الصيت لبناني والفعل جزائري

الصيت لبناني... والفعل جزائري

الصيت لبناني... والفعل جزائري

 صوت الإمارات -

الصيت لبناني والفعل جزائري

بقلم -فؤاد مطر

 

في المشهد الانتخابي الرئاسي الدولي - العربي الحافل بمحطات من الجد والهزل والرقي والانحدار، وخاصة محطة الكباش اللساني القابع بين الجمهوري ترمب والديمقراطية هاريس، وبين رموز العمل الحزبي والسياسي في لبنان الذين نال بعضهم من بعض من دون أن يؤدوا الواجب الملقى على عاتقهم، وهو انتخاب رئيس للجمهورية... في المشهد هذا يسجل الجزائري، وعلى الرغم من عدم ارتفاع نسبة الاقتراع، أمثولة في أصول أداء الواجب نحو الوطن ويختار أقل من نصف الأربعة والعشرين مليوناً يحق لهم الاقتراع، المرشح الرئيس عبد المجيد تبون، المتبقي على بلوغه التاسعة والسبعين ثلاثة أشهر، رئيساً لمدة خمس سنوات لن تتجدد بطبيعة الحال، لأن الرجل على نحو ما صدر عنه من كلام في بعض مجالسه يحسب الحساب بالنسبة إلى أهمية العمر واللياقة البدنية لدى من يترأس، متحاشياً تكرار تجارب الرؤساء الجزائريين الذين سبقوه بالإطالة في سدة الرئاسة.

ومع أن الرئيس تبون كان يتمنى ارتفاعاً ملحوظاً في نسبة المقترعين بأن يمضي خمس سنوات جديدة رئيساً، ثم يسلم الأمانة إلى من يصون العهد ويبقي البلاد في وضع نسبي من الاستقرار ومن العلاقات الجيدة التي بناها مع روسيا والصين والولايات المتحدة، وسيواصل السعي لتصحيح العلاقة بفرنسا التي اعترضت على اعتماد اللغة الإنجليزية، ظانة أنها ستأخذ مع كثرة الإقبال عليها من اللغة الفرنسية التي يتكلمها الجزائري ممزوجة بالعربية، فضلاً عن اهتمام ملحوظ بالشأن الفلسطيني كما سبقوه في إبداء الاهتمام ومعالجة انقسام الصف بين سُلطة «فتحية» مستكينة وحركة «قسَّامية» ثائرة راهنت في غياب التبصر على إيران، فكان الذي تعاني الأمتان من ويلاته وتداعياته.

وأمام الرئيس المتجدد عبد المجيد تبون الاستحقاق الأهم الذي يتطلع إلى كتابة صفحة ثابتة فيه بأحرف وفاقية، ونعني بذلك ترسيخ العلاقة بالمملكة المغربية ومؤازرة التوجه الليبي نحو توحيد الصف والجيش والحكومة في الدولة الجارة، تساعده في ذلك تونس التي هي الأخرى على موعد مع استحقاق قيسي مشابه للاستحقاق التبوني. وبالنسبة إلى ثبات صفحة العلاقة بالمغرب فإن المبادرة الطيبة قائمة رغم مرور بضعة أشهر عليها، وتتمثل في عبارة أوردها الملك محمد السادس في 31 يوليو (تموز) 2021 في خطابه لمناسبة الذكرى الثانية والعشرين لجلوسه على العرش، حيث قال: «إن المغرب والجزائر أكثر من دولتيْن جارتيْن... إنهما توأمان متكاملان وإن أمن الجزائر واستقرارها وطمأنينة شعبها من أمن المغرب واستقراره. وإن ما يمس المغرب سيؤثر أيضاً على الجزائر لأنهما كالجسد الواحد...». وحيث إن أوراق المبادرة لم تتيبس ولم يصدر عن المغرب ما يلغي روحية محتواها، فإن ما هو متوقع بل ومأمول، بادرة من جانب الرئيس الجزائري الجديد المتجدد تكون بمثابة الرد على ما قاله الملك محمد السادس بصريح العبارة وعمق المشاعر الأخوية. رد بالمثل أو بأحسن منه، وأواصر الجوار تحتم ذلك.

وأما بالنسبة لما يخص الجوار الليبي، فإن اهتمام الجزائر طوال سنوات الولاية الأولى للرئيس تبون كان في أعلى درجاته. وتحضرنا هنا تمنياته على الرئيس التركي رجب طيِّب إردوغان يوم زار الجزائر (26 يناير «كانون الثاني» 2020) أن يخفف من وطأة التدخل التركي في الشأن الليبي والتعاون مع الجزائر من أجل إخراج ليبيا من جب الصراعات الذي أوقعه كثيرون فيها، ومن هؤلاء تركيا. وقياساً بالنتائج فإن خطوة ملحوظة في هذا الشأن لم تحدُث من جانب تركيا إلا إذا كان الرئيس إردوغان يرى في تجديد رئاسة تبون أن الأفضل هو أن تساعد الجزائر في إخراج تركيا من وزر التعاطي مع الأزمة الليبية، كأن يصار إلى مد أيدي العون من أجْل استيلاد شرعية حُكم موحد والتعاون اقتصادياً وتنموياً في زمن تبين أن التدخل في شؤون الآخرين له ما بعده من ارتدادات على المتدخلين كما على المبتلين، مثل حال ليبيا بالتدخل التركي.

وبالعودة إلى ما بدأنا به مقالنا هذا، وفيما مرجل الخلاف على ملء فراغ الرئاسة الأولى في لبنان يُواصل الغليان، ولا تنفع في رتق الثوب الرئاسي عظات مرجعيات دينية من جهة، ولقاءات ممثلي خمس دول من بين دول الكون في اجتراح معجزة إيجاد الحل... إننا بالعودة تلك نرى كم هي الديمقراطية مبتلاة ببني أحزابها ومبتكري ولاءات تصب في خدمة آخرين، فيما تستمر الدولة تهالكاً ولا مَن يبالي وفي ظل الممارسة الديمقراطية التي هي تراث لبناني، عِلماً بأن واقع الحال في ضوء انتخابات الجزائر: كيف بدأت؟ وإلامَ انتهت؟ يؤكد أن الصيت لبناني، فيما الفعل جزائري كما في الوقت نفسه مؤشر إلى أن انتخاب رئيس الجمهورية في لبنان من قِبَل الشعب يغني عن مهازل التعطيل، وكيف أن السلوك البرلماني يحقق أزمة متواصلة وفراغاً على مستوى القمة، فيما تجربة الشعب هو مَن يختار قد تحقق ما هو واجب، وليست عقدة عصية على الحل كما الحاصل منذ سنتيْن.

هدى الله المتلاعبين بالأحوال اللبنانية إلى سواء السبيل، وسدد خطى الاستحقاق الذي تم في الجزائر وبنسبة عالية من الرقي وحرص المواطن على وطنه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصيت لبناني والفعل جزائري الصيت لبناني والفعل جزائري



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 00:23 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 08:23 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 20:55 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الهجرة الكندي يؤكد أن بلاده بحاجة ماسة للمهاجرين

GMT 08:24 2016 الأحد ,28 شباط / فبراير

3 وجهات سياحيّة لملاقاة الدببة

GMT 03:37 2015 الإثنين ,08 حزيران / يونيو

عسر القراءة نتيجة سوء تواصل بين منطقتين في الدماغ

GMT 22:45 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

استمتع بتجربة مُميزة داخل فندق الثلج الكندي

GMT 02:49 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

ليال عبود تعلن عن مقاضاتها لأبو طلال وتلفزيون الجديد

GMT 04:52 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

"هيئة الكتاب" تحدد خطوط السرفيس المتجهة للمعرض

GMT 04:47 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

شادي يفوز بكأس بطولة الاتحاد لقفز الحواجز

GMT 18:39 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل الأماكن حول العالم للاستمتاع بشهر العسل

GMT 17:16 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

وعد البحري تؤكّد استعدادها لطرح 5 أغاني خليجية قريبًا

GMT 05:14 2018 الخميس ,04 تشرين الأول / أكتوبر

إيرباص A321neo تتأهب لتشغيل رحلات بعيدة المدى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates