بقلم - مشعل السديري
أرجوكم ركّزوا معي ولا أطلب منكم أي تعليق أو رد فعل، إلى أن تنتهوا من قراءة المقالة، ولنرجع (القهقرى) إلى عام (1388) هجرياً، وهو الموافق (1968)، وقد جاء في رسالة غاضبة من المفتي، رحمه الله، موجهة إلى عبد الله بن عدوان المسؤول في جريدة (الرياض) السعودية، يقول فيها:
يؤسفنا ويؤسف كل غيور ما قامت به جريدة الرياض بنشرها صور نساء سافرات، فقد طلع العدد (1159) منها الصادر يوم الاثنين 10 شوال 1388، وعلى صفحته الرابعة صورة كاملة للمغنية (أم كلثوم)، أفهذا يخفى عليكم؟! إننا نعتقد فيكم الغيرة لله، والترفع بهذه الصحيفة عن (الرذائل) بنشر هذه الصورة المحرّمة، وننتظر ماذا تعملون تجاه هذا الآن؟! - انتهى.
والرسالة مؤرخة بـ11-10-1388، وللمعلومية فقط: فقد طلعت المرأة الروسية (فالنتينا ترشكوفا) الفضاء وتجاوزت الجاذبية الأرضية قبل رسالة المفتي بـ(5) أعوام، كما أن الأميركي (أرمسترونغ) سوف يخطو على سطح القمر بعد رسالة المفتي بسنة واحدة فقط لا غير.
ولكي لا تستغربوا ففي ذلك الوقت ليس محرماً على الصحف نشر صور النساء فقط، ولكنني أذكر أن بعض الكتب المقررة علينا بالمدارس لا تقبل أن تنشر صوراً حتى للحيوانات، وإذا كان ولا بد فإنهم يقطعون رؤوسها أو يضعون خطاً فاصلاً بين الرأس والجسد، وما أكثر الخيول والأسود والكلاب وحتى الثعالب التي شاهدتها في كتبي وهي مقطوعة الرؤوس و(الأذناب) كذلك.
والآن اسمحوا لي أن أقفز بكم قفزة زمانية (ماراثونية)، لتروا كيف أصبحت مكانة المرأة عندنا اليوم: فبعد (الرؤية) المعاصرة في السعودية التي انعكست على المستهدفات والتشريعات والتوجيهات المصاحبة لها إيجابياً على واقع المرأة السعودية بحسب التقارير العالمية، أوضحت النتائج أن المرأة السعودية تشارك في التنمية بنسبة 69 في المائة من المشاركة المثلى، بحيث تشارك في التنمية من الجانب الصحي بنسبة 98 في المائة، وتشارك في التنمية من الجانب التعليمي بنسبة 92 في المائة، وتشارك في التنمية من الجانب الاجتماعي بنسبة 86 في المائة، وتشارك في التنمية من الجانب الاقتصادي بنسبة 54 في المائة من المشاركة المثلى.
كما أن الرؤية في سن التشريعات مكنت المرأة، فكفلت لها حقوق المواطنة والحماية وجددت الثقة بالمرأة، فولّـتها المناصب العليا والمحورية، وأزالت الحواجز التشريعية، فتلاشت تدريجياً الحواجز الثقافية والمجتمعية، ما جعل المرأة السعودية في عام 2021، بعد مرور خمس سنوات على الرؤية – مرئية وحاضرة ومتفاعلة ومعطاء في المطارات والوزارات والأجهزة الأمنية والشركات والمحلات.
سؤالي هو: فين كنّا، وكيف صرنا؟!