ترمب وسوريا الفرصة والمخاطر

ترمب وسوريا... الفرصة والمخاطر

ترمب وسوريا... الفرصة والمخاطر

 صوت الإمارات -

ترمب وسوريا الفرصة والمخاطر

بقلم - إميل أمين

وصف الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ذات مرة سوريا بأنها «رمل وموت»، واليوم وقبل عودته إلى البيت الأبيض ببضعة أسابيع، وعلى هامش سقوط نظام بشار الأسد اعتبر أن «سوريا في حالة من الفوضى، لكنها ليست صديقتنا، ولا ينبغي للولايات المتحدة أن يكون لها أي علاقة بها. هذه ليست معركتنا. لا تتدخل».

منذ اليوم الأول لها، نأت إدارة جو بايدن عن قضية سوريا، ونتيجة لذلك تراجعت العلاقات التي تربط الولايات المتحدة بمختلف الجهات الفاعلة المهمة بمرور الوقت».

هل يملك ترمب الرفاهية نفسها التي توافرت لبايدن؟

باختصار، هناك ضباب كثيف يخيّم على المشهد الأميركي تجاه سوريا، ضباب يدعو الخبراء للحيرة والارتباك، حول ما إذا كانت واشنطن قريبة جداً من الفوضى غير الخلاقة على الأرض، وبخاصة في ظل ما أشاعته وأذاعته وسائل إعلام أميركية من مجابهات بين أنصار البنتاغون وعملاء الاستخبارات المركزية الأميركية على الأراضي السورية، أو تصديق ما أعلنته صحيفة «وول ستريت جورنال» من أنه «في الوقت الحالي لا يعرف المسؤولون الأميركيون ما سيحدث ومدى نفوذهم».

كالعادة يتعامل العالم مع واشنطن من باب «الازدواجية التاريخية» أو «تكافؤ الأضداد في الروح الواحدة».

ولأن إدارة بايدن بكل ما حملته من لغط والتباس داخلي وخارجي، راحلة عما قريب، ورغم ما خلفته من فخاخ، فإن التركيز ولا شك لا بد أن ينصب على مستقبل إدارة ترمب، وما إذا كانت ستقترب الهوينى من الملف السوري، الذي بات يمثل المخاطر أو الفرصة أم لا.

هناك حالة أميركية من عدم اليقين تجاه أحداث المنطقة وتداعياتها، هذا إذا أبقينا جانباً نظرية المؤامرة، والتفاعلات الماورائية بين واشنطن والأطراف التي تحركها، لا سيما في ظل علاقاتها التاريخية بجماعات الإسلام السياسي من زمن الجد أيزنهاور ولقائه التاريخي بالبيت الأبيض في مارس (آذار) 1954، مع قيادات العالم الإسلامي، ونشوء وارتقاء فكر «لاهوت الاحتواء» لصاحبه وزير الخارجية جون فوستر دالاس، الذي قدمه عام 1950 في كتابه المعنون «حرب... أم سلام».

هل ينبغي لنا أن نصدّق أن واشنطن وكما التصريحات المتعددة التي خرجت عنها، كانت بعيدة كل البعد عن تقدير واستشراف المشهد في سوريا، قبل القارعة الأخيرة؟

يوم الخامس من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، صرح بات رايد المتحدث باسم البنتاغون، بأنه لا علاقة لعسكر أميركا بما يجري في سوريا، وأن واشنطن ستواصل العمل مع شركاء مثل «قوات سوريا الديمقراطية» لتحقيق مهمة هزيمة «داعش».

بعد ثلاثة أيام تقريباً، تابع العالم باندهاش غير عادي، لقاء مطولاً يكاد يكون بروباغندا غسل سمعة، لكبير «جبهة النصرة»، التي لا تختلف عن «داعش» كثيراً، وربما جناح مستتر منها، عبر أكبر وأهم محطة إخبارية في أميركا CNN، في حين أنه هو الشخص عينه المطارد أميركياً والمرصود لرأسه عشرة ملايين دولار.

أي أميركا نصدق المثالية أم الواقعية، الجيفرسونية أم الويلسونية؟

إنها الحيرة نفسها التي تلف القاصي والداني حول العالم، لا سيما سكان منطقة الموت في الشرق الأوسط.

دعونا مع ترمب الجديد، والسؤال المثير: «هل يخشى سيد البيت الأبيض من وحول بلاده في مستنقع سوري مشابه ومكمل ربما لمستنقعي أفغانستان والعراق، وقبلهما فيتنام؟».

الخوف من الخطر يعني رهان واشنطن على انتشار الفوضى في منطقة لا تزال تمثل رصيداً استراتيجياً كونياً، سواء من حيث ثرواتها الطبيعية، أو مواقعها الجغرافية المتحكمة في مسارات خروج النفط وسريان التجارة الدولية.

التراجع الأميركي عن لعب دور فاعل في مستقبل سوريا، ربما يعطي ضوءاً أخضر لقوى قطبية أخرى، ربما تراجعت تكتيكياً في الحال، لكن مخططاتها الاستراتيجية جاهزة في الاستقبال، وبخاصة روسيا والصين.

هل يترك ترمب مربعات نفوذ تلك المنطقة لخصومه يملأونها ساعة يشاءون بما يرغبون؟

تدرك موسكو وبكين أن الغزل على متناقضات الجماعات المتطرفة سيصيبهم في العمق مرة أخرى، وكأننا في استنساخ لما جرى في أوائل العقد الماضي، وعليه يخطئ ترمب إن اعتبر أنه لا عودة لهما عما قريب رغم سقوط نظام الأسد.

الفرصة أمام ترمب تاريخية لكتابة اسمه في سجل القياصرة الأميركيين، والدخول من بوابة الشرق الأوسط، بزعامة بعيدة عن مخططات مثلت «أوباما - هيلاري - بايدن»، زعامة تعيد أمجاد أيزنهاور، تستنقذ مسار المنطقة المضطربة، من خلال أميركا أخرى تعيد ألقها كمدينة فوق جبل.

هل يعيد ترمب أميركا رقماً صعباً إيجابياً وخلاقاً في الشرق الأوسط؟

ربما يتحتم على الشرق أوسطيين أن يبادروا بطرح رؤاهم للمنطقة عليه، وإدماجه في شراكات وصفقات تُفرح قلبه وتسر ناظريه... لكن كيف ذلك؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترمب وسوريا الفرصة والمخاطر ترمب وسوريا الفرصة والمخاطر



GMT 20:38 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

المخرج الكوري والسعودية: الكرام إذا أيسروا... ذكروا

GMT 20:38 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

هل سيكفّ الحوثي عن تهديد الملاحة؟

GMT 20:37 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

برّاج في البيت الأبيض

GMT 20:36 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

الاستعلاء التكنوقراطي والحاجة إلى السياسة

GMT 20:36 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

مخاطر مخلفات الحروب

GMT 20:35 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

ماذا عن التشكّلات الفكرية للتحولات السياسية؟

GMT 20:35 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أسعار النفط تحت تأثيرات التطورات الجيوسياسية

GMT 20:34 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

إعادة الاعتبار للمقاومة السلمية

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان
 صوت الإمارات - عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 02:40 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 17:54 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

زيت النخيل مفيد لكن يظل زيت الزيتون هو خيارك الأول

GMT 04:49 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

وحيد إسماعيل يعود لصفوف الوصل

GMT 19:51 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

شركة "سامسونغ" تحدد موعد إطلاق أول هواتفها القابلة للطي

GMT 22:19 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف إلى خطة مدرب الشارقة لمواجهة الوحدة

GMT 03:33 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

لقاء ودي بين محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي

GMT 02:31 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

كيف تحمى طفلك المريض بضمور العضلات من الإصابة بفشل التنفس ؟

GMT 03:01 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

معرض جدة الدولي للكتاب يسدل الستار على فعالياته الثلاثاء

GMT 11:49 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

بلدية العين تنفذ حملات تفتيشية على 35 مقبرة

GMT 21:50 2014 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

جينيف سماء ملبدة بغيوم الحنين والبهجة

GMT 22:54 2013 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

"سامسونغ" تُطلق ذراع تحكم بالألعاب لهواتف أندرويد

GMT 10:58 2013 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

"كلاكيت" رواية جديدة للكاتب محمد عبد الرازق
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates