سهرة في متحف الشمع

سهرة في متحف الشمع

سهرة في متحف الشمع

 صوت الإمارات -

سهرة في متحف الشمع

بقلم - إنعام كجه جي

 

في السَّبت الأول من كل شهر، يمدد متحف الشمع في باريس موعد الإغلاق إلى ما بعد منتصف الليل. ويقترح على الجمهور قضاء سهرة موسيقية راقصة في أرجائه. ما المانع من أن تجرّب وتعيش ساعة لقلبك؟ لن يثنيك تراكم هموم الأمة. فالدنيا عيد وفي متاحف الشمع الكثير من مخلفات السياسة.

بدأت السهرة في الثامنة ولفظت أنفاسها مع بشائر الصباح التالي. الزبائن من مختلف الجنسيات. يتفرجون على 250 فناناً وفنانة يتناوبون العزف والرقص والغناء والألعاب البهلوانية. مهرجان صاخب في قاعات تسكنها تماثيل شارل ديغول وإليزابيث الثانية والسير ونستون تشرتشل وإمبراطور إثيوبيا هيلا سيلاسي. وإذا كان مزاجك لا ينسجم مع الأباطرة وأصحاب النياشين، فلا بأس من انتقالك إلى صحبة معجزة الأوبرا ماريا كالاس والرئيس الجميل مانديلا ورائد الفضاء أرمسترونغ، أول من سار على القمر.

سيتقمص الممثلون والممثلات شخصيات التاريخ. يدخلون تحت جلودها ويستعيرون ثيابها وملامحها ويتحركون بين الزوار، يجاملون هذا ويضاحكون تلك. يلتقطون الصور ويوقّعون على الدفاتر. ستجد نفسك تتحدث مع ألبير كامو وتستمع إليه يتلو مقطعاً من «الغريب». ثم، يا سعدك يا وعدك، ستصادف نجمك المفضّل مارلون براندو، وهو في زهرة شبابه قبل أن يسبقه كرشه ويفقد شعر رأسه. لا بأس من أن تخبره بأنك شاهدت «العرّاب» أكثر من عشر مرّات وكل منها كأنها الأولى.

خذ استراحة من المرموقين وتشجّع وادلف صالة عتاة المجرمين والقتلة. تفرّج على المقصلة والجلاد المنهمك في عمله. أدارها من 1792 حتى 1977. ثم ألغيت عقوبة الإعدام وأحيل عشماوي الفرنسي على التقاعد. ستقف متأملاً تماثيل الزعماء المعزولين والذين انقلبت عليهم شعوبهم. ويحدث أن الشعوب تنقلب ثم تترحّم. وتلك واحدة من أعاجيب بلادنا. لفظ فاروق أنفاسه في المنفى. مات غاندي بعيار ناريّ. وتاه شاه إيران في العالم يبحث عن قبر يؤويه. ما الذي جاء بك إلى هذه السهرة الغرائبية التي تجمع الشتات؟ تراهم ينفضون أكفانهم ويتحركون وسط الجمهور فلا تعرف الممثل المتنكّر من المنحوتة المطابقة للأصل. الأصل في جبّ مُعتم والتمثال في متحف مُضاء.

يحتفي المتحف بنخبة مختارة من المشاهير ويفرش لها السجادة الحمراء. مونيكا بيلوتشي وأنجلينا جولي وبلموندو. ومع الحفاوة هناك العقاب. عاقبت إدارة المتحف الممثل جيرار ديبارديو ونقلت تمثاله إلى المخزن بعد اتهامه بالتحرش. تنسى الموضوع حين تجد الجزائري زين الدين زيدان يتوسط كبار أبطال الرياضة. قف والتقط صورة معه. لكن الوقت سيمرّ بسرعة وأنت ما زلت تتلفت باحثاً عمن وددت لقاءهم. أم كلثوم وشارل أزنافور وناظم الغزالي. دعك في الوهم. فمن يعرف الغزالي هنا؟ تغادر السهرة وتمشي في انتظار بزوغ الفجر. تدندن مع ناظم أغنية «أم العيون السود»، وتتمنى لو تفطر معه على خدّها القيمر... يعني القشطة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سهرة في متحف الشمع سهرة في متحف الشمع



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 16:12 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خليفة و بن راشد وبن زايد يهنئون رئيس بنما بذكرى الاستقلال

GMT 13:59 2015 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

تصاميم على شكل الماس لحقائب "إن إس باي نوف"

GMT 10:32 2016 الجمعة ,04 آذار/ مارس

لوني شتاءك بأجمل موديلات الأحذية الـ Pumps

GMT 01:32 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عيش الرفاهية في فنادق ومنتجعات الجميرا الفخمة

GMT 01:28 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

«بنتلي» تفوز بلقب الشركة الأكثر تقديرًا في بريطانيا

GMT 23:18 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

الزمالك يهزم بتروجيت في دوري كرة الطائرة المصري

GMT 19:14 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على خطوات رئيسية لترتيب خزانة ملابسكِ الخاصة

GMT 11:52 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

6 أفكار أنيقة مميزة لزينة حفلات الزفاف

GMT 07:51 2013 السبت ,27 تموز / يوليو

جمال كامل فرحان يصدر رواية "كان ردائي أزرق"

GMT 04:48 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

رواية "الجنية" تمزج الواقع بالخيال بشكل واقعي

GMT 19:29 2013 الأربعاء ,22 أيار / مايو

خيبة المثقف في"طائف الأنس" لعبدالعزيز الصقعبي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates