الحب في القلوب لا في الدبدوب

الحب في القلوب لا في الدبدوب!

الحب في القلوب لا في الدبدوب!

 صوت الإمارات -

الحب في القلوب لا في الدبدوب

بقلم - خالد منتصر

 جملة همست بها وأنا أرى إقبال الشباب على شراء الدمى الحمراء الشهيرة فى عيد الحب، وتساءلت هل نحن بالفعل نحب الحب؟ هل نحن نتمنى أن نعيش قصة الحب، أم نمثل فقط الحالة ونرتدى أقنعة الحب الجاهزة التى شاهدناها فى بعض الأفلام وسمعنا عنها فى الإذاعة وقرأناها فى رسائل المحبين؟ هل نحن نفخر بأننا فى علاقة حب أم أننا نخجل ونخاف من الإعلان والإفصاح والكشف؟ هل نحن فى حالة عشق وهيام وغرام أم أننا نعيش حالة فوبيا حب مزمنة، ورعب من الحميمية؟ أسئلة كثيرة لا بد أن نصارح أنفسنا بها، وبجرأة وصراحة ومواجهة للنفس، نحن أكثر شعوب الأرض كتابة لأشعار الحب وملاحم العشاق، لكننا أكثر الشعوب رعباً من تهمة الحب، مسموح فى السر وفى الكواليس وفى حضن الظلام ومع خرس الحنجرة وصمت النبض، لكنه مقموع فى العلن وممنوع فى النور، آخر موضة فوبيا عربية من الحب كانت منذ أيام فى المغرب، فقد هوجمت بضراوة شركة مغربية متخصصة فى إنتاج البسكويت عبر مواقع التواصل الاجتماعى، وشنت حملات شرسة عليها بسبب عبارات وضعتها الشركة على غلاف أحد أنواع البسكويت الذى تنتجه، واعتبر البعض أن هذه العبارات خادشة للحياء وتستهدف أخلاق الناشئة! كلمات مثل مانقدرش ننساك، توحشتك، وراك، دايماً فى قلبى.. إلخ، اعتبرها الكثيرون خطيئة تستحق السجن والسحل وأحياناً الشنق! هذه الفوبيا ليست حديثة وليست مقصورة على بقعة معينة فى وطننا العربى، ولكنها ممتدة فى عمق الزمان واتساع المكان، هناك قوم رفضوا الصلاة على جثمان نزار قبانى فى لندن لأنه شاعر الحب! وهناك من طالب بمنع إحسان عبدالقدوس من الإذاعة لأنه قال فى نهاية برنامجه تصبحوا على حب! وهناك من شطب كوبليه «لسه شفايفى شايلة سلامك» من أغنية العندليب! وهناك من أغلق نافذة «اعترافات ليلية» فى أحد البرامج منذ حوالى عشرين سنة لأنها فضفضات فسق، وهو الاسم الحركى للحب! من الممكن أن يرد شخص معلقاً وإيه يعنى فايدة الحب فى مجتمع عايز يوفر لقمة العيش ويبنى اقتصاده؟!، ببساطة المجتمع الكاره للحب لا يستطيع أن يصنع ديمقراطية، المجتمع المرعوب من لمسة يد محب لمحبوبته لن ينهض باقتصاد أو تكنولوجيا، المجتمع المرتعش من قُبلة فى فيلم أو يصادر رواية من أجل حضن من الممكن أن يوفر لقمة العيش لكنها ستكون مغموسة فى المرارة والتبلد، الحب ليس من الممنوعات التى لا بد أن تصادر فى المطارات والموانئ بل هو أوكسجين يجب أن يسكن كل القلوب والحجرات والحدائق والدروب والمسام، من أجمل المحاضرات التى قرأتها عن الحب محاضرات أستاذ إيطالى اسمه ليو بوسكاليا قرر أن يعطى فى أمريكا كورسات لتعليم كيف تحب!، يؤكد «بوسكاليا» أن الحب سلوك مكتسب، وهو ما يناقض البديهيات التى تربينا عليها، وهى أن الحب سلوك فطرى يقترب من الوظائف البيولوجية مثل الأكل والتنفس، وأكد أيضاً أن الحب مشاركة وليس عطاء بلا حدود، فهو لا يعيش فى يوتوبيا مزيفة وإنما يقرأ واقعاً حياً نابضاً، حاول معه أن يحذرنا من أننا بالفعل نعيش مع بعضنا البعض ولكننا جميعاً نموت من الوحدة، البداية لكسر هذه الوحدة الباردة أن نكون أنفسنا، فقديماً رفع شعار «اعرف نفسك»، ونحن حالياً نرفع شعار «كن نفسك»، ولا تندهش عزيزى القارئ وتتساءل: ما أنا نفسى أمال أنا مين؟، والإجابة للأسف أنت لست نفسك ولكنك النموذج الذى يريده المجتمع لك فى أثناء صناعته لخرافة المواطن الصالح، فأثناء طفولتك مثلاً وحين تطلب منك مدرسة الرسم أن ترسم شجرة فأنت تحصل على إعجابها وعلى درجتها النهائية حين ترسم شجرتها هى وليست شجرتك أنت، وتظل طوال حياتك ترسم شجرات الآخرين وتسير فى طرقهم المعبدة، وتسكن فى مساكن أفكارهم المعلبة سابقة التجهيز، فالبداية الصحيحة والسليمة هى أن تهرب وترسم شجرتك أنت، وتضحك حين تريد أن تضحك وتبكى حين يخنقك البكاء، وفى هذا المعنى يكتب ليو بوسكاليا: لا حاجة بنا لأن نخشى أن نلمس، وأن نشعر، وأن نبدى الانفعال، إن أيسر شىء فى الدنيا هو أن تكون كما أنت، وإن أشق شىء تكونه هو ما يريدك الآخرون أن تكونه، هل نحن نحتاج كمجتمعات عربية إلى كورسات فى الحب من «بوسكاليا»؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحب في القلوب لا في الدبدوب الحب في القلوب لا في الدبدوب



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates