الدولة الحديثة «قبيلتي إماراتي»

الدولة الحديثة.. «قبيلتي إماراتي»

الدولة الحديثة.. «قبيلتي إماراتي»

 صوت الإمارات -

الدولة الحديثة «قبيلتي إماراتي»

بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

دولة المواطنة الحديثة جديدة نسبياً في المنطقة مقارنة بتاريخها العريق في أوروبا من عصور النهضة والتنوير إلى الوقت المعاصر، وهي كتنظيم شامل للحياة تسعى لتترسخ أكثر فأكثر كفكرةٍ ومبدأ ونظام اجتماعي متكامل. واجهت الدولة الحديثة في العالم العربي تحدياتٍ كبرى وهي لم تستو على سوقها بعد.

ففي بعض الدول العربية تمّ التقليل من مفهوم «الوطنية» لدى تياراتٍ عريضةٍ من الشباب المتحمس في فتراتٍ تاريخية مختلفة لصالح مفهوم «القومية» لدى «القوميين» و«الناصريين» و«البعثيين» ولصالح مفهوم «الأممية» لدى «الشيوعية» و«اليسار» ثم عند جماعات الإسلام السياسي، وهذه التحديات بعضها على مستوى النظام السياسي الذي يسعى لتعريف نفسه وبعضها على مستوى الشباب الباحث عن الجديد.

هذا مفهومٌ في سياق حماسة الشباب، ولكنه معيبٌ حين يتبني شابٌ أطروحات «اليسار» قبل أن يفشل عالمياً ثم يصرّ عليها كهلاً، والتحدي الجديد الذي يواجه الدولة الحديثة مختلفٌ إذ يكمن في التقليل من شأن الدولة الحديثة لصالح انتماءات أضيق مثل «المناطقية» و«القبلية». في يوم المعلم العالمي تحدث صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، مع المعلمين قائلاً: «نحن عائلة واحدة، بغض النظر عن اللهجة أو الملابس أو القبيلة» ثم تساءل سموه «ما هي القبيلة الصحيحة؟» فأجابه الحضور جميعاً «إماراتي» وأكد سموه الجواب وأضاف «هذه القبيلة الصحيحة، هذه القبيلة التي تجمعنا معاً».

تكمن أهمية هذا الحديث في التقاطه وتكثيفه للتحديات التي واجهت وتواجه مفهوم «الدولة الحديثة» ومفهوم «الوطنية» تاريخياً وواقعياً وفي حكمة التوجيه الصحيح لها كمعطى اجتماعي راسخ ومهم يتم البناء عليه ضمن الرؤية الأوسع للدولة والمجتمع. التحدّي الاجتماعي والسياسي ليس في القبيلة كانتساب لها ولا في القبليّة كقيم أصيلة تحث على صلة الرحم والقيم الأخلاقية، بل في توهم البعض أنها انتماءٌ في مقابل الدولة، وفي التعصب الأعمى لها، وهي مثلها مثل مفاهيم معرقةٍ في القدم قبلها كـ«العرقية» و«الطائفية» وجميع عناصر «الهويات القاتلة» والحل الأمثل هو ترسيخ إيجابياتها وتقليل سلبياتها بالعلم والحكمة والمصلحة المجتمعية. تحدّي الانتماء الذي مثلته «القبيلة» في مطلع الإسلام جاء بنصوص واضحةٍ لا تلغي «القبيلة» بل تعزّز قيمها الصالحة، ولكنها لا تجعلها انتماءً يعارض الإسلام، والأمر ذاته مرّ بعلاقة «القبيلة» بـ«الدولة» في تاريخ المسلمين وغيرهم من الأمم.

«القبيلة» موجودةٌ قبل الإسلام وقبل «الدولة الحديثة» وعبر التعامل معها كمعطى واقعي وطبيعي وإيجابي يمكن تلافي أي خللٍ أو غلوٍ. وفي دولة الإمارات العربية المتحدة ودول الخليج مشاريع وبرامج وهيئات للتعامل مع «القبيلة» بترسيخ الجيد والمفيد ودعمه. بعد استقرار الدولة الحديثة في المنطقة لم تشكل «القبيلة» تحدياً، بل على العكس كانت رافداً مهماً ضمن الروافد الاجتماعية للدولة، ويمكن التأريخ لتحوّل بعض مظاهرها لتحدٍ للدولة بحرب الخليج الثانية و«احتلال الكويت» حيث تمّت استعادة مخاوف وموروثات قديمة بشكل واسع الانتشار والتأثير.

شهدت تلك المرحلة انتعاشاً لمظاهر «القبيلة» كاستجابة للتهديد والخطر التاريخي، فشهدت حضوراً قوياً لـ«أشجار الأنساب» و«الشعر الشعبي» و«مسابقات الإبل» وغيرها وتمّ التعبير عن ذلك بمظاهر اجتماعية جديدةٍ ووسائل إعلامية من «مجلاتٍ» و«قنواتٍ» و«مسابقاتٍ» ثم «مواقع إلكترونية» وصولاً إلى «مواقع التواصل الاجتماعي» في سلسلة سبق لكاتب هذه السطور نشر بحوثٍ تتناولها بالتفصيل في هذه الصحيفة.

أخيراً، فالغلو والتطرف مذمومان في كل شيء، ومواجهة الغلو في «الدين» ليست مواجهة مع الدين نفسه، ومواجهة أي خلل مجتمعي ولو في بعض مظاهره فحسب ليست خللاً في المجتمع أو أي من فئاته، بل المقصود أن تكون الحكمة رائداً والعقل قائداً والصالح العام حكماً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدولة الحديثة «قبيلتي إماراتي» الدولة الحديثة «قبيلتي إماراتي»



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

GMT 22:15 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين
 صوت الإمارات - مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 22:19 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها
 صوت الإمارات - دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
 صوت الإمارات - نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 22:09 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلاق إعلان الرياض لذكاء اصطناعي مؤثر لخير البشرية
 صوت الإمارات - إطلاق إعلان الرياض لذكاء اصطناعي مؤثر لخير البشرية

GMT 12:12 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجوزاء الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 10:58 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تنفرج السماء لتظهر الحلول والتسويات

GMT 21:02 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

قد تتراجع المعنويات وتشعر بالتشاؤم

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:45 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

وكالة الفضاء الأوروبية تُخطِّط لبناء "سطح القمر" على الأرض

GMT 21:11 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

زيوت مبهرة لمقاومة التجاعيد بدلًا من الكريمات المكلفة

GMT 17:11 2018 الأربعاء ,08 آب / أغسطس

تألقي في صيف 2018 مع أحدث فساتين سهرة للمحجبات

GMT 20:06 2015 الثلاثاء ,07 تموز / يوليو

صور مسربة تكشف عن تفاصيل تصميم "غالكسي نوت 5"

GMT 22:19 2013 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

صدور الطبعة الخامسة من رواية "أنين" للكاتب شريف ثابت

GMT 14:42 2013 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

دبي تستضيف أول مؤتمر إقليمي للمأكولات البحرية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates