بقلم : سليمان جودة
فى الوقت الذى أذاعت فيه وكالات الأنباء أن وزير الخارجية الإيرانى، عباس عراقجى، فى الطريق لزيارة القاهرة، مساء أمس الأول، كانت إسرائيل والولايات المتحدة تستهدفان ذراعين من أذرع إيران فى المنطقة. كانت إسرائيل، بالتزامن مع الحديث عن الزيارة، تقوم بغارة على أهداف إيرانية فى مدينة اللاذقية السورية، بما أدى إلى إشعال حرائق فيها، وكانت الولايات المتحدة تضرب الجماعة الحوثية فى اليمن بقاذفات بى ٢ الشبحية، للمرة الأولى.
حدث هذا بالتوازى مع القيام بالزيارة، التى وصفها مراقبون بأنها الأولى من نوعها منذ ٢٠١٣، وإذا كانت هى كذلك، فالوزير عراقجى كان قبل أن يتوجه إلى قاهرة المعز قد زار بيروت، ومن بعدها زار الرياض، ثم زار بغداد، مع تسريب أخبار عن أنه خلال زيارته العراقية قد تواصل هناك مع السفارة الأمريكية.
ولا بد أن حكومة المرشد على خامنئى فى طهران تجد نفسها فى مأزق مزدوج هذه الأيام، فهى مرة تجد أذرعها هدفًا فى المنطقة لإسرائيل والولايات المتحدة معًا.. وهى مرةً ثانية تجد أنها هى نفسها هدف لهجمات إسرائيلية مرتقبة.. ولم يحدث هذا من قبل، ولكنه من تداعيات هجوم السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، الذى قامت به كتائب عزالدين القسام على المستوطنات الإسرائيلية المجاورة لقطاع غزة، فأقام الدنيا منذ ذلك اليوم ولم يُقعدها بعد.
ومن الواضح أن عراقجى يحمل رسائل غير معلنة فى زياراته هذه كلها، ولكن الأوضح أن حكومة المرشد إذا لم تراجع سياستها فى الإقليم، وإذا لم تُوقف أذرعها عن العبث بأمن الإقليم، فإنها تظل تتحدث فى التفاصيل لا فى الموضوع.
لقد ذهب عراقجى إلى بيروت ثم عاد، ولكن لبنان لا يزال بلا رئيس، والكل يعلم أن الطرف الذى يعطل اختيار رئيس لبنانى جديد على مدى أكثر من عامين هو حزب الله.. وليس الحزب كما يعلم الجميع سوى ذراع من بين أذرع إيران فى المنطقة، بل هو أقوى هذه الأذرع، أو أنه كان الأقوى قبل أن يتلقى الضربات الإسرائيلية المتتابعة فى الفترة الأخيرة.
وفى جنوب البحر الأحمر، تمارس جماعة الحوثى ما تمارسه مع السفن العابرة من جنوب البحر إلى شماله أو العكس، ولا تتضرر دولة من هذا العبث بقدر ما تتضرر مصر لأن حركة الملاحة فى قناة السويس منذ بدء الجماعة عبثها ليست مثلها قبل ذلك، أما الخسائر المصرية من هذا كله فمعلنة وليست سرية، وهى بالمليارات من الدولارات.
كل كلام من جانب إيران لا يذهب إلى إسكات أذرعها عما تفعله فى أنحاء المنطقة هو كلام فى تفاصيل «لا تُنتج فى الدعوى»، كما يقول أهل القانون.