«ابن لادن» الفنّان

«ابن لادن» الفنّان

«ابن لادن» الفنّان

 صوت الإمارات -

«ابن لادن» الفنّان

بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

«ابن لادن» هنا ليس «أسامة» الإرهابي وزعيم تنظيم القاعدة الذي قتل بباكستان في العام 2011، ولكنّه نجله «عمر» الذي اشتهر سابقاً بنقده لنهج والده واختياره حياةً بعيدةً عن كل ما يمثله والده من «أصوليةٍ» و«تطرف» و«إرهاب».
خيارات الآباء تؤثر على الأبناء، سلباً وإيجاباً، وبحسب التقرير الذي نشرته «فرانس برس» قبل يومين فإن «OBL» الاسم المختصر الذي يوقع به «عمر بن لادن» لوحاته متأثرٌ بالبيئتين اللتين عاش فيهما مراحله المبكرة في السعودية وأفغانستان، ولئن اختار بعض أبناء «أسامة بن لادن» السير على طريق والدهم في «الإرهاب» ولقوا نفس مصيره «سعد» قتل 2009 و«حمزة» قتل 2019 فإن «عمر» قد اختار طريقاً مختلفاً تماماً.
اختار «عمر» أن يكون إنساناً عادياً، وأن يجد اهتماماتٍ وأولوياتٍ إنسانيةً طبيعيةً في حياته بعيداً عن كل الصخب الذي يرافق اسم والده وتاريخه، وهذا حقٌ طبيعيٌ له، حيث تؤكد الأديان والقوانين أن المقربين من المجرمين لا يتحملون أوزارهم، وكان خيار «عمر» بالابتعاد عن كل بيئةٍ ومكانٍ يربط اسمه وحياته باسم وحياة والده، وقد كتب عمر عن ذلك، ولكنه حتى يعيش حياةً هانئةً خلق لنفسه بيئةً مختلفةً وابتعد كثيراً عن الماضي.
عبارات «عمر» معبرةٌ عن حالته ونفسيته فهو يقول: «الأشخاص يحكمون عليّ أحياناً استناداً إلى هوية والدي، لكنني أشعر هنا بحرية كبيرة وبأنني معفى من أي مسؤولية عن تصرفات والدي، لا أحد يحكم عليّ، بل يحترمونني ويتركونني أعيش بسلام» ويختم بالقول: «أصبحت في فرنسا فناناً».
لحالة عمر حالاتٌ مشابهةٌ في طول العالم وعرضه، وبعضهم لم يرتبط بالإرهاب بسبب والده وطفولته، بل بخياره وقراره، وقد حدث سابقاً أن قدّم بعض أولئك «الأصوليين» و«الإرهابيين» ما عرف حينها ب «المراجعات» وسوّقوا لـ «التراجعات» وهي ما اتضح مع فوضى «الربيع العربي» أنها كانت كذباً ودجلاً وتفتيش عن طريقٍ للهروب من القبضة الأمنية والخروج من السجون.
نماذج «المناصحة» و«الجدل» مع الإرهابيين فشلت جميعاً حين تستخدم نفس «الخطاب الديني» وذات «الأيديولوجيا» ولكنها نجحت حين صنعت أولوياتٍ جديدةٍ واهتماماتٍ مختلفةٍ لأولئك السجناء ومنحتهم الفرصة ليعيشوا بشراً طبيعيين بعيداً عن كل أولويات «الإرهاب» و«الأصولية» و«البيئة» التي تغص بتلك الأولويات.
لا يضرّ المسلم شيئاً أن يؤدي أركان الإسلام ولا يعرف شيئاً عن «الحاكمية» و«الجاهلية» و«الولاء والبراء» و«التكفير» و«العذر بالجهل» وعشرات القضايا والمسائل التي تشكل شبكةً معقدةً حين تدخل ذهن الشاب المتحمس فإنها تعتقله ولا يجد منها مناصاً ولا مخرجاً وحين يجادله «أصوليٌ» مثله يجد «الإرهابي» قول هذا «الأصولي» متناقضاً ومنافقاً وغير مقنع، فالأولى هو إبعاده كلياً عن تلك الأولويات والخطابات وتيسير الطريق له ليعود إنساناً طبيعياً.
بعض الإرهابيين مطلع وقارئ ولديه جلدٌ على البحث والتعلم ويمكنه التفكير والتحليل، وهذا قادرٌ على تطوير نفسه لو أراد، واستيعاب أبعادٍ مختلفةٍ في الفكر والدين والفلسفة، ولكن غالب الإرهابيين ليسوا كذلك ولا يمتلكون قدرات ذهنيةٍ تؤهلهم لهذا الدور فالطريق الأفضل لهم هو التخلص نهائياً من الماضي والتفتيش عن حياةٍ طبيعيةٍ يقتنع فيها بالعيش بسلامٍ -مثل عمر بن لادن- ولا يرى أن واجبه الشخصي تغيير العالم ومواجهة البشرية.
اللون الأحمر لدى الناس يعبّر عن «الحب» أو «الموضة» ولكنّه لدى «عمر» حين يستخدمه في لوحاته ورسوماته وبحسب تعبيره «يرمز إلى المعاناة والحرب والتفجيرات والموت» وتجربة «عمر» تعبّر عن كثيرين غيره. أخيراً، فطرائق الخلاص من «أفكار» و«مفاهيم» و«خطاب» الأصولية والإرهاب مختلفةٌ ومتعددةٌ، ومن أيسرها لعوام الإرهابيين أن يفتش عن طريقٍ ليعود «إنساناً» أو يرتقي ليصبح «فناناً».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«ابن لادن» الفنّان «ابن لادن» الفنّان



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

GMT 22:15 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين
 صوت الإمارات - مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 22:19 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها
 صوت الإمارات - دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
 صوت الإمارات - نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 22:09 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلاق إعلان الرياض لذكاء اصطناعي مؤثر لخير البشرية
 صوت الإمارات - إطلاق إعلان الرياض لذكاء اصطناعي مؤثر لخير البشرية

GMT 12:12 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجوزاء الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 10:58 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تنفرج السماء لتظهر الحلول والتسويات

GMT 21:02 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

قد تتراجع المعنويات وتشعر بالتشاؤم

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:45 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

وكالة الفضاء الأوروبية تُخطِّط لبناء "سطح القمر" على الأرض

GMT 21:11 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

زيوت مبهرة لمقاومة التجاعيد بدلًا من الكريمات المكلفة

GMT 17:11 2018 الأربعاء ,08 آب / أغسطس

تألقي في صيف 2018 مع أحدث فساتين سهرة للمحجبات

GMT 20:06 2015 الثلاثاء ,07 تموز / يوليو

صور مسربة تكشف عن تفاصيل تصميم "غالكسي نوت 5"

GMT 22:19 2013 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

صدور الطبعة الخامسة من رواية "أنين" للكاتب شريف ثابت

GMT 14:42 2013 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

دبي تستضيف أول مؤتمر إقليمي للمأكولات البحرية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates