ثواب بنت عبد الله الحنظلية الهمدانية، ذكرها السيوطي وقال إنها شاعرة ماجنة ظريفة، ثم روى لها عن بعض الشيوخ أنها نظرت يوماً إلى فتى من أولاد التجار -له رواء ومنظر- ورد بلاد همدان في تجارة له، فأعجبها ووقع بقلبها، فتزوجته، فلما دخل بها لم يقع منها بحيث تريد! ففركته - أي (أعطته الطرّشة)، ولم يستمر بينهما وفاق، فقالت تهجوه:
إني تزوجت من أهل العراق فتى
مرزاً ما له عرق ولا باه
ما غرني منه إلا حسن طرته
ومنطق لنساء الحي هيّاه
كما ذكر السيوطي أن ميسة بنت جابر شاعرة تزوجها حارثة بن بدر وكانت تذكر بجمال وعقل ولسان، وعندما مات حارثة تزوجها بشر بن شعاف بعده فلم تحمده، فقالت ترثي حارثة:
بدلت بشراً شقاء أو معاقبة
من فارس كان قدماً غير خوّار
يا ليتني قبل بشر كان عاجلني
داعٍ من الله أو داعٍ من النار
وقالت أيضاً:
ما خار لي ذو العرش لمّا استخرته
وعذّبني أن صرتُ لابن شعاف
فما كان لي بعلاً وما كان مثله
يكون حليفاً أو ينال إلاّ في
فيا رب قد أوقعتني في بلية
فكن لي حصناً منه رب وكاف
وهناك لطيفة الحدائية شاعرة تزوجها ابن عمها فولعت به ولعاً شديداً ثم مرض ومات، فاستولى عليها الحزن ورئيت على قبره وكأنها تمثال، وعليها من الحلي والحلل شيء كثير، وهي تبكي، فقالوا لها: يا هذه نراك حزينة وما عليك زي الحزن، فقالت:
يا صاحب القبر يا من كان ينعمُ بي
عيشاً ويكثر في الدنيا مواساتي
قد زرت قبرك في حلي وفي حُلل
كأنني لست من أهل المصيبات
لما علمتك تهوى أن تراني في
حلّي وتهواه من ترجيع أصواتي
أردت آتيك فيما كنت أعرفه
أن قد نُسرُ به من بعض هيئاتي
فمن رآني رأى عبرى مولّهة
عجيبة الزي تبكي بين أموات
ومما قالت أيضاً:
فإن تسألاني فيم حُزني فإنني
رهينة هذا القبر يا فتيان
وإن تسألاني عن هواي فإنه
مقيم بحوضي أيها الرجلان
وإنّي لأتسحييه والربُّ بيننا
كما كنتُ أستحييه حين يراني
أهابُك إجلالاً وإن كنت في الثرى
وأكره حقاً أن يسوؤك مكاني
وظلت جالسة أمام قبره دون حركة كالتمثال، وما هي إلاّ عدة أيام حتى وجدوها قد فارقت الحياة.