الازدواجية الأميركية والأسلحة الإسرائيلية

الازدواجية الأميركية والأسلحة الإسرائيلية

الازدواجية الأميركية والأسلحة الإسرائيلية

 صوت الإمارات -

الازدواجية الأميركية والأسلحة الإسرائيلية

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

هل السجال الحادث بين إدارة الرئيس جو بايدن، وبين حكومة نتنياهو، بشأن «حفنة قنابل»، أزمة حقيقية، أم فصل من مسرحية لا تنطلي على عقول الراسخين في معرفة عمق العلاقات الأميركية - الإسرائيلية، وحتى من قبل مولد الدولة العبرية؟ يقتضي الجواب العودة إلى بضعة قرون سابقة، لا النظر إلى خشبة المسرح الحالية، رغم اشتعالها في غزة، حيث نجد روحاً إيمانية تلازم المهاجرين الجدد من أوروبا إلى أميركا، وجلهم من تيارات عانت كثيراً، من تكلس دوغمائي، تعتبر الأرض المكتشفة حديثاً غرب الأطلسي، «كنعان الجديدة»؛ في استحضار لا تغفله العين لهجرة بني إسرائيل من مصر أرض العبودية، بحسب المفهوم التوراتي، إلى الأرض المقدسة في فلسطين. منذ ذلك الزمان البعيد، وهناك روح كائنة في الداخل الأميركي، ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالشعب اليهودي، ما سر الاعتراف بإسرائيل بعد ساعة واحدة من إعلان قيامها، في زمن الرئيس هاري ترومان (1945 - 1953). عبر ثمانية عقود تقريباً، كانت واشنطن الداعم والسند الذي لا يتلكأ ولا يتأخر في دعم دولة إسرائيل، تحدياً لقرارات الأمم المتحدة، أي بعيداً عن العواطف والشوفينيات العربية والإسلامية دفعة واحدة. اليوم تملأ إسرائيل الدنيا صياحاً بعد تهديد الرئيس بايدن بوقف تصدير، نوع من القنابل، التي يستشعر عدم قانونية إرسالها إلى حكومة نتنياهو في هذه الأجواء الوحشية غير الإنسانية التي تعيشها غزة. هل مشهد الخلاف حقيقي أم دعائي براغماتي، مخطط له بدقة ومحسوب له حسابات ماورائية، تقع ضمن دوائر الختل والمراوغة الأميركية التقليدية؟ حكماً وبعد سبعة أشهر أو أكثر قليلاً من المعارك في غزة، يبدو بايدن وإدارته يدوران في دائرة الازدواجية الأميركية الاعتيادية؛ ذلك أنه فيما يتحدث عن حقوق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة، يمضي عملياً في عكس الاتجاه، وبينما ينشد المراثي اليوتوبية من حول أهل غزة، يدفع في طريق إبادتهم، أو تهجيرهم. من يثق بالعم سام في الحال والاستقبال؟ تأملوا معي يا أيها الناس، شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً، في تصريحات سيد البيت الأبيض، حيث يعتبر أن الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين، هو السبيل الوحيد لوقف إطلاق النار في غزة، وكأنه بطريق غير مباشرة، يشجع ويبارك بوصفه «الأب الأقدس» لإسرائيل، على مواصلة تهجير سكان رفح، وربما إجبارهم على عبور الحدود أو الموت جوعاً ومرضاً، ومهانة، بل وامتهاناً لكرامتهم. عن أي «حفنة قنابل» يتكلم بايدن، وأي مسرحة من غير مسرحية تملأ بها تل أبيب الأجواء الدولية؟ عبر تاريخها الطويل تلقت إسرائيل دعماً عسكرياً أميركياً، لم تتلقه أي دولة أخرى منذ الحرب العالمية الثانية، وليس سراً أن مخازن السلاح الست الكبرى الأميركية، الموجودة في الأراضي الإسرائيلية، قد طالتها الأيادي العسكرية الإسرائيلية، سواء بتنسيق مباشر مع واشنطن أو بغير تنسيق. أما بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) المنصرم، فقد صادقت إدارة بايدن على بيع ما يقرب من 14000 خرطوشة وذخيرة دبابة ومعدات عسكرية إلى إسرائيل، وكذلك قذائف مدفعية عيار 155 ملم، وحسب صحيفة «واشنطن بوست»، فقد تجاوز البيت الأبيض موافقة الكونغرس على هذه الصفقة، بالاستعانة بسلطة حالة الطوارئ. الصحيفة الأميركية المقربة من البيت الأبيض تقدر حجم المساعدات العسكرية التي حصلت عليها إسرائيل من واشنطن منذ عام 1946 وحتى 2023 بنحو 206 مليارات دولار. هذا الرقم له أن يزيد بعد أن أقر الكونغرس الأميركي حزمة جديدة من المساعدات العسكرية تقدر بـ26.4 مليار دولار، الأمر الذي دفع وزير الخارجية الإسرائيلي إسرائيل كاتس، للقيام بشكر زعماء الكونغرس على ما سماه «التزامهم الثابت بأمن إسرائيل»، ومعتبراً «أن واشنطن وتل أبيب تقفان معاً في الحرب ضد الإرهاب والدفاع عن الديمقراطية والقيم المشتركة»، على حد تعبيره. كيف يمكن للمرء أن يتفهم هذا الصخب الإسرائيلي والاعتراض الزاعق على نحو 1800 قنبلة لا أكثر، فيما أن جسراً جوياً عسكرياً أميركياً يتدفق على تل أبيب، والعهدة على الصحافة الإسرائيلية عينها؟ قبل أيام أماطت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» اللثام عما سمته «أسلحة أميركية بمليارات الدولارات»، في طور الإعداد والمراجعة «لإرسالها إلى إسرائيل رغم تعليق شحنة القنابل المشار إليها سلفاً». عطفاً على ذلك يعترف السيناتور جيم ريش، أكبر عضو جمهوري في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ للصحافيين الأميركيين، بأن هناك مجموعة واسعة من المعدات العسكرية الأخرى في طور الإعداد لإرسالها إلى إسرائيل، وتشمل أنواعاً متقدمة من الذخائر الذكية الموجهة المعروفة باسم JDAMS وقذائف الدبابات، ومدافع الهاون، والمركبات التكتيكية المدرعة. ما السر وراء مشهد الخلاف الأبوكريفي بين واشنطن وتل أبيب؟ باختصار، لا يتجاوز المرء مناورة تكتيكية داخلية، مفرغة من أي رؤية استراتيجية لإلحاق الأذى بالعسكرية الإسرائيلية. يبدو بايدن مؤخراً، وكأنه بين مطرقة الشارع الأميركي الآخذ في التحول رويداً تجاه دعم القضية الفلسطينية، وإن ظل التأييد لإسرائيل وزخمها أعلى، فقد أظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة «The Hill» أن 15 في المائة من الأميركيين يناصرون الحق الفلسطيني، بينما 32 في المائة يدعمون إسرائيل؛ أما السندان فيتمثل في أصوات اليسار الديمقراطي التقدمي، التي ترفض مواقف بايدن تجاه إسرائيل. وبين هذا وذاك، يلوح اللوبي الداعم لدولة إسرائيل، بحرمان بايدن من أصواتهم الانتخابية، رغم إدراكهم «تهافت» القصة، لكنهم من ورائها يبغون قطع الطريق على أي رئيس أميركي قادم يفكر في تهديد إسرائيل. تهافت بايدن لن يفيده انتخابياً والمسرحة من غير مسرحية لا تنطلي على أحد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الازدواجية الأميركية والأسلحة الإسرائيلية الازدواجية الأميركية والأسلحة الإسرائيلية



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 19:18 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 صوت الإمارات - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 19:21 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 صوت الإمارات - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 19:42 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك
 صوت الإمارات - الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 02:54 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد
 صوت الإمارات - نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد

GMT 03:01 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات
 صوت الإمارات - غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات

GMT 14:49 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

محلات "pinkie girl" تطرح فساتين مخملية في شتاء 2018

GMT 06:04 2015 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

التنورة المطبّعة تمنح المرأة العاملة الأناقة والتميّز

GMT 12:39 2015 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيندي" تكشف عن ساعة "سيليريا" الجديدة للمرأة المثالية الأنيقة

GMT 20:36 2013 السبت ,06 إبريل / نيسان

مراحل التطور الجسمانى عند الطفل

GMT 09:26 2018 الخميس ,01 شباط / فبراير

منزل إيلي صعب الجبلي في لبنان فخم وضخم

GMT 12:43 2014 السبت ,11 تشرين الأول / أكتوبر

غرفة الشارقة تشارك في معرض جيتكس 2014

GMT 22:09 2013 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

مؤشر عقار أبوظبي يربح 23% منذ بداية 2013
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates