محمد صلاح يصنع كتالوجه الخاص

محمد صلاح يصنع كتالوجه الخاص

محمد صلاح يصنع كتالوجه الخاص

 صوت الإمارات -

محمد صلاح يصنع كتالوجه الخاص

بقلم:خالد منتصر

استقبال الإمارات لمحمد صلاح وحديثه فى معرض كتاب الشارقة، وكلامه عن كتالوجه الخاص وعدم اهتمامه بالهجوم، كل هذا يُثبت أن محمد صلاح حالة حضارية مصرية لا بد أن تُدرس جيداً، حالة حضارية قبل أن تكون موهبة كروية أو مهارة رياضية، هناك لاعبو كرة قدم كثيرون قد سافروا إلى أوروبا قبل صلاح، وتوفرت لهم فرص وبدايات أفضل من صلاح، ومن الممكن أن تكون لديهم مهارات فنية مثل صلاح وأكثر وقت سفرهم، لكن السؤال: لماذا تميز محمد صلاح واستمر وحافظ على مستواه وتألق حتى أصبح ثالث أفضل لاعب فى العالم وأغلى لاعب فى الدوري الإنجليزي؟

أقول إن محمد صلاح حالة حضارية لأنه امتلك هذا التفرد والاختلاف عن سابقيه، سافر واندمج حضارياً دون كراهية أو نقمة أو غضب من تلك الحضارة، لم يُضمر شراً لها، بل نهل من معين النور فيها، ومن قيم الحداثة التي نشرتها تلك الحضارة وما زالت تنشرها، اندمج ولكنه لم يذب، احتفظ بمصريته الضاربة فى أعماق التاريخ، عاشق للبهجة، متدين يمارس طقوس دينه دون صراخ، هادئ، تعلم الجدية، فهو لا يكتفى بالتدريب التقليدى فى مران فريقه، ولكنه يستمر فى التدريب خارج الملعب، أدرك أن رأس ماله الحقيقى ليس راتبه من ليفربول، لكنه قبل ذلك صلاح نفسه، لياقته البدنية، تركيزه، مهارته، كل هذه الأشياء هى رأس ماله الحقيقى، اشتغل على نفسه، طور أدواته النفسية قبل الجسدية.

صلاح ليس خريج الجامعة الأمريكية أو السوربون أو الإنترناشيونال سكول، حصيلته التعليمية هنا فى مصر كانت متوسطة، لكنه كان كورقة النشاف، استوعب الثقافة الغربية والحضارة التى سافر إليها فى زمن قياسى، صار «كوزموبوليتان»، تعلم اللغة الإيطالية ثم الإنجليزية، لا كمفردات من القاموس ولكن كروح تسرى كالعصارة فى الزيتونة، فصار محبوباً من الإيطاليين والإنجليز وكل الأوروبيين، بل وكل العالم.

أتذكر فى حلقة «صاحبة السعادة» الرائعة مع النجم محمد صلاح، التى كانت أفضل نموذج للريبورتاج التليفزيونى، ظهر وجه آخر لمحمد صلاح غير وجه لاعب كرة القدم المحترف، وهو وجه المربى لبنتين جميلتين «مكة وكيان»، رب الأسرة الذى رغم مشاغله المتعدّدة وازدحام جدوله الرهيب، إلا أنه يضع جدولاً صارماً للتربية يحقّق فيه المعادلة الصعبة ما بين عشق البنت لأبيها واحترام المعايير والمقاييس التى يضعها لصحتها الجسدية والنفسية والعقلية.

كتبت من قبل أن سر نجاح «صلاح» ونجوميته ليس أنه لاعب كرة حريف فقط، ومراوغ سريع فقط، وهداف متفوق فقط، ولكن لأن مسامه العقلية والروحية انفتحت لتتشرّب الثقافة الغربية، وهذا لا يعنى الانسحاق أو الدونية على الإطلاق، ولكنه يعنى فك شفرة وأبجديات الحداثة، وعلى رأسها أسلوب تربية الطفل هناك والتعامل معه كثروة بشرية وعضو فاعل فى المجتمع، لا بد أن نحافظ عليه، لأنه ليس ملكاً خاصاً للأب والأم.

أضاء «صلاح» عدة نقاط فى غاية الأهمية فى حواره مع الجميلة إسعاد يونس، ليس كل ما يحبه الطفل ويُمتعه هو مفيد ويجب الانصياع له، فليس هناك فى العالم أجمل من الشيكولاتة، ولا يوجد كائن بشرى فى الكون يكره طعم الشيكولاتة، ورغم ذلك فالنجم محمد صلاح لا يعطى ابنته «مكة» إلا قطعة شيكولاتة واحدة فى الأسبوع!

تعجّب الكثيرون وصُدموا من هذا التصريح، رغم أن «صلاح» طبّق فيه معايير الجمعيات العلمية العالمية لطب الأطفال بالحرف، واستفاد من تحذيراتهم ضد الإفراط فى الشيكولاتة، لدرجة منعها النهائى قبل عمر السنتين، «صلاح» بهذا التصريح يضع قاعدة صحية مهمة فى التربية، فهو يدرك جيداً الشيكولاتة وتأثيرها على الأسنان واللثة، والأهم يدرك تأثير الكافيين على الجهاز العصبى للأطفال، حتى قطعة الشيكولاتة التى يمنحها كهدية هو يدرسها طبقاً لتلك الثقافة التى تشرّبها والتى علمته أن يعود إلى المرجع العلمى لطلب الحقيقة، فيسأل هل يقدم شيكولاتة بيضاء أم غامقة؟

وما نسبة السكر والكافيين فى كل منهما.. إلخ، وهذا يقتل ثقافة الفهلوة اللاعلمية العشوائية التى تسكن أمخاخ الكثيرين عندنا، ويؤكد على طلب الإجابة من مرجع العلم الصحيح، الكلام نفسه عن ضوابط استخدام الآى باد والألعاب الإلكترونية، هناك انضباط فى المواعيد والأبليكيشن والمواقع.. إلخ.

هناك حجرة خاصة، لكن هناك أيضاً مساحة خاصة يتحرك فيها الطفل نفسياً وذهنياً، حتى يعيش طفولته ولا يشيخ قبل الأوان، أشياء فى منتهى الأهمية، حتى لو تصورتها نوعاً من الغلاسة، لكنها قمة الأداء التربوى المتميز، احتفال أسرة «صلاح» بكل الأعياد، سواء الدينية التى تخص المصريين أو الإنجليز بدون عنصرية حتى يعلم طفلته تقبُّل الآخر، دروس محمد صلاح صارت كثيرة، منها التحدى والقدرة على الاستمرار والاندماج والتسامح، أنت أهم رأسمال لنفسك، وأولادك، أهم استثمار لوطنك ومجتمعك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محمد صلاح يصنع كتالوجه الخاص محمد صلاح يصنع كتالوجه الخاص



GMT 19:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تحت البحر

GMT 19:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

انتصرنا

GMT 19:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكر السياسي سيرورات لا مجرّد نقائض

GMT 19:44 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

«إنت بتفهم في السياسة أكتر من الخواجه؟!»

GMT 19:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس ترمب؟!

GMT 19:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مجموعة العشرين وقمة اللاحسم

GMT 19:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لو أنه أنصف لبنان

GMT 19:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مأساوية الحرب وأفكار النهايات

GMT 18:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 صوت الإمارات - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 صوت الإمارات - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 06:14 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

العاهل الأردني يلقي خطاب العرش في افتتاح مجلس الأمة العشرين
 صوت الإمارات - العاهل الأردني يلقي خطاب العرش في افتتاح مجلس الأمة العشرين

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 صوت الإمارات - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 صوت الإمارات - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 18:09 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميمات مختلفة لسلاسل من الذهب رقيقة تزيدك أنوثة

GMT 11:26 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

الصين تتسلم الدفعة الأولى من صواريخ "أس-400" الروسية

GMT 16:28 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

تسمية بافوس القبرصية عاصمة للثقافة الأوروبية

GMT 18:36 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 12:16 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 17:14 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بن راشد يُصدر مرسوماً بضم «مؤسسة الفيكتوري» إلى نادي دبي

GMT 01:20 2019 السبت ,20 تموز / يوليو

نبضات القلب المستقرة “تتنبأ” بخطر وفاتك!

GMT 02:41 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

"الفاتيكان" تجيز استئصال الرحم من المرأة لهذا السبب فقط

GMT 23:19 2013 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

"Gameloft" تستعرض لعبة "Asphalt"بهذا الصيف

GMT 13:12 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

معرض الكتاب الكويتي منصة متميزة لأصدارات الشباب الأدبية

GMT 09:48 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

الإذاعة المِصرية تعتمد خِطة احتفلات عيد "الأضحى"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates