الغيرة على الحشاشين

الغيرة على الحشاشين

الغيرة على الحشاشين

 صوت الإمارات -

الغيرة على الحشاشين

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

 لا يزال الوقت مبكرًا للحكم على مسلسل الحشاشين الذى تعرضه الشاشة الصغيرة فى رمضان، لأنك لا تستطيع تقييم كتاب إلا إذا قرأته، ولكن يمكنك الحديث عن الشكل منذ الوهلة الأولى، ولا فارق بعد ذلك بين أن يكون الشكل غلافًا لكتاب، أو يكون لغة عامية يتحاور بها أبطال هذا العمل الفنى.

وربما تكون هذه من المرات النادرة التى تدور فيها أحدث مسلسل تاريخى بالعامية المصرية، لأن الصورة الباقية للأعمال الفنية التاريخية فى الذهن العام إنما تبقى مرتبطة بأبطال فى العمل يتكلمون الفصحى وحدها ولا يتخلون عنها.

ولا تعرف إلى الآن، ما إذا كان الذين اعترضوا على العامية فى المسلسل قد فعلوا ذلك لأنها ستكون حاجزًا أمام قدرة المُشاهد العربى خارج المحروسة على فهم تتابع الأحداث وتسلسلها من حلقة إلى حلقة، أم أن اعتراضهم له أسبابه الأخرى؟

لا تعرف.. ولكن إذا كان هذا هو سبب الاعتراض، فلا أساس له فى تقديرى، لا لشىء، إلا لأن كل الأعمال الفنية التى حازت إعجاب المشاهدين فى العواصم العربية جميعها، كانت كلها أو غالبيتها بالعامية.. وكلها كانت مفهومة، وكانت واصلة إلى عقل كل مشاهد هناك.. بل إن الأعمال الفنية التى أثرت فى المشاهد العربى فى مراحل مبكرة من مسيرة الفن والدراما عندنا حببت ذلك المشاهد فى العامية المصرية، وجعلته أقرب ما يكون إلى الوجدان العام فى مصر.

وقد حدث كثيرًا أن كان أحدنا فى أى عاصمة عربية، إذا تكلم عرفوا هناك على الفور أنه مصرى، وقد كانوا يتعرفون عليه من لهجته ومن لغته العامية التى سمعوها مسبقًا فى التليفزيون وفى السينما وفيما قدم من أعمال للمشاهدين.

ولكن هذا كله لا ينفى أن الذين اعترضوا على العامية فى الحشاشين لديهم منطق، وعندهم حق، ولا بد من الاستماع لوجهة نظرهم ومن الإنصات إليها، لأنهم لم يعترضوا لمجرد الاعتراض، ولكنهم اعترضوا من باب الغيرة على عمل كبير مثل الحشاشين، ومن باب الرغبة فى أن يكون عملًا مكتملًا لا ينقصه شىء، حتى ولو كان هذا الشىء يتعلق بالشكل لا بالمضمون.

لقد قيل دائمًا إن الشكل جزء من المضمون لا ينفصل عنه، وهذا القول ينطبق على الحشاشين كما ينطبق على سواه، ولا شك أن المسلسل التاريخى له «هيبة فنية» لا تتوفر للمسلسلات غير التاريخية، وهذه الهيبة متصلة فى جانب منها لدى المشاهد بالفصحى التى يجرى بها الحوار على ألسنة أبطال العمل.. وعلى سبيل المثال، فإن دار الأوبرا عندما تُلزم روادها بارتداء رابطة العنق أثناء مشاهدة عروضها، فهذا مجرد شكل فى النهاية، ولكنه جزء غير منفصل من المضمون، ولا تتصور الأوبرا أن يذهب لعروضها شخص يرتدى الجلباب، حتى ولو كان متعلمًا فى أحسن الجامعات.

سوف تصل «الرسالة» التى يحملها مسلسل الحشاشين إلى مشاهديه، ولكنها ستصل إلا قليلًا، لأن الشكل يجب ألا يتخلف عن المضمون، ويجب أن يظل يتوازى معه ويقويه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الغيرة على الحشاشين الغيرة على الحشاشين



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 19:42 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:03 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

"بهارات دارشان" رحلة تكشف حياة الهند على السكك

GMT 11:22 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تظهر بوزن زائد بسبب تعرضها للأزمات

GMT 14:04 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد بن زايد يفتتح معرض فن أبوظبي 2013

GMT 06:44 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نشر كتاب حول أريرانغ باللغة الإنكليزية

GMT 19:39 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

٣ خلطات للوجه من الخميرة لبشرة خالية من العيوب

GMT 15:58 2017 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

لوتي موس تتألق في بذلة مثيرة سوداء اللون
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates