بقلم: سليمان جودة
جرت انتخابات البرلمان فى الأردن يوم ١٠ من هذا الشهر، وحصلت جماعة الإخوان على ٣١ مقعدًا من بين ١٣٨ مقعدًا هى مجمل مقاعد البرلمان.وقد كتب الوزير فيصل الشبول، وزير الإعلام الأردنى السابق، مقالًا مهمًّا فى صحيفة الشرق الأوسط اللندنية عن نتيجة الانتخابات، فقال ما معناه أن الإخوان فى الأردن سيصبحون فى مفترق طرق بعد هذه النتيجة، فإما أن يتصرفوا داخل المجلس التشريعى كرجال مسؤولين، وإما أن يضطروا صانع القرار فى البلاد إلى خيارات يعرفونها.
وإذا كان لى أن أضيف شيئًا إلى ما ذكره الوزير الشبول، فسوف أستعين بحديث الرسول، عليه الصلاة والسلام، عندما عاد من إحدى معاركه، فقال: عدنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر، فلما سأله الصحابة عن الجهاد الأكبر قال: جهاد النفس.
ذلك أن إخوان الأردن مدعوون إلى جهاد النفس أكثر من أى جهاد آخر، ولا يعنى جهاد النفس فى هذه الحالة إلا أن يجاهدوا حالة الشره لديهم إلى السلطة، وأن يدركوا أنهم مكون من مكونات المجتمع الأردنى، لا المجتمع الأردنى كله، ولا حتى غالبيته، وأن يفهموا أنه ليس من حق جماعة أن تفرض ما تراه على وطن بكامله.
لقد جاء وقت على الإخوان فى الأردن استقووا فيه على الأردنيين بطريقة غير مسبوقة.. كان ذلك فى وقت ما لا يزال يُسمى الربيع العربى، ولولا وعى المواطن فى الأردن وقتها لكانت الأمور هناك قد سارت فى طريق آخر.. وهو الوعى نفسه الذى تحلى به المصريون عندما منحوا جماعة الإخوان فرصة الحكم، ثم عندما اكتشفوا أنها جماعة دون القدرة على تحمل المسؤولية، فخرجوا عليها وأنزلوها من مقاعدها، لا لشىء، إلا لأن الحكم مسؤولية عن بلد وعن ناس، قبل أن يكون مقاعد أو أن يكون سلطة.
أسوأ شىء يمكن أن يقع لإخوان الأردن هو أن ينتشوا بالنتيجة فى الانتخابات، أو أن يعودوا إلى الاستقواء من جديد، أو أن يحاولوا فرض وصايتهم على المجتمع الأردنى أو على الدولة.. فعندها سيجدون أنفسهم وقد عادوا إلى المربع الأول.. وإذا شاءوا أن يتعلموا من شىء، فليتعلموا من العبارة التى قالها ذات يوم جمال البنا.. قال: إن جماعة الإخوان لا تتعلم ولا تنسى.
ولا بد أن أمامهم فى عمان أن يُخيّبوا ظن البنا فيهم، وأن يُثبتوا هذه المرة أن عندهم استعدادًا للتعلم والنسيان.