وداعا أستاذنا الرخاوي

وداعا أستاذنا الرخاوي

وداعا أستاذنا الرخاوي

 صوت الإمارات -

وداعا أستاذنا الرخاوي

بقلم - خالد منتصر

د. يحيى الرخاوي كانت له مدرسة خاصة فى الطب النفسى تقف على مشارف الإبداع الأدبي، وكانت له محاولات أدبية وروائية وشعرية لها تفردها، تعرفت عليه من خلال صديق دفعة عمل عنده فى مستشفى المقطم فى بداية حياته ووقع فى حب مريضة مدمنة، وعندما علم د. يحيى الرخاوى جاء به إلى مكتبه وقرّعه وعنّفه قائلاً: «انت مش حتنفع طبيب نفسى، اللى يقع فى حب مريضة نفسية أثناء علاجها يبقى مش عارف يضع المسافة الصح عشان يقدر يعالج، المسافة دى لو راحت واختلطت الأمور حتفشل حتماً فى علاجها، أنت بكده بتضرها مش بتعالجها»، ثم أنهى تعاقده، قلت وقتها إن «د. الرخاوى ظلم صديقى والحكاية ماكانتش تستاهل»، لكن عندما كبرت قليلاً عرفت أنها تستاهل، وأن الطبيب النفسى عشان يعمل كونترول على مريضه لا بد من تلك المسافة الافتراضية.

بعدها سمعته وهو يحكى حكايته مع السباحة وأنه تعلمها وهو فوق الستين!! حسدته على قوة إرادته، انعكس هذا على طريقة علاجه للصدمة النفسية التى حدثت لنجيب محفوظ بعد حادث طعنه فى رقبته وشلل اليد عن الكتابة، أعاده الرخاوى بتمرينات الإرادة والإصرار لأنه كان على ثقة من أن حرمان نجيب محفوظ من الكتابة هو الموت بعينه.

كتب بعدها نجيب محفوظ «أحلام فترة النقاهة» والتى كانت درة فلسفية تقطر حكمة.تعلمنا منه فى شبابنا من خلال المجلة التى كان يصدرها على نفقته عن الطب النفسى والتطور، والتى كانت تمثل وجبة ثقافية دسمة وليست مجرد موضوعات طبية أكاديمية.يقول عن لقائه بنجيب محفوظ بعد الحادث:كلمنى المرحوم أ.د. سامح همّام (الذى أجرى له الجراحة بعد الحادث)، وهو أستاذى وصديقى، وسألنى: هل زرتَ الأستاذ؟ فقلت له: لا، سألنى: لماذا؟، قلت له: «أنا أحب أن أحافظ على حبى له عن بُعد»، ذهبتُ - وكأن علىّ أن أطيع أوامر الشرطة - لزيارته: ذهبت طفلاً يخاف أن يواجه أباه رغم يقينه بعفوه وحبه وطيبته، طفلاً عليه أن يعود أباه ويكون تحت أمره ويطلب رضاه، لا أكثر. وصاحبته فى المستشفى كصديق ومريد لا أكثر، حتى إن الوصفة التى كتبتها له هى أنه عنده «فقر ناس» وأن علاجه فى السماح له بجرعة من محبيه وأصدقائه يومياً.

وحين عاد شيخى إلى قلعته وكأنه لم يفارقها أبداً، أخذتُ أداعبه لأول مرة منذ زرته، وردَّدت عليه قول المرحومة خالتى أنه: «يا دارى، يا ستر عارى، يا منيّمانى للضحى العالى»، مال إلى الخلف وجلجلت ضحكته التى سمعت عنها، فعشتُها بحجمها لأول مرة. شيخنا يعود إلى بيته وتعود إليه -إلينا- ضحكته، رحم الله أستاذنا العظيم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وداعا أستاذنا الرخاوي وداعا أستاذنا الرخاوي



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 صوت الإمارات - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 18:09 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميمات مختلفة لسلاسل من الذهب رقيقة تزيدك أنوثة

GMT 11:26 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

الصين تتسلم الدفعة الأولى من صواريخ "أس-400" الروسية

GMT 16:28 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

تسمية بافوس القبرصية عاصمة للثقافة الأوروبية

GMT 18:36 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 12:16 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 17:14 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بن راشد يُصدر مرسوماً بضم «مؤسسة الفيكتوري» إلى نادي دبي

GMT 01:20 2019 السبت ,20 تموز / يوليو

نبضات القلب المستقرة “تتنبأ” بخطر وفاتك!

GMT 02:41 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

"الفاتيكان" تجيز استئصال الرحم من المرأة لهذا السبب فقط

GMT 23:19 2013 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

"Gameloft" تستعرض لعبة "Asphalt"بهذا الصيف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates