بقلم: سليمان جودة
أظن أن الخدعة التى تعرض لها الرئيس زين العابدين بن على فى تونس أيام ما يسمى الربيع العربى، هى نفسها التى تعرضت لها الشيخة حسينة واجد فى بنجلاديش قبل أيام.
وقتها قيل للرئيس زين العابدين إن التونسيين فى الطريق إلى القصر، وإن أفضل شىء يمكن أن يفعله هو أن يغادر الآن.. نعم الآن.. وما إن غادر الرجل وارتفعت طائرته فى السماء، حتى علم أن الأمر لم يكن أبدًا على ما جرى تصويره له قبل إقلاع الطائرة!
هذا كلام تجده صراحةً فى مذكرات زوجته ليلى بن على، وتجده فى أحاديث متفرقة قالها بعد أن استقر فى السعودية لاجئًا سياسيًا.
يتكرر الموضوع فى بنجلاديش مع ما بين البلدين من آلاف الكيلو مترات، ونتابع خروج رئيسة الوزراء الشيخة حسينة بطائرتها من البلاد، رغم أنه لم يكن يوجد شىء حقيقى على الأرض يدعوها للمغادرة.. فقانون الحصص الوظيفية الذى أصدرته وتسبب فى حراك طلابى ضدها، كان من الممكن جدًا التراجع عنه أو مراجعته على الأقل.
ورغم كل ما يُؤخذ عليها فى مجال الحريات بالذات، وفى مجال التضييق على الشيخة خالدة ضياء التى تُعتبر أقوى منافس لها، وفى مجال التضييق أيضًا على حامل نوبل الدكتور محمد يونس، إلا أنها قدمت للبلاد ما كان من المؤكد أن يشفع لها.
يكفى أن نراجع تصنيف بلادها حاليًا فى صناعة الملابس، ويكفى أن نراجع حجم الصادرات وعائدها الناتج عن وضع بنجلاديش فى موقع متقدم جدًا فى هذه الصناعة خصوصًا.. ولايزال كثيرون يضربون المثل ببنجلاديش باعتبارها تجربة تنموية نادرة.
فإذا لم يشفع للشيخة حسينة هذا ولا ذاك، فلابد أنه كان سيشفع لها أنها ابنة الشيخ مجيب الرحمن الذى قاد البلاد نحو الإستقلال عن باكستان فى 1971، والذى راح فى النهاية ضحية لمذبحة مروعة هو وزوجته وثلاثة من أبنائه فى 1975!
هذا كله لابد أن يتوارد على ذهنك وأنت تتابع الأنباء التى تحدثت عن إقلاع طائرة على وجه السرعة، بينما على متنها الشيخة حسينة وشقيقتها الصغرى ريهانا إلى الهند.. لماذا على وجه السرعة؟.. ولماذا ظهرت الشيخة فى عجلة من أمرها وهى تغادر؟.. ولماذا بدا الأمر وكأننا نتابع مشهد الرئيس زين العابدين ذاته من جديد؟.. ولماذا بدا مشهد مغادرة الشيخة حسينة وكأنه صورة بالكربون من مشهد زين العابدين؟.. هذه كلها تساؤلات لا جواب لها الآن، وسوف يتعرف البنجلاديشيون على الجواب حتمًا ذات يوم، ولكن ذلك سيكون بعد فوات الأوان كما جرى فى تونس بالضبط.