وما الحرب إلا ما قد علمتم

وما الحرب إلا ما قد علمتم

وما الحرب إلا ما قد علمتم

 صوت الإمارات -

وما الحرب إلا ما قد علمتم

بقلم - سليمان جودة

 

عندما أعلن الرئيس الأوكراني فولودومير زيلينسكي، أعداد قتلاه في الحرب الروسية على بلاده، كانت هذه هي المرة الثانية. ففي آخر 2022 كان ميخاليو بودولياك، المستشار الرئاسي الأوكراني، قد أعلن أن جيش بلده فقد 13 ألفاً من عناصره، وأنهم سقطوا على طول الطريق منذ بدء الحرب في 24 من فبراير من السنة نفسها.
 

أما في 25 فبراير الماضي فقد أعلن زيلينسكي أن العدد صار 31 ألفاً، وأنه ليس 300 ألف، ولا حتى 150 ألفاً، كما يردد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ويقول.

والمناسبة طبعاً هي مرور عامين على الحرب ودخولها السنة الثالثة، وهي المناسبة ذاتها التي بسببها خرج الرئيس الأوكراني ليعلن الرقم الذي أعلنه. وهناك الكثير الذي يمكن أن يقال في الرقم أو حتى يقال على هامشه، ومن بين ما يمكن أن يقال فيه إنه إذا كان قد وصل إلى ما وصل إليه حسب المعلن على لسان الرئيس، فإن أي مقارنة بين الرقم الآن، وبينه آخر السنة قبل الماضية، تقول إن ما فقده الجيش الأوكراني في السنة الثانية من الحرب، ضعفا ما فقده في السنة الأولى.. وهذا يدل على تصاعد حجم الخسائر على مستوى العنصر البشري وحده.

قد يكون هذا البُعد في الموضوع مجرد زاوية من الزوايا التي أراد زيلينسكي الإشارة إليها بلغة الأرقام، بينما الحرب تغادر سنتها الثانية إلى عامها الثالث.. غير أن هذا لا يعني أن ما قاله يخلو من أبعاد أخرى تكمن وراء إعلانه هذا الرقم، لأنه ليس من المتصور أن يكون قد تكلم في هذا الشأن لمجرد تكذيب بوتين فيما يقوله.

ولذلك، فليس من المستبعد أن يكون إقدامه على هذه الخطوة نوعاً من الخطاب غير المباشر الذي يتوجه به إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

نعرف أن واشنطن متهمة في الفترة الأخيرة بأن حماسها لدعم أوكرانيا في الحرب، لم يعد كما كان في البداية، وبالذات على مستوى الكونغرس الذي صار متشدداً في تمرير مبالغ الدعم المطلوبة من البيت الأبيض لدعم الجيش الأوكراني، وقد وصل تشدده في هذا الملف إلى حد أن الرئيس الأمريكي جو بايدن اتهم رئيس مجلس النواب الجمهوري بدعم إيران وروسيا!.

وقد اتهمه بايدن بذلك، بعد أن طال تعطيل المجلس لما يطلبه البيت الأبيض في بند الدعم الأوكراني، ولم يجد سيد البيت الأبيض مفراً من توجيه اتهام كهذا إلى رئيس المجلس، لأن منع مثل هذا الدعم هو دعم غير مباشر للروس الذين يقاتلون الأوكرانيين، وللإيرانيين الذين يساعدون الروس ويمدونهم بالطائرات المُسيرة التي تضرب شرق أوكرانيا!.. أما رادوسلاف سيكوريسكي، وزير خارجية بولندا، فقد حمل رئيس المجلس مسؤولية أي هزيمة تلحق بأوكرانيا.

وعلى مستوى أوروبا لم تعد الحماسة تجاه دعم أوكرانيا كما كانت في البداية كذلك، اللهم إلا من دول معينة داخل الاتحاد الأوروبي مثل ألمانيا، التي لا تزال الداعم الأكبر للأوكرانيين، وهي لا تفعل ذلك من أجل سواد عيونهم بالتأكيد، ولكنها تفعله بحكم قربها من روسيا جغرافياً، وبحكم أنها الأكثر تضرراً لو انتصر بوتين في الحرب.

ولهذا كله فمن الوارد جداً أن يكون زيلينسكي فكر في طريقة يستعيد بها حماسة الولايات المتحدة وأوروبا معه، فلم يجد أفضل من التلويح بعدد ضحاياه مع انتهاء السنة الثانية للحرب، وكأنه يقول إن تضاعف العدد مرشح لمزيد من التضاعف في السنة الثالثة، إذا ما تقاعس الداعمون عما يجب أن يبادروا به تجاه بلاده.

وعندما تحدث عن مؤتمر محتمل للسلام في جنيف مع مطلع الربيع، فإنه تكلم للمرة الأولى عن مؤتمر لهذا الهدف منذ بدء الحرب.

صحيح أنه يتكلم عن مؤتمر للسلام لا تحضره روسيا، وهو الأمر الذي أثار سخريتها مما يدعو إليه، ولكنه تكلم عن المؤتمر ولسان حاله يقول للأوروبيين والأمريكيين قبلهم، إنهم إذا فاتهم أن يدعموه في ميدان القتال، فليس أقل من أن يعملوا على إنجاح المؤتمر، لأن الحرب قد أنهكت أوكرانيا كما لم ينهكها شيء من قبل، وأنهم إذا شاءوا دليلاً فهذه أعداد الضحايا قد أعلنها من جانبه أمامهم.. وهي كافية للدلالة وتزيد.. أو كأنه يردد على أسماع أمريكا وأوروبا وحلفائهما، شطر البيت الذي كان الشاعر الجاهلي زهير ابن أبي سُلمى يردده ويقول: وما الحرب إلا ما قد علمتم وذقتم!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وما الحرب إلا ما قد علمتم وما الحرب إلا ما قد علمتم



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 16:12 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خليفة و بن راشد وبن زايد يهنئون رئيس بنما بذكرى الاستقلال

GMT 13:59 2015 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

تصاميم على شكل الماس لحقائب "إن إس باي نوف"

GMT 10:32 2016 الجمعة ,04 آذار/ مارس

لوني شتاءك بأجمل موديلات الأحذية الـ Pumps

GMT 01:32 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عيش الرفاهية في فنادق ومنتجعات الجميرا الفخمة

GMT 01:28 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

«بنتلي» تفوز بلقب الشركة الأكثر تقديرًا في بريطانيا

GMT 23:18 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

الزمالك يهزم بتروجيت في دوري كرة الطائرة المصري

GMT 19:14 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على خطوات رئيسية لترتيب خزانة ملابسكِ الخاصة

GMT 11:52 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

6 أفكار أنيقة مميزة لزينة حفلات الزفاف

GMT 07:51 2013 السبت ,27 تموز / يوليو

جمال كامل فرحان يصدر رواية "كان ردائي أزرق"

GMT 04:48 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

رواية "الجنية" تمزج الواقع بالخيال بشكل واقعي

GMT 19:29 2013 الأربعاء ,22 أيار / مايو

خيبة المثقف في"طائف الأنس" لعبدالعزيز الصقعبي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates