«دويتشلاند» السرية والردع النووي الروسي

«دويتشلاند» السرية والردع النووي الروسي

«دويتشلاند» السرية والردع النووي الروسي

 صوت الإمارات -

«دويتشلاند» السرية والردع النووي الروسي

بقلم : إميل أمين

 

هل بدأت أوروبا بالفعل في الانسلاخ عن السياسات الأميركية، وحتى قبل أن يصل الرئيس المنتخَب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض للمرة الثانية؟

يبدو أن الأمر كذلك، والدليل الصحوة العسكرية التي بدأت في عام 2018 حين نادى الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بضرورة أن تكون لأوروبا قوتها العسكرية المستقلة، وصولاً إلى ما تم تسريبه من معلومات عن عملية سرية ألمانية (عملية دويتشلاند)، التي تقع تفاصيلها في نحو ألف صفحة، وتعكس الطريق إلى الجاهزية الألمانية، لمواجهة روسيا الاتحادية، في المدى المنظور.

تكشف صحيفة «فرانكفورتر ألجماينه»، عن «وثيقة دويتشلاند»، التي تبدو بمثابة مخطط عسكري ألماني لمواجهة تبعات الحرب العالمية الثالثة؛ حيث تستعد بقوات تصل إلى 800 ألف جندي، من حلف شمال الأطلسي، و200 ألف مركبة.

تكشف الوثائق السرية للغاية عن مبانٍ ومنشآت بنية تحتية محددة تحتاج إلى حماية خاصة في حالات الطوارئ لأسباب عسكرية. ما الذي يستدعي خطة «يوم القيامة» الألمانية هذه؟

المؤكد أن حالة من الارتباك تسود العلاقات الأميركية - الأوروبية؛ حيث المخاوف في الجانب الشرقي من «الناتو»؛ حيث القارة العجوز، تطال عنان السماء، ويكاد الجميع يجزم بأن الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن عازم على ترك إرث معقد على صعيد السياسة الخارجية لخلفه ترمب، بهدف تعطيل طموحاته الخاصة بوقف الحرب في أوكرانيا، وإحلال السلام بين روسيا وأوكرانيا.

حين أطلقت أوكرانيا، في الأيام القليلة الماضية، أحد صواريخ «أتاكمز»، التي أصابت منطقة بريانسك الروسية، توقع الجميع أن الرد الروسي سيظهر في أفق السماء، كرجع صدى، وهذا ما حصل بالفعل، عبر صاروخ «أورشنيك»، الذي لا يمكن إيقافه، مع رؤوسه العشرة الكارثية.

هذه المرة بدت حمولة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المجنَّحة من النوع التقليدي، ورغم هذا، أخطر الروس نظراءهم الأميركيين خلال 30 دقيقة من الإطلاق؛ بأن أداتهم القتالية الرهيبة لا تحمل رؤوساً نووية هذه المرة... هل مَن يؤكد أن المرة القادمة لن يطير الموت النووي إلى أوكرانيا، وما وراءها؟

تبدو الرؤوس الأميركية وكأنها ساخنة هذه الأيام، ولهذا فهي غير قادرة على حساب جدوى تأجيج العداوة مع الروس واستفزازهم، لا سيما أنه من غير المرجَّح أن تكون صواريخ «أتاكمز» و«ستورم»، قادرة على تغيير موازين المعركة مع روسيا التي نقلت أسلحتها القيّمة، لا سيما طائراتها الحربية، إلى مسافة أبعد من تلك التي تقع في مدى الصواريخ البريطانية والأميركية.

من ناحية أخرى، تدفع بعض تصريحات المسؤولين العسكريين الأميركيين إلى إثارة القيادة الروسية، ما يدفعها لردات فعل موازية، قد يغيب عنها العقل، وتذهب بالعالم نحو الشتاء النووي.

خذ إليك، على سبيل المثال لا الحصر، التصريحات التي أطلقها ممثل القيادة الاستراتيجية في البنتاغون الأدميرال، توماس بيو، الذي قال في وقت سابق إن بلاده تقر بإمكانية تبادل الضربات النووية، إذا ما ظل لدى الولايات المتحدة احتياطي في ترسانتها النووية يسمح لها بالهيمنة.

هل يمكن أن يكون هذا تصريحاً للعقلاء الراغبين بالحياة، أم لأناس فقدوا عقولهم في اتجاه الموت؟

مراراً أشرنا إلى أنه حتى ولو قام «الناتو»، بمحو روسيا من على الخريطة نووياً، فإن نظام «اليد المميتة» الروسي، الذي يقيس درجة الإشعاع في الهواء، مع سخونة الأجواء، سينطلق تلقائياً مرسلاً ما يفوق 5 آلاف رأس نووي إلى أميركا وأوروبا.

يغيب العقل كذلك حين تصر واشنطن على إثارة جنون القيصر الروسي عبر افتتاح قاعدة للدفاع الصاروخي الأميركي في بولندا؛ الأمر الذي سيؤجج المخاطر النووية، خصوصاً بعد أن باتت تلك القاعدة ضمن الأهداف ذات الأولوية للجيش الروسي، المعرضة للتدمير إذا لزم الأمر؛ حيث تقع على بُعد 165 كيلومتراً من الحدود الروسية.

هل ستكف «دويتشلاند» يد بوتين القاتلة عن المضي قدماً، خصوصاً حالة استهداف ما هو ثمين وغالٍ في ترسانته العسكرية، أو حاضنته الشعبوية؟

الأسبوع الماضي أمر بوتين بتجهيز القنبلة النووية العملاقة «الشيطان - 2»، التي تُحمل على صواريخ فرط صوتية سرعتها 28 ألف كلم في الساعة؛ حيث تصل إلى الولايات المتحدة خلال أقل من ثلث ساعة، وإلى أوروبا خلال دقائق معدودات، ولا يمكن إيقافها لعدم وجود دفاعات قادرة على صدِّها، وقد كانت وراء ذلك، تسريبات عن نية بايدن تزويد أوكرانيا بأسلحة نووية قبل أن يرحل.

«دويتشلاند» لن تعوض الألمان بخاصة ولا الأوروبيين بعامة، خسارة الرهان على أوراسيا كطريق للحياة، عوضاً عن رؤى ومخططات العم سام، المدفوعة بالرغبة في السيطرة والهيمنة عبر دروب الموت.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«دويتشلاند» السرية والردع النووي الروسي «دويتشلاند» السرية والردع النووي الروسي



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 20:41 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا
 صوت الإمارات - الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا

GMT 20:34 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد
 صوت الإمارات - ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:01 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السجائر في الإمارات بعد تطبيق الضريبة الانتقائية

GMT 12:14 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 07:44 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

تامر حسني يعلن موعد عرض فيلم "الفلوس"

GMT 12:06 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

دندن يبحث سبل تعزيز التعاون مع جمعية الشارقة الخيرية

GMT 16:46 2016 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

تخفيض دائم على سعر جوال "OnePlus 2" إلى 349 دولار

GMT 08:23 2016 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

توزيع جوائز القصة القصيرة بالتعاون مع مؤسسة "بتانة" الثقافية

GMT 11:42 2015 الخميس ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

المصممون يضعوا لمسة "الأهداب" الأنيقة لأحذية الرقبة

GMT 23:56 2015 السبت ,11 تموز / يوليو

الأمطار تغرق المناطق المنخفضة في روالبندي

GMT 07:31 2013 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

"THQ" تُقرر عدم إصدار لعبة "Avengers"

GMT 09:19 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

واريورز ينتصر على دالاس مافريكس في دوري السلة الأميركي

GMT 08:25 2015 السبت ,14 شباط / فبراير

ظهور ضوء مبهر وصوت هائل في سماء نيوزيلندا

GMT 10:51 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أمل رزق تستعد للمشاركة في مسلسل "للحب فرصة أخيرة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates