن "وادي كركر"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates