الاحتجاجات الإيرانية والمفاوضات النووية

الاحتجاجات الإيرانية والمفاوضات النووية

الاحتجاجات الإيرانية والمفاوضات النووية

 صوت الإمارات -

الاحتجاجات الإيرانية والمفاوضات النووية

بقلم - إميل أمين

يوما تلو الآخر، بل ساعة تلو الأخرى، تبدو إيران على فوهة بركان، لا سيما في ظل تعاظم حركة الاحتجاجات الشعبية الداخلية، وإن كان ذلك لا يعني أن نظام الملالي سوف يقصر في استخدام القوة الغاشمة، في مواجهة ما يجري.

ما الذي يهم النظام الحاكم في إيران بالدرجة الأولى الحفاظ على كيان الدولة، أم بقاء الثورة؟

المؤكد أن إيران الرسمية لم تحر بعد جوابا على هذا السؤال، وإن كان الغالب الأعم هو أن سعيها للحفاظ على الثورة، يأتي في الدرجة الأولى، ومن هنا يدرك المرء أنها وعند الخط الأحمر، سوف تبطش بشعبها في الداخل، ما لم يحدث تمرد داخل صفوف الحرس الثوري، وقوات النخبة، وهذا يبدو احتمالا ضئيلا.

يعن لنا التساؤل بداية هذه السطور: "هل من اليسير هذه المرة أن تقمع السلطات الإيرانية شباب المحتجين؟"

يلفت النظر في التظاهرات الإيرانية الأخيرة، أن رقعتها تتسع يوما تلو الآخر، وباتت تنتقل إلى مناطق تجار البازار، أولئك الذين لعبوا دورا مهما في سقوط نظام شاه إيران خلال الثورة الإسلامية عام 1979.

أضف إلى ذلك أن وسائط التواصل الاجتماعي، باتت تلعب دورا تقدميا في تنسيق الاحتجاجات، وتبدو حكومة الملالي في مأزق حقيقي من جراء التعاطي مع التكنولوجيا الحديثة، خاصة في عالم التواصل المجتمعي.

هنا وعلى الرغم من أن النظام الإيراني عادة ما يقوم بقطع خطوط الإنترنت، في محاولة لإخماد جذوة التظاهرات، وقد دأب دوما على وقف عمل فيسبوك وتويتر، إلا أن أسبابا داخلية تتعلق بحركة التجارة والبيع والشراء في أسواق البلاد، دفعت لتخفيف القبضة الحديدية على تطبيقين رئيسيين هما "كلوب هاوس" و"إنستغرام"، ومرد ذلك استعانة التجار بهما ونشر إعلانات من خلالهما، وبالتالي فإن تعطيل عمل تلك التطبيقات يعني المزيد من الضائقة الاقتصادية، خاصة في ظل العقوبات الاقتصادية المفروضة على الإيرانيين.

على أن تلك التظاهرات وكلما اشتدت طرحت علامات استفهام مثير للجدل من جهة، ومدعاة للحيرة من ناحية ثانية.. فعلى سبيل المثال، هل جاءت تلك الحركات الاحتجاجية لتعطي الملالي وازعا وذريعة عند أتباعهم تعزز من حضورهم، انطلاقا من أن أعداء الثورة الإسلامية وأعداء النظام هم من يشعلون تلك الحركات الضالة والمضللة؟

قد يكون هذا واردا بشكل أو بآخر، غير أن هناك على ما يبدو أمرا آخر أشد خطورة، ومصول بمسارين:

الأول: هو مسار المباحثات النووية مع الغرب وبالتحديد موقف إدارة بايدن من العراقيل التي تضعها طهران، بهدف تسويف الوقت.

الثاني: هو استغلال الملالي للقلاقل الحادثة في الداخل الإيراني والاستفادة منها كستار تقوم من ورائه بتخصيب المزيد من اليورانيوم، ومن وراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبنسب تتجاوز الـ60%، ما يعني أن القنبلة النووية الإيرانية باتت على الأبواب.

لم يكن سرا أن النظام الإيراني ماض في طريق تسويف الوقت، وقصده عدم الدخول في مفاوضات مع إدارة بايدن، قبل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس.. لماذا؟

الغرض واضح، وهو انتظار أن يمنى الحزب الديمقراطي بهزيمة ساحقة، وأن يكتسح نظيره الجمهوري الكونغرس بمجلسيه، الشيوخ والنواب، وبذلك تتهز مكانة بايدن وإدارته، وساعتها ربما يسعى رجل البيت الأبيض لتقديم المزيد من التنازلات للإيرانيين، بهدف محاولة تحسين صورته في أعين الناخبين خلال الانتخابات الرئاسية 2024.

لكن وعلى الجانب الآخر، هل إدارة بايدن بدورها باتت غير مهتمة بالتوصل إلى اتفاق مع الملالي، على أمل أن تقوم التظاهرات الداخلية هذه بإسقاط حكام طهران، بالضبط كما فعل أنصار الخميني حين أسقطوا الشاه في نهاية سبعينات القرن المنصرم؟

في تصريح مباشر له يقول الرئيس بايدن إنه "مندهش" إزاء الاحتجاجات الجماعية في إيران التي تشهد أكبر موجة تظاهرات منذ سنوات.

بايدن وخلال كلمة في إحدى كليات مدينة إرفاين في ولاية كاليفورنيا أضاف: "أريدكم أن تعلموا أننا نقف إلى جانب المواطنين، ونساء إيران الشجاعات"، وأكمل بالقول: "إن تلك التظاهرات أيقظت شيئا لا أعتقد أنه سيتم إسكاته لوقت طويل بل وطويل جدا".

قد تبدو الكلمات ظاهريا غير ذات جدوى، لكن هناك من يراهن على أن إدارة بايدن بدورها، والتي تدعم وتزخم تلك الحركات عبر أذرع سرية، ترى فيها فرصة طيبة للضغط على الملالي، وذلك انطلاقا من إظهار تأثير العقوبات الموقعة على طهران، والتي تقود إلى تأزيم كافة مناحي الحياة في إيران، اجتماعيا واقتصاديا، بل وسياسيا.

الرهان الأميركي يقودنا إلى التساؤل الأهم: "هل ستنجح تلك التحركات في زعزعة كراسي الملالي؟".

غالب الظن أن الأمر لا يمكن أن يكون على هذا النحو من التبسيط، حتى وإن كان مسمار ما قد تم دقه في نعش نظام الثورة الإيرانية.

تخسر واشنطن إذا راهنت على تحركات الداخل فقط، فيما عمليات تخصيب اليورانيوم تجري على قدم وساق، فقد أظهر تقرير سري للوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران تمضي في توسيع عمليات تخصيب اليورانيوم، باستخدام أجهزة طرد مركزي متطورة.

التقرير السري للوكالة، والذي جاء في توقيت تتعثر فيه المفاوضات وتزداد حركة الاحتجاجات، يظهر أن إيران قد أدخلت إلى الخدمة عددا كبيرا من أجهزة الطرد المركزي المتطورة التي يحظر الاتفاق النووي، الموقع مع القوى الست الكبرى عام 2015، استخدامها في إنتاج اليورانيوم المخصب.

هذه الأجهزة أكثر كفاءة بكثير من الجيل الأول (أي-أر-1)، وهو جهاز الطرد المركزي الوحيد الذي يسمح به الاتفاق النووي لإيران باستخدامه لتنمية مخزونها من اليوارنيوم المخصب. وتقوم إيران حاليا بتركيب هذه الأجهزة في موقعين على الأخص تحت الأرض في منشأة ناطانز وفوردو، واللتين تحتملان قصفا جويا متوقعا، لا سيما من جانب إسرائيل.

هل من خلاصة؟ بعيدا عن الفكر التآمري، يكاد المرء يقطع بأن واشنطن لا تود أن ينهزم الملالي، بل أن يظل مشروعهم قائما وقادما، كفزاعة للمنطقة، ولو وجدت إرادة سياسية أميركية حقيقية، لكان المشروع النووي الإيراني، قد تم وأده منذ زمان وزمانين... إنه حلف المصالح المشتركة من طهران مرورا بتل أبيب وصولا إلى واشنطن، وعلى غير المصدق أن يرى تطورات المشهد العراقي، وكيف سلمت واشنطن بغداد لطهران، وعلى طبق من ذهب وليس فضة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاحتجاجات الإيرانية والمفاوضات النووية الاحتجاجات الإيرانية والمفاوضات النووية



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

GMT 18:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 صوت الإمارات - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 صوت الإمارات - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 06:14 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

العاهل الأردني يلقي خطاب العرش في افتتاح مجلس الأمة العشرين
 صوت الإمارات - العاهل الأردني يلقي خطاب العرش في افتتاح مجلس الأمة العشرين

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 صوت الإمارات - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 صوت الإمارات - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 01:44 2018 السبت ,29 كانون الأول / ديسمبر

جيمي أيوفي يستمتع مع أسرته في "أتلانتس دبي"

GMT 10:11 2012 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الطاقة الإثيوبي: في طريقنا لاستكمال مشروع سد النهضة في 2015

GMT 19:07 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

اسباب تضخم الكبد وطرق العلاج

GMT 18:36 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

صفّ السيارات يتسبب في مشاجرة بالضرب بين رجل وفتاة في تكساس

GMT 20:58 2013 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

أول اجتماع لرئيس التليفزيون لبحث تطوير القنوات المصرية

GMT 06:43 2015 الجمعة ,19 حزيران / يونيو

الطقس في الإمارات الجمعة مغبرًا جزئيًا

GMT 01:51 2016 الثلاثاء ,29 آذار/ مارس

افضل التصاميم البارزة لأحذية ربيع 2016

GMT 11:53 2013 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام مسابقة الخطابة باللغة العربية للجامعات الصينية

GMT 22:33 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

إطلالة مثيرة للموديل هايدي كلوم في حفل "أمفار"

GMT 02:28 2014 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

"الإسلاميّون" يعتبرون "العلمانيّة" ارتدادًا عن الدين

GMT 14:55 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

طاهية تصنع قطار من خبر الزنجبيل "بالحجم الطبيعي" في سيدني

GMT 22:11 2013 الأربعاء ,29 أيار / مايو

الموسيقى المعاصرة على "راديو فرنسا" الأربعاء

GMT 03:26 2013 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

مجدي يعقوب يجري 3 عمليات "قلب مفتوح"

GMT 15:12 2013 الإثنين ,30 أيلول / سبتمبر

جامعة عثمانية إحدى أبرز جامعات الهند وآسيا

GMT 18:29 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

الجامعة الأميركية في الإمارات تنظم مؤتمرًا عن "الناتو"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates