الشرق الأوسط الأخضر «رئة العالم الجديد»

الشرق الأوسط الأخضر... «رئة العالم الجديد»

الشرق الأوسط الأخضر... «رئة العالم الجديد»

 صوت الإمارات -

الشرق الأوسط الأخضر «رئة العالم الجديد»

بقلم - إميل أمين

بالتزامن مع مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ، «كوب - 27»، تنطلق في مدينة شرم الشيخ المصرية على ساحل البحر الأحمر، أعمال النسخة الثانية من «قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر»، نهار السابع من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، و«منتدى مبادرة السعودية الخضراء»، في الفترة من 11 إلى 12 نوفمبر.
من الطموح إلى العمل تقدم المملكة رؤية إيكولوجية للمساهمة في استنقاذ الكرة الأرضية من وهدة التغيرات المناخية التي تكاد تقضي على الزرع والضرع، ذلك قبل أن تتهدد البشرية برمتها.
ويبقى الهدف من القمة والمنتدى، وبحسب ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، الذي تأتي تلك التحركات ضمن سياقة رؤيته التنويرية للمملكة 2030، هو الارتقاء بالطموحات المناخية العالمية، من خلال تحفيز العمل المشترك على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية.
هل تجيء مبادرات المملكة كجرس إنذار للإنسانية في الربع ساعة الأخير وقبل انفجار كوكب الأرض؟
المؤكد أن ذلك كذلك، لا سيما أن البسيطة باتت على عتبات مستقبل موسوم باحتباس حراري قاتل، انعكس في شكل حرائق الغابات المستعرة، وإصابة المحيطات بحموضة عالية، ما تسبب في عواصف هوجاء، وتالياً ارتفاع منسوب المياه في البحار والمحيطات على حساب اليابسة، وما يترتب على كل ذلك من هجرات جماعية.
لماذا الشرق الأوسط الأخضر، يحتل مثل هذه الأهمية في طروحات المملكة العربية السعودية، واليوم تحول الطموحات إلى مشروعات على الأرض لتغيير الأوضاع المناخية البائسة؟
تهدف المبادرة في أصلها التي أعلن عنها ولي العهد في 27 مارس (آذار) 2021، للمساهمة في جهود مكافحة التغير المناخي، وذلك من خلال رفع الغطاء النباتي في دول الشرق الأوسط، وتقليل انبعاثات الكربون، ومكافحة التلوث وتدهور الأراضي، والحفاظ على الحياة البرية.
أما كيف سيترجم الأمر إلى واقع، فهذا سيتم من خلال العمل على تشجير نحو 40 مليار شجرة إضافية في الشرق الأوسط، ضمن برنامج يهدف لزراعة 50 مليار شجرة، وهو أكبر برنامج إعادة تشجير في العالم.
لماذا التشجير بنوع خاص في تلك المبادرات؟
قبل الجواب ربما يتوجب علينا أن نلقي نظرة ولو سريعة على حال ومآل كوكب الأرض، حيث يواجه ملايين الأشخاص حالة من حالات انعدام الأمن الغذائي، والنقص في إمدادات المياه، وفيما البشر يمارسون صباح مساء كل يوم، اعتداءات صارخة على النظام البيئي الطبيعي القائم منذ ملايين السنين.
فإن فيروسات جديدة خطيرة تبدأ في شن معارك ضارية على الإنسانية، وليس سراً القول إنه في العقود الأخيرة تم التثبت من وجود طائفة من تلك الفيروسات لم تعهدها العقود السابقة مثل فيروس الإيبولا، والفيروس المسبب لمرض السارس، وأخيراً ذلك الفيروس الشائه الذي نجمت عنه جائحة «كوفيد - 19».
تبدو مشروعات التشجير كفيلة إلى حد كبير بإعادة الانضباط المناخي للكرة الأرضية على أكثر من صعيد، فالأشجار الخضراء وثيقة الصلة بتوافر المياه أو نقصها من على سطح الكرة الأرضية، التي تغطي غالبية مساحتها المياه، غير أن العذبة منها، التي تصلح لحياة الإنسان والحيوان، لا تتجاوز 3 في المائة.
تبدو مشروعات الشرق الأوسط الأخضر، بمثابة فعل تعويض عن أنانية البشرية... إنه الشرق الفنان، مرة جديدة، يلهم العالم، ذلك الذي أخذته أطماع الرأسمالية فأخذ يجتث الغابات ويقطع أخشابها، من منظور ربح سريع ضيق، تقابله خسائر بيئية لا تعد ولا تحصى، ومن غير أدنى تهويل.
مزيد من الأشجار، يعني إرشاد مياه الأمطار إلى مواقع المياه الجوفية تحت الأرض، وإتاحة الفرصة لمزيد من الأوكسجين النقي ليتسلل فوق سطح المعمورة ويملأ رئتيها، طارداً عوادم الموت، وبقايا كربون الهلاك، وفي الوقت عينه يستمطر السماء، لتفتح مياذيبها، وبخاصة بعد أن ضرب الجفاف العالم، ولم يترك موقعاً أو موضعاً في شرق العالم وغربه، إلا وتسبب في خسائر فادحة، وعلى غير المصدق أن يجيل النظر في حرائق غابات كاليفورنيا في أقصى الغرب الأميركي، وأن يرفع ألحاظه إلى أستراليا في آخر الشرق الآسيوي، ومن الصين في شمال العالم، إلى كيب تاون في أقصى الجنوب الأفريقي.
تأخذنا مبادرات الشرق الأوسط الأخضر، إلى عمق نظرية تعرف باسم «تأثير الفراشة»، وفيها أن حدثاً صغيراً كرفرفة جناح الفراشة في الصين على سبيل المثال، قد يتسبب في إعصار بالولايات المتحدة، والقصد هنا هو أن تلك الأحداث الصغيرة تنمو شيئاً فشيئاً في كل شيء بمحيطها، ما يعطيها دفعة أكبر للنمو، وهكذا يستمر النمو حتى يصبح تأثيرها كارثياً.
غير أنه من حسن الطالع أن مبادرات المملكة الخاصة بالبيئة، تأتي كقراءة في المعكوس لتأثير الفراشة، أي أنها الوجه الإيجابي لهذه الرفرفة، فإعادة تشجير الشرق الأوسط والخليج العربي بخمسين مليار شجرة، يجعل من هذه البقعة الجغرافية، «رئة العالم الجديد»، بعد أن كادت غابات الأمازون، رئة العالم القديم، تنتهي من جراء الجشع المادي حرقاً وقطعاً.
يبقى التحدي المناخي، هو أكبر حرب تخوضها البشرية في الوقت الحاضر، دفاعاً عن بيتنا المشترك، وعلى كبار العقول المجتمعين في مبادرة السعودية الخضراء في شرم الشيخ، رسم معالم خريطة طريق قبل فوات الأوان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشرق الأوسط الأخضر «رئة العالم الجديد» الشرق الأوسط الأخضر «رئة العالم الجديد»



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

GMT 20:41 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا
 صوت الإمارات - الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا

GMT 20:34 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد
 صوت الإمارات - ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates