بقلم - سليمان جودة
فى ١٥ نوفمبر من هذه السنة وصل عدد سكان العالم إلى ٨ مليارات إنسان، وفى عام ٢٠١١ كان العدد سبعة مليارات.ولا يزال العدد الجديد فى حاجة إلى شرح يتعرض لتفاصيله، لأننا عندما نتكلم عن ٨ مليارات، ثم نسكت، فإن الرقم يظل غامضًا مرة، ومغلقًا على نفسه مرةً ثانية، ومغريًا بتناوله من شتى جوانبه مرةً ثالثة.
ولا يمكن إغفال رقم آخر كان قد جرى الإعلان عنه فى ٢٠١٥، وكان يقول إن الذين يعتنقون المسيحية فى العالم ملياران ونصف المليار، وإن الذين يعتنقون الإسلام مليار و٨٠٠ مليون.. فإذا جمعت الرقمين معًا تكتشف أن حاصل جمعهما يساوى نصف عدد سكان العالم تقريبًا فى ذلك الوقت.. ولن يختلف حاصل الجمع كثيرًا لو أضفت عدد الذين يعتنقون اليهودية فى العالم، لأنهم لا يتجاوزون فى أغلب التقديرات ١٥ مليونًا.
ورغم هذا الرقم الصغير، مقارنة بالرقمين الآخرين، إلا أن أصحاب الرقم الصغير لا يزالون يسيطرون على الكثير من مكامن القوة فى العالم، وهذا موضوع آخر يمكن الحديث عنه فى سياق مختلف، كما أن له علاقة بنظرة اليهود إلى أنفسهم باعتبارهم أقلية فى العالم.
ولكن القضية التى نجد أنفسنا أمامها مع هذه الإحصائيات والأرقام، أن الذين يعتنقون الأديان السماوية الثلاثة يزيدون على نصف عدد سكان العالم.. ومع ذلك، فالعالم ليس فى أسعد أحواله، ويبدو فيما نطالعه من أخباره فى كل صباح، أقرب إلى الشقاء منه إلى السعادة.. وكأن الذين يعتنقون أديان السماء فيه أقلية، أو كأن اعتناقهم الأديان الثلاثة لم يفلح فى أن يجعل حال العالم أفضل فى مجمله، ولا نجح هذا الاعتناق فى أن يجلب الراحة فى حياة المليارات من البشر.
وهذا يشير إلى وجود خلل فى مكان ما.. فأين بالضبط هذا الخلل؟!. هل هو فى أن اعتناق الأديان الثلاثة مسألة شكلية فى حياة الغالبية؟!. إن هذا على الأرجح هو السبب الأهم، لأن الدين فى النهاية مقاصد عليا، قبل أن يكون نصوصًا مقدسة.
والمقاصد العليا واحدة بين الأديان الثلاثة، ولو سادت روح هذه المقاصد بين الناس، ما كان هذا هو حال العالم الذى لا يكاد يتجاوز مشكلة حتى يتعثر فى معضلة.