عواقب النكران واللهو السياسي مرة أخرى

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

 صوت الإمارات -

عواقب النكران واللهو السياسي مرة أخرى

بقلم - سام منسى

في المقال السابق، تحدثتُ عن النكران واللهو السياسي في لبنان؛ توصيفاً لحال اللبنانيين وسط عواصف المنطقة، دون التطرق إلى نتائجها؛ خصوصاً أن البلاد تواجه مع بداية السنة الجديدة أربعة استحقاقات مصيرية مترابطة، سيؤدي الفشل فيها لتداعيات وخيمة على المستقبل، وربما على الكيان.

أول الاستحقاقات هو انتخاب رئيس للجمهورية بعد فراغ دام أكثر من سنتين، وموعده التاسع من يناير (كانون الثاني). ماذا لو فشل نواب الأمة في انتخاب رئيس؟ الذيول المتأتية ستكون كارثية؛ ليس بسبب مساوئ الفراغ فحسب؛ بل لأنه سيكون بمثابة إشهار لما بات شبه مؤكد لدى المراجع الرئيسة العربية والأجنبية، وبخاصة الصديقة للبنان، بعدم قدرة الطائفة المارونية بخاصة، والمسيحيين بعامة، على إيصال شخصية مارونية إلى سُدَّة الرئاسة، بفعل عوامل بات تردادها مملّاً وممجوجاً، وتعزيز الرأي القائل بعجز اللبنانيين عن إدارة شؤونهم بأنفسهم.

من جهة، يفتح ذلك الباب لسيل من الأطروحات والتدخلات الأجنبية، في وقت تتجه فيه الأنظار إلى قضايا أكثر إلحاحاً وأهمية في المنطقة، أولها المتغيرات في سوريا ومستقبلها بعد سقوط نظام الأسد وتداعياته على الإقليم. ومن جهة أخرى، سيظهر جلياً أنه لا مساحة متاحة في لبنان لعودة الدولة، ليبقى التعاطي معه مقتصراً على أشخاص وليس على ممثلي مؤسسات شرعية.

الاستحقاق الثاني هو تنفيذ القرار الأممي 1701 بمندرجاته كافة، مع اقتراب انتهاء مهلة الستين يوماً؛ حسب اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» برعاية أميركية. بقي نحو 27 يوماً ولم يباشر الجانب اللبناني التنفيذ؛ لا جنوب الليطاني ولا شماله، ولا مؤشرات توحي بالقدرة على ذلك أو الرغبة، أو الاثنين معاً. كل تصريحات قياديِّي «حزب الله» توحي بأنه يتعامل مع الاتفاق كخطوة تكتيكية مؤقتة، أكثر من كونه باباً لتسوية دائمة، وأن عليه «إخفاء المظاهر المسلحة في جنوب الليطاني»، وأنه يستطيع التوفيق بين «الإخفاء» و«الحفاظ» على السلاح. كل ذلك سيؤدي -بحده الأدنى- إلى بقاء الاحتلال للقرى الجنوبية الحدودية، وبحدِّه الأقصى إلى عودة الحرب التي قد لا تقتصر على ما تبقى من بنية «حزب الله»؛ بل تطول منشآت حكومية وبُنى تحتية في مختلف المناطق اللبنانية، كونها لم تحقق أهدافها؛ أي خروج الحزب من جنوب نهر الليطاني، وعودة سكان بلدات وقرى شمال إسرائيل إلى بيوتهم. في الحالتين، سيستعيد «حزب الله» حجة استمرار المقاومة للتحرير.

تلكؤ الدولة اللبنانية في تنفيذ القرار 1701 يُدخلنا إلى الاستحقاق الثالث، وهو إمكانية معاودة المفاوضات الأميركية- الإيرانية ونتائجها بعد تسلُّم دونالد ترمب مهامه. تدخل إيران المفاوضات بحُلَّة مختلفة عن السابق، بعد المتغيرات الناتجة عن حربَي غزة ولبنان والحدث السوري؛ خصوصاً أن هذه الأحداث أظهرت أن مشروع محور المقاومة لم يكن يستند إلى أسس استراتيجية صلبة. سلوك السلطة والسياسيين اللبنانيين لا يحصن لبنان من نتائج المفاوضات التي ستركز أولاً على الملف النووي وثانياً برنامج الصواريخ الباليستية وثالثاً أدوار حلفاء إيران. كل ذلك يؤدي الى تمسك طهران أكثر بما تبقى من ورقة حزب الله مع محاولة إستعادة بعض من استثمارها في سوريا.

لن تتحقق هذه الحصانة من دون تطبيق القرار 1701، عبر تكثيف وتفعيل ضغوط القوى المناهضة لـ«حزب الله» في الداخل، ومع الدول الصديقة العربية والأجنبية، للتمكن من تنفيذ الاتفاق وضبط الحدود وتفكيك بنية «حزب الله» العسكرية بالكامل، وحصر السلاح بالقوى الشرعية، وتحوُّل الحزب إلى تنظيم غير مسلح، يمثل مكوناً رئيساً من مكونات لبنان.

الاستحقاق الرابع هو العلاقات اللبنانية- السورية بعد نظام الأسد. أي مقاربة سوف تُعتمد لمستقبل هذه العلاقات وتاريخها مثقل بالمآسي والأزمات والجراح؟ هل ستكون مقاربة واعية وواقعية قائمة على عدم تدخلهما بشؤون بعضهما؟ أم ستعود معزوفة حلف الأقليات والخوف من التطرف، لتنقل بندقية المقاومة من جنوب لبنان إلى شرقه وشماله، وتتحول المقاومة إلى مشروع أبدي؟!

إلى هذا، مصير أكثر من مليون نازح سوري قديم، أكثرهم من المعارضين في لبنان، ونحو 130 ألفاً من النازحين الجدد من أتباع النظام السابق، يحتم وجود مؤسسات فاعلة وواعية يفتقرها البلد. سيزداد خطر القنبلة الموقوتة التي يشكلها هؤلاء؛ إذ لا نعرف متى وكيف تنفجر وتهدد النازحين أنفسهم ولبنان واللبنانيين.

بقاء حال النكران واللهو السياسي في لبنان بعد كل زلازل المنطقة، وأربعين يوماً على سريان اتفاق وقف إطلاق النار، لا يبشر بالخير. ويبدو أن الغياب المرضي للإحساس بالواجب والمسؤولية السياسية والوطنية لدى سياسيِّيه مستمر، كما نهج إضاعة الفرص التي تسمح بعودة الدولة والمؤسسات. لا ندعو إلى الشماتة أو الغلبة؛ بل إلى التضامن الوطني الذي يبدأ مع وحدة القوى المعارضة، لتتمكن من احتضان الطائفة الشيعية والعقلاء من «حزب الله». من دون ذلك تصعب مواجهة المقبل من تطورات في الجوار اللبناني وما بعده، ووضع حد لعصر الاحتلالات والوصايات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عواقب النكران واللهو السياسي مرة أخرى عواقب النكران واللهو السياسي مرة أخرى



GMT 14:52 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

مفكرة القرية: الإلمام والاختصاص

GMT 14:51 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الأشقاء السوريون!

GMT 14:50 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الجهاز الإدارى للدولة

GMT 14:50 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

فيديوهات غبية في هواتفنا الذكية!

GMT 14:49 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 14:48 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الهجوم الإخواني على مصر هذه الأيام

GMT 14:47 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 14:47 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد الميلاد المجيد... محرابٌ ومَذبح

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 17:02 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

احذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق

GMT 21:27 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الاضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 17:31 2015 الخميس ,29 كانون الثاني / يناير

عملية قذف النساء أثناء العلاقة الجنسية تحير العلماء

GMT 04:40 2015 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

اختاري أفضل العطور في ليلة زفافكِ

GMT 00:04 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

هدف ثالث لفريق برشلونة عن طريق فيدال

GMT 09:12 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

لامبورجيني أوروس 2019 تنطلق بقوة 650 حصان ومواصفات آخرى مذهلة

GMT 20:46 2014 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"الكتاب" يوجه التحية إلى سلطان لرعايته معرض الشارقة

GMT 14:58 2016 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

البصري يطالب "المركزي" العراقي بالحدّ من منح إجازات مصرفية

GMT 02:08 2016 السبت ,16 إبريل / نيسان

اختاري عطرك بحسب شخصيتك

GMT 10:38 2013 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

بروتوكول لإنشاء محطة لتحلية مياه البحر بقيمة 200 مليون جنيه

GMT 23:49 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

تتويج السوري عمر خريبين كأفضل لاعب في آسيا لعام 2017

GMT 11:51 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ماكرون يشيد بجهود شما المزروعي في دعم الشباب

GMT 03:12 2016 الأربعاء ,13 إبريل / نيسان

كعكات الموز والشوفان الصحية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates