قال ياقوت الحموي: غَزَّةُ: بفتح أوله، وتشديد ثانيه وفتحه، في الإقليم الثالث، طولها من جهة المغرب أربع وخمسون درجة وخمسون دقيقة، وعرضها اثنتان وثلاثون درجة، وفي كتاب المهلّبي أن غزة والرملة من الإقليم الرابع، قال أبو زيد: العرب تقول قد غزّ فلان بفلان واغتزّ به إذا اختصه من بين أصحابه، وفي هذا العهد عن أعراب نجد إذا جاء لغزاة وكل معه إلا غزيزته، وهي لغة في نجد، وغزة مدينة في أقصى الشام من ناحية مصر.
قال أبو المنذر: غزة كانت امرأة صور الذي بنى صور مدينة الساحل قريبة من البحر، وإياها أراد الشاعر بقوله:
ميت بردمان وميت
بسلمان وميت عند غزّات
وقال أبو ذؤيب الهذلي:
فما فضلة من أذرعات هوت بها
مذكّرة عنس كهازئة الضّحل
سلافة راح ضمّنتها إداوة
مقيّرة، ردف لمؤخرة الرحل
تزوّدها من أهل بصرى وغزّة
على جسرة مرفوعة الذّيل والكفل
بأطيب من فيها إذا جئت طارقا
ولم يتبين صادق الأفق المجلي
قال أبو نواس:
وأصبحن قد فوّزن من أرض فطرس
وهنّ عن البيت المقدّس زور
طوالب بالرّكبان غزّة هاشم
وبالفرما من حاجهنّ شقور
وفيها مات هاشم بن عبد مناف جدّ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وبها قبره ولذلك يقال لها غزة هاشم، وقال مطرود بن الخزاعي يرثيه:
مات النّدى بالشام لما أن ثوى
فيه بغزّة هاشم لا يبعد
لا يبعدن ربّ الفتاء يعوده
عود السقيم يجود بين العوّد
محقانة ردم لمن ينتابه
والنصر منه باللسان وباليد
وبها ولد الإمام الشافعي، رضي الله عنه، وانتقل طفلا إلى الحجاز فأقام وتعلّم العلم هناك، ويروى له يذكرها:
وإني لمشتاق إلى أرض غزة
وإن خانني بعد التفرّق كتماني
سقى الله أرضا لو ظفرت بتربها
كحلت به من شدّة الشوق أجفاني
وأروع ما قال عنها أبو منصور: ورأيت في بلاد بني سعد بن زيد مناة بن تميم رملة يقال لها غزّة فيها أحساء جمّة ونخل، وقد نسب الأخطل الوحش إلى غزّة فقال يصف ناقة:
كأنها بعد ضمّ السّير خيّلها
من وحش غزّة موشيّ الشّوى لهق
وها هم أهالي غزة اليوم، استقبلوا رمضان بالقتل والجوع والهلاك، التي فرضتها عليهم الحرب الإسرائيلية الجائرة منذ خمسة أشهر، ولم يستقبلوا الشهر بالفرحة المعتادة.
وبدلاً من الاستيقاظ فجراً على طبول المسحرين كما كانوا يفعلون سابقاً، أفزعت الأهالي وأطفالهم أصوات الطائرات والمدافع والقنابل والصواريخ –جعل الله كيد المعتدين بنحورهم.