إيران من الحصانة إلى ضرب رأس الأخطبوط

إيران... من الحصانة إلى ضرب رأس الأخطبوط

إيران... من الحصانة إلى ضرب رأس الأخطبوط

 صوت الإمارات -

إيران من الحصانة إلى ضرب رأس الأخطبوط

بقلم - سام منسى

تشهد المنطقة في هذه المرحلة مؤشرات متناقضة: بعضها يشي بحماوة متزايدة لنزاعات متفجرة وأخرى محتقنة، والبعض الآخر يتراوح بين تفاهمات مرحلية وتبريد جبهات وتسويات عبر فض نزاعات مزمنة أو تدعيم حصانة أنظمة ومعالجة جروح مؤلمة لم تندمل خصوصاً بينها وبين الولايات المتحدة.
المقبل من الأيام كفيل بتوضيح الصورة، إنما تناقض المؤشرات لا يغيب التصعيد المحسوس بوتيرة ضاغطة شبه يومية؛ شقه الأول ما يجري بين إيران وإسرائيل، والثاني مرتبط به جزئياً وهو أحوال الداخل الإيراني وتداعياته على محور الحلفاء والأدوات الخاضعة لنفوذ طهران الحيوي لها.
الملاحظ هو تزايد وتيرة العمليات ونوعيتها داخل إيران التي قد تكون إسرائيل وراءها، من اغتيالات شخصيات بارزة تعمل في المجال النووي وغيرهم من عسكريين وعلماء على اختلاف مستوياتهم. بالطبع، لعل هناك الكثير لم يكشف عنه بعد والنظام الإيراني قادر على التغطية والتورية وإخفاء الحقائق. أما بشأن نوعية العمليات، فقد كشفت مؤخراً تصريحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي أن بلاده قررت وضع حد للسياسة القديمة تجاه إيران بشكل استراتيجي والكف عن التعاطي معها فقط من خلال ضرب أذرعها «بسبب ما تتمتع به من حصانة». وقال: «لم نعد نركز على استهداف الأذرع مع وكلاء إيران، بل أنشأنا معادلة جديدة قائمة على التوجه (لرأس الأخطبوط مباشرة)»، مضيفاً: «اليوم انتهى عصر حصانة النظام الإيراني». ما يلفت في هذا التصريح نقطتان؛ الأولى هي الإعلان الصريح عن تغيير المقاربة الاستراتيجية، والثانية هي الاعتراف المستغرب بأن إيران كانت تتمتع بحصانة رُفعت عنها الآن، من دون أن يفهم المتابع سبب هذه الحصانة أصلاً ولماذا سقطت اليوم.
التوجه «لرأس الأخطبوط مباشرة» وسقوط الحصانة قد يؤدي إلى دخول المنطقة منعطفاً جديداً نحو نزاع إقليمي واسع لن يقتصر على إيران وإسرائيل، وأول من سيصيب هم لبنان وسوريا وربما العراق، ولن يكون في أي حال من الأحوال لصالح دول المنطقة وأهلها.
هذه المستجدات تستدعي التساؤل عما وراءها ولماذا الآن، علماً بأن إيران تمارس منذ عقود وبلا كلل تمددها وعبثها بأمن عدد غير قليل من دول جوارها بدون مراعاة لخصوصيات أو حرمات أو سيادة أو حسن جوار أو التزام باتفاقات، ومن دون أن تواجه بما يتلاءم من ردود، بحيث باتت لا تخشى أي عواقب وأصبحت الآمرة الناهية في أكثر من دولة عربية.
ولا حاجة للقول إنه ربما آن الأوان لوضع حد للتمادي الإيراني سواء من دول الإقليم، لا سيما المتضررة منها، أو الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة التي شغلها هاجس الاتفاق النووي منذ أكثر من عقد.
ونكرر هنا ما ذكرناه سابقاً بأن إيران «باعت جلد الدب قبل صيده» إلى واشنطن وأوروبا، وخربت عبر التهديد والوعيد بتخصيب اليورانيوم ومستوياته أمن واستقرار أربع دول مباشرة وهددت أمن غيرها.
إضافة إلى أن الكيل قد طفح من ممارسات إيران، يبدو أن عاملاً حاسماً آخر ظهر على السطح، وهو التراجع الكبير لفرص العودة الأميركية إلى الاتفاق النووي، وتكثيف تصريحات إسرائيل عن اقتراب طهران من امتلاك الأسلحة النووية، والحديث عن استراتيجية إسرائيلية جديدة لاستهداف إيران. كل ذلك يفيد بأن تل أبيب قد تكون أضحت في شبه يقين أنه يتعذر على إدارة بايدن المضي في الاتفاق بالشروط الإيرانية وسط تماديها بالتخصيب، ما يجعل العودة إليه بلا جدوى. يضاف إلى ذلك عوامل كثيرة جانبية تبدأ من الحرب في أوكرانيا إلى العلاقات مع موسكو وتأثيرها على مسار المفاوضات وحاجة أميركا إلى حلفائها المتخوفين من اتفاق بصيغة سنة 2015، وتأثير أحوال الداخل الأميركي على أداء الإدارة قبل أشهر قليلة من انتخابات نصفية قد تؤثر سلباً على مسارها وفاعليتها إذا خسر الديمقراطيون أحد المجلسين.
أما في مقلب الداخل الإيراني، فتجدر الإشارة إلى أن أسباب الحوادث التي يكثر وقوعها في منشآت عدة قد تكون داخلية وهي بشقين؛ قسم ناتج عن الاهتراء الذي أصاب هذه المنشآت بسبب غياب الصيانة وإجراءات الوقاية والكفاءات المهنية والعلمية جراء الأوضاع الاقتصادية والمالية الصعبة التي تعيشها إيران بعد سنوات طويلة من العقوبات الدولية عليها. ولا بد هنا من الاعتراف بجدوى سياسة العقوبات وعدم الاستهانة بنتائجها. في القسم الآخر من الأسباب، تبرز أدوار المعارضة الداخلية التي يحركها تفاقم سوء الأوضاع الاقتصادية من جهة والتظلم من رداءة الحياة السياسية وقسوتها وتنامي قمع الحريات الفردية وحقوق الإنسان والمشاركة السياسية. وهذه أمور تعود لأكثر من أربعين سنة هي عمر حكم الملالي لإيران.
النظام الإيراني يرفض الاعتراف بهذه الوقائع في وقت يعجز فيه عن تقديم الخدمات الأولية البديهية للناس المنتفضين في أكثر من مدينة، حتى أن أمن الموالين له على اختلاف مراتبهم ووظائفهم أصبح مخترقاً من إسرائيل أو غيرها ومن المعارضين المحليين. إضافة إلى أدوار المعارضة الداخلية المتنامية، لا يغيب التوتر الناجم عن من يخلف المرشد الأعلى، وتمادي «الحرس الثوري» في فرض سطوته على صناعة القرار.
وهذا ما يفسر إلى حد ما عدم إفادة إيران من الهرولة الأميركية للعودة إلى الاتفاق ورفع العقوبات جراء تباينات مراكز القوى في الداخل الإيراني لا سيما مع «الحرس الثوري». والمرجح أن تتعرض إيران لمزيد من الضغوط بعد علامات التحول الإيجابي في سياسة واشنطن تجاه حلفائها والتي سوف تترجمها زيارة بايدن في يوليو (تموز) المقبل إلى المملكة العربية السعودية.
كل هذه العوامل مجتمعة تدفع باتجاه يميل إلى حال من المراوحة واللااستقرار في أحسن الأحوال إثر إعلان فشل الدبلوماسية، وصدق ما عبر عنه المبعوث الأميركي الخاص روبرت مالي في شهادته أمام مجلس الشيوخ، حين اعتبر أن «الأمل في التوصل إلى اتفاق ضعيف جداً»، ما سيؤدي إلى مضي طهران في المشروع النووي مع ما يستجر ذلك من ردود فعل إسرائيلية وغير إسرائيلية سترد عليها إيران كعادتها في اليمن وسوريا ولبنان والعراق. الأكثر رجحاناً أن الساحة السورية هي المكان الأنسب للرد على عكس ما تردده بعض الأوساط من أن إيران باتت مقتنعة من خروجها من الجنوب السوري.
البعض الآخر يرجح العكس؛ حيث تبقى الحدود الشمالية لإسرائيل والجولان المحتل، هو الساحة الأكثر أماناً إذا رغب الطرفان الإسرائيلي والإيراني في سقوف منخفضة للنزاع لا سيما في هذا التوقيت الحساس والصعب لأميركا في الداخل والخارج معاً.
تل أبيب كانت ترغب في نجاح مفاوضات فيينا لترفع عن كاهلها في هذه الأوقات مواجهة مع إيران غير مرغوبة أميركياً وأوروبياً. إيران أيضاً كانت تمنّي النفس برفع العقوبات، فغلب الواقع أماني الطرفين وتبقى البدائل المتاحة أمامهما محصورة بنزاع إقليمي واسع أو على غرار ما تشهده المنطقة حالياً، لا سيما سوريا من عمليات عسكرية قد ترتفع وتيرتها وتنخفض تبعاً للظروف وعلى وقع قناعة راسخة لدى الطرفين بأن كليهما لا يفهم إلا لغة القوة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران من الحصانة إلى ضرب رأس الأخطبوط إيران من الحصانة إلى ضرب رأس الأخطبوط



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

النجمات يتألقن في فساتين سهرة ذات تصاميم ملهمة لموسم الخريف

القاهرة - صوت الإمارات
ننتظر إطلالات النجمات الأسبوعية للإستلهام منهن أجدد صيحات الموضة الرائجة، خاصة في المناسبات. فالنجمات تحبذن اختيار اجدد التصاميم الرائجة من أشهر العلامات التجارية والمصممين العرب والعالميين. وفي جولتنا لهذا الأسبوع، رصدنا لكم العديد من الإطلالات التي لفتتنا، بين النقشة البرية التي راجت جدا لهذا الموسم الى جانب الفساتين المرصعة بحبات الترتر اللامعة، فدعونا نلقي نظرة على إطلالاتهن لتستلهموا منهن. إطلالة الفنانة وعد بفستان سهرة مطبع بالورود النجمة السعودية وعد أبهرتنا بأحدث اطلالاتها في حفل غنائي لها خلال إحيائها حفلة لأحد الأعراس، مرتدية فستاناً أنيقاً وفخماً مرصعاً بحبات الترتر اللامعة. تألف الفستان من قطعتين، القطعة الأولى جاءت على شكل تصميم حورية البحر مع الفتحة العميقة عند الصدر المغطاة بقطعة قماش من الشيفون، وال...المزيد

GMT 22:44 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

طيران الإمارات تتوج بلقب أفضل ناقلة جوية في العالم
 صوت الإمارات - طيران الإمارات تتوج بلقب أفضل ناقلة جوية في العالم

GMT 22:42 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

رئيس الإمارات محمد بن زايد يصل إلى موسكو في زيارة رسمية
 صوت الإمارات - رئيس الإمارات محمد بن زايد يصل إلى موسكو في زيارة رسمية

GMT 15:44 2017 الأحد ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"لانكوم" تُعلن عن عطر جديد للنساء في عام 2017

GMT 17:16 2015 الأربعاء ,11 شباط / فبراير

"لا تنس الهدهد" رواية جديدة لفؤاد حجازي

GMT 21:26 2014 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نجمة المغربية تقدم تشكيلة من الفساتين لعشاق الموضة

GMT 20:13 2013 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

جامعة الإمارات تستقبل دفعة جديدة من طلبة الدكتوراه

GMT 06:43 2013 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

معرض المشاريع الكبرى في جدة يشارك في عكاظ 7

GMT 01:12 2016 الأحد ,06 آذار/ مارس

منزل ساحر يجمع بين الأصالة والإبتكار

GMT 22:20 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

كأس آسيا " المنتخب السعودي الأولمبي يلتقي ماليزيا الثلاثاء"

GMT 19:59 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

عاصمة كوريا الجنوبية تنفي فضيحة محطات الطاقة الإماراتية

GMT 18:51 2013 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

"القصبة" موقع إلكتروني جديد للحكومة التُّونسيَّة

GMT 11:10 2013 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

الجراد يدمر شجر المانجروف في محمية رأس محمد

GMT 22:36 2012 الأحد ,30 كانون الأول / ديسمبر

"الوهج" رواية جديدة لـ أماني خليل عن "روافد"

GMT 10:38 2017 الجمعة ,15 أيلول / سبتمبر

Chance من "شانيل" عطر خريفي بامتياز لإظهار أنوثتك

GMT 09:11 2017 الأحد ,23 إبريل / نيسان

جزيرة "بربجاني" تحتوي على شاطئ سحري صغير
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates