مصطفى محمود وسيرة التحولات

مصطفى محمود وسيرة التحولات

مصطفى محمود وسيرة التحولات

 صوت الإمارات -

مصطفى محمود وسيرة التحولات

بقلم - خالد منتصر

التصدى للكتابة عن مصطفى محمود مغامرة تحتاج مثقفاً منقباً وباحثاً مدققاً يمتلك الفضول الصحفى إلى جانب العمق التحليلى والقدرة على ربط التفاصيل المتناثرة، وقد تجمعت تلك الصفات فى الكاتب الصحفى «وائل لطفى» الذى كتب عن مصطفى محمود بنفَس روائى وحس إبداعى تخيل فيه مصطفى محمود محدثاً لنا بالبوح عن سر تحولاته من العالم الآخر، كتاب أو رواية «اسمى مصطفى محمود.. سيرة التحولات» الصادر عن دار كلمة، محاولة لرصد تحولات وطن من خلال تحولات شخص، لم يكن شخصاً عادياً من آحاد الناس، بل هو مبدع فنان كاتب محب للعلم وطبيب ومقدم أشهر برنامج تليفزيونى فى عصره وصحفى كان ملء السمع والبصر، تلك الرواية مسَّتنى شخصياً لأننى كنت فى فترة مراهقتى منوماً مغناطيسياً بتأثير هذا الرجل الفذ الذكى، كنت أتعمد الإمساك بكتاب من كتبه عند خروجى لأظهر للجميع أننى قارئ لمصطفى محمود، وأستخدم مصطلحاته بافتعال فى أى نقاش حتى ولو كان بعيداً عن موضوع الكتاب!

ثم بعد فترة اكتشفت كمّ التناقضات والمغالطات فى تلك الكتب، ثم بعد عودتى لقراءة قصصه القصيرة وكتابه الأول المصادر «الله والإنسان»، وجدته قد صادر الفنان الحقيقى الرائع الذى بداخله لصالح الانحياز السياسى الذى انخرط فيه والذى أوضحت الرواية أسبابه، حاول وائل لطفى فى تلك الرواية فك خيوط بكرة التريكو المشتبكة المعقدة فى تناقضات وتحولات مصطفى محمود، من اليسار والإلحاد والإحساس بعبثية الحياة، إلى الصوفية وتجارة الإعجاز العلمى وترسيخ أعمدة تحالف نظام السادات مع الإسلام السياسى، تحدث عن الجزء الشخصى فى تربية مصطفى محمود وعلاقته بأبيه الطيب وأمه الصارمة، مروراً بضعف بنيته الجسدية ومرضه المزمن، ثم إحساس الغيرة الناتج عن أنه برغم ثقافته العريضة وقراءته الفلسفية وتبحره فى المجالات العلمية وتميزه عن كافة الصحفيين فيها، برغم كل ذلك فهو مهمش وغير مقرب من دائرة «عبدالناصر»، قرر أن يكون «هيكل» السادات، وكان مستبصراً وواعياً بذلك بل ومخططاً، اقترب من «السادات» كصديق وبدأ رحلة التحول وظهر الوجه الآخر، اكتسب النجومية الطاغية ولكنه فقد طعمه الفنى المتميز، ولكنه بالرغم من ذلك لم يحز إعجاب تيار الإسلام السياسى الذى شارك هو فى التمهيد له بمقالاته النارية عن اليسار والماركسية والإعجاز، فهاجمه الشيخ كشك هجوماً عنيفاً، ولاحقته ألسنة وبلاغات وتحريضات هذا التيار بعدما أعلن رأيه الشهير فى الشفاعة والذى أثار عاصفة حينذاك، وللأسف لم يحز إعجاب مبارك أو بالأصح لم ينَل نفس الحظوة الساداتية عنده، ووصل الصدام ذروته بمنع برنامجه على التليفزيون ومقاله فى «الأهرام»، وبدأت رحلة العزلة والانزواء التى انتهت بمرض ألزهايمر فنسى الناس وتناساه الناس.

محضر جرد روائى نفسى واجتماعى وسياسى لتلك التحولات والتناقضات العنيفة فى صاحب هذا الصوت الهادئ وكأنه الهمس، الأسلوب تلغرافى لاهث الإيقاع، أجرى وائل لطفى بلغة الطب مسحاً بالرنين المغناطيسى لهذا المثقف الذى لا تعرف أن تصنف تحولاته العنيفة والحادة، هل هى لأنه ضحية تناقضات ذلك الزمن، أم أنها مسئوليته المباشرة والتى اختار فيها بريق المكسب المادى تاركاً المكسب الفنى جانباً بدعوى تبريرات وتحت لافتات دينية، مثلما طلب من عبدالوهاب إعلان توبته لأنه لن يقابل ربنا بأغنية «بلاش تبوسنى فى عينيا»، إنها سيرة مؤلمة ولها دلالات أوسع وأرحب من مجرد التفاصيل الشخصية، إنها سيرة كثير من الموهوبين الذين يفرطون فى موهبتهم أو يستخدمونها فى غير مكانها الصحيح.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصطفى محمود وسيرة التحولات مصطفى محمود وسيرة التحولات



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates