بقلم - سليمان جودة
فى اتصال تليفونى جرى بين رمطان لعمامرة، وزير الخارجية الجزائرى، وفيصل المقداد، وزير الخارجية السورى، قال المقداد إن بلاده تفضل ألا تكون عودتها إلى مقعدها الشاغر فى جامعة الدول العربية، موضوعا معروضا على القمة العربية المقبلة فى الجزائر!.
ولا أحد يعرف ما هى بالضبط دوافع هذا الموقف السورى المفاجئ، لكن ما نعرفه أن الجزائر كانت متحمسة لهذه العودة، وكانت تعمل على إتمامها بأى طريقة، وكانت تتصرف على هذا النحو بدافع الحس العربى القوى لديها، ولأنها هى الدولة التى ستستضيف القمة أول نوفمبر!.
وليس سرا أن هذا الموضوع السورى بالذات كان محل خلاف بين العواصم العربية ولايزال.. وعندما تناثرت أنباء فى الفترة الأخيرة عن احتمالات تأجيل القمة، ساد شعور باليأس فى أوساط عربية كثيرة، لأن الرهان على انعقادها كان كبيرا ولا يزال، ولأنها لم تنعقد من سنين، ولأن العرب ليسوا أحوج إلى شىء فى هذه الأجواء الدولية العاصفة، قدر حاجتهم إلى أن يلتقوا فى قمة تنقذ ما يمكن إنقاذه بين المحيط والخليج!.
وليس من الممكن أن نقول إن دمشق تعرضت لضغط ايرانى، فأظهرت هذه الرغبة على لسان الوزير المقداد، لأن سوريا عربية لحما ودما، ولأن كل ما هو عربى على أرضها يسبق كل ما هو سورى، وليس أدل على ذلك إلا أن مسمى جيشها هو الجيش العربى السورى، لا الجيش السورى العربى.. وهكذا الأمر هناك فى كل مجال من دمشق الشهباء إلى حلب الفيحاء!.
ولا من الممكن القول بأن روسيا تفضل ما أعلنه المقداد خلال اتصاله مع الوزير لعمامرة، لأن الروس كانوا أكثر الناس حماسا لعودة سوريا إلى المقعد الشاغر، وقد أعلنوا ذلك مرارا وأكدوه!.
ولكن ما يمكن قوله إن السوريين استشعروا الحرج الذى يسببه موضوع عودتهم لعواصم عربية معينة، فقرروا رفع الحرج عن الجميع، حتى لا تتفجر القمة خلال انعقادها بسبب هذا الموضوع، وحتى لا تتأجل قمة نحن كعرب أحوج ما نكون إليها، وأحوج ما نكون إلى أن تأتى مختلفة عن سابقاتها!.
هذا موقف سورى محترم، لأنه يقدم الصالح العربى على المصلحة السورية، ولأنه كذلك، فلن يكون للقمة عذر إذا ما جاءت دون طموح كل عربى يترقب وينتظر!.