بمناسبة كأس العالم، اخترت لكم أجمل وأروع من كتب عن كرة القدم وكواليسها وتفاصيلها وسحرها وسرها، وهو الكاتب الرائع ابن أوروجواى إدوارد جاليانو، هذه بعض اقتباسات كتابه الجذاب «كرة القدم.. فى الشمس والظل» الترجمة لجريدة الجزيرة:
• «لقد تحول اللعب إلى استعراض.. فيه قلة من الأبطال وكثرة من المشاهدين.
إنها كرة قدم.. للنظر. وتحول هذا الاستعراض إلى واحد من أكثر الأعمال التجارية ربحاً فى العالم!!.. لا يجرى تنظيمه من أجل اللعب وإنما من أجل منع اللعب!.. لقد راحت تكنوقراطية الرياضة الاحترافية تفرض كرة قدم تعتمد السرعة المحضة والقوة الكبيرة، وتستبعد الفرح، وتستأصل المخيلة وتمنع الجسارة، ومن حسن الحظ أنه ما زال يظهر فى الملاعب، حتى وإن كان ذلك فى أحيان متباعدة وقحاً مستهتراً يخرج عن النص ويقترف حماقة القفز على كل الفريق الخصم وعلى الحكم وجمهور المنصة، لمجرد متعة الجسد المنطلق إلى مغامرة الحرية المحرمة».
• فاللاعب المحترف قد نجا من العمل فى المصنع أو المكتب.
إنهم يدفعون له من أجل توفير التسلية. رجال الأعمال يشترونه، يبيعونه، يعيرونه، ويسلم هو قيادته لهم مقابل الوعد بمزيد من الشهرة ومزيد من المال، وكلما نال شهرة أكبر، وكسب أموالاً أكثر، يصبح أسيراً أكثر، إنه يخضع لانضباط عسكرى صارم، ويعانى عقوبة التدريب القاسى، ويخضع لهجمة المسكنات وتسلل الكورتيزون الذى ينسيه الألم ويزيف حقيقة حالته الصحية، وعشية المباريات المهمة يحبسونه فى معسكر اعتقال؛ حيث يقوم بأعمال شاقة، ويأكل أطعمة غريبة، وينام وحيداً.
• فى المهن الإنسانية يأتى الغروب مع الشيخوخة، أما لاعب كرة القدم فقد يشيخ وهو فى الثلاثين من عمره، لأن العضلات تتعب باكراً، وعندئذ تسمع من يقول له: «هذا لا يمكنه أن يسجل هدفاً.. حتى ولو فى ملعب مائل..» «هذا.. لن يسجل هدفاً حتى لو قيدوا له يدى حارس المرمى!».
وقد يشيخ لاعب كرة القدم قبل الثلاثين.. إذا ما أفقدته ضربة كرة صوابه.. أو إذا ما مزق الحظ إحدى عضلاته.. أو كسرت ركلة عظامه.
• «مرة كل أسبوع يهرب المشجع من بيته ويهرع إلى الملعب: نادراً ما يقول المشجع: اليوم سيلعب النادى.
إنه يقول اليوم سنلعب نحن.. وهذا اللاعب رقم 12 يعرف جيداً أنه هو من ينفخ رياح الحماسة التى تدفع الكرة حين تغفو، مثلما يعرف اللاعبون الأحد عشر الآخرون جيداً أن اللاعب دون مشجع.. هو أشبه بالرقص دون موسيقى»..!
• «رغبت أن أصبح لاعب كرة قدم، وقد كنت ألعب جيداً، كنت رائعاً، ولكن فى الليل فقط، فى أثناء نومى، أما فى النهار فأنا أسوأ قدم متخشبة شهدتها ملاعب الأحياء فى بلادى.. لقد مرت السنوات، ومع مرور الوقت انتهيت إلى القناعة بهويتى.. فأنا مجرد متسول أطلب كرة قدم جيدة، أمضى عبر العالم حاملاً قبعتى، وأتوسل فى الملاعب:لعبة جميلة لله..!!
• المتعصب هو المشجع فى مشفى المجانين، فنزوة رفض ما هو جلى أغرقت العقل وكل ما يشبهه.. يصل المتعصب إلى الملعب ملتحفاً رايه ناديه، ووجهه مطلى بألوان القميص المعشوق، مسلحاً بأدوات مقعفة وحادة، وبينما هو فى الطريق يكون قد بدأ بإثارة الكثير من الصخب والشجار، وهو لا يأتى وحده مطلقاً!.. ففى وسط الكتيبة الباسلة، أم أربع وأربعين الخطرة.. يتحول الخائف إلى مخيف.. والمهان إلى مهين للآخرين..
• فى السابق كان المدرب. ولم يكن أحد يوليه كبير اهتمام.. ومات المدرب وهو مطبق الفم عندما لم يعد اللعب لعباً.. وصارت كرة القدم بحاجة إلى تكنوقراطية النظام. عندئذ ولد المدير الفنى.. ومهمته منع الارتجال.. ومراقبة الحرية.. ورفع مردودية اللاعبين إلى حدودها القصوى بإجبارهم على التحول إلى رياضيين منضبطين..(كان) المدرب يقول: سنلعب.. أما المدير الفنى فيقول: سنشتغل..... هو يظن أن كرة القدم هى علم وأن الملعب مختبر، ولكن المسئولين والمشجعين لا يطالبونه بامتلاك عبقرية أينشتاين وبُعد نظر فرويد.. فحسب، بل يطالبونه بقدرات عذراء لورديس الإعجازية، وقدرة غاندى على التحمل.
• منذ أولمبياد عام 1936 التى نظمها هتلر، كان الرياضيون الفائزون ينتعلون أحذية تظهر عليها خطوط ماركة أديداس الثلاثة. وفى بطولة العالم بكرة القدم 1990 كانت خطوط أديداس تظهر على الأحذية وعلى كل شىء.. الوحيد الذى لم يكن للشركة فى المباراة النهائية بين ألمانيا والأرجنتين.. هو صافرة الحكم.. فقد كانت الكرة وكل ما يغطى أجساد اللاعبين والحكام.. من ماركة أديداس!!
• لاعبو المنتخب الألمانى قد تلقوا فى مونديال 1986م كميات لا حصر لها من الحقن والحبوب وجرعات كبيرة من مياه معدنية غامضة.. كانت تسبب لهم الإسهال!! هل كان ذلك الفريق يمثل بلاده أم الصناعة الكيميائية الجيرمانية..؟!
ويؤكد حارس المرمى أنه يكثر استخدام العقاقير المنشطة فى كرة القدم الاحترافية. فقوانين المردودية التى تستدعى الربح بأى حال.. تضطر كثيرين من اللاعبين إلى التحول إلى صيدليات تركض!!