بقلم: سليمان جودة
السؤال الأهم فى عملية اغتيال حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله فى لبنان، هو عن الطريقة التى وصل بها الإسرائيليون إليه؟.. فلقد عاش فى مكانه سنوات طويلة دون أن تصل إليه تل أبيب، فكيف جرى قصف المكان الذى تواجد فيه بهذه السهولة؟.
أما الحقيقة الوحيدة الواضحة فى مقتله، فهى أنه قد جرى تسليمه للإسرائيليين بيعا وشراءً، وسوف يظل الخلاف حول هوية الطرف الذى باعه لإسرائيل.. هل هو طرف داخل الحزب، أم أنه طرف خارج الحزب فى المنطقة والإقليم؟.
وإلى أن نعرف شيئا عن ذلك، سيبقى الحديث عن حزب الله ككيان داخل لبنان، وعن الدور الذى قام به فى الماضى وسوف يقوم به فى المستقبل.
فالحزب له وجهان منذ نشأ: وجه مقاوم يقف فى وجه المحتل الإسرائيلى ويطارده، ووجه سياسى يشارك فى الحياه السياسية فى لبنان، وفى الحكومة، وفى البرلمان.. وقد كان الخلاف الطويل ولايزال حول الوجه الثانى، لأنه لم يكن وجه مشاركة مع بقية القوى السياسية فى البلد، بقدر ما كان وجه تعطيل لها، ثم وجه استحواذ على ما ليس له من الأمور.
إن قصر بعبدا الرئاسى اللبنانى شاغر منذ ما يقرب من عامين، ولا سبب فى شغوره إلا أن القوى السياسية اللبنانية عاجزة عن اختيار رئيس جديد يخلف الرئيس ميشيل عون الذى غادر فى ٣٠ أكتوبر ٢٠٢٢، ولا سبب لعجز القوى السياسية إلا أن حزب الله كان يعطلها عن اتخاذ قرار الاختيار كلما اجتمعت لاختيار الرئيس الجديد.. فالرئيس فى لبنان يختاره البرلمان بأغلبية أعضائه ولا يختاره الناخبون بالاقتراع الحر المباشر.. ولأن الكتلة البرلمانية للحزب كانت دائما كتلة كبيرة، فإنه كان يستخدمها فى إجهاض أى اختيار، إذا كان الاسم الذى تريد القوى السياسية اختياره لا يحظى بتأييد الحزب، أو لا يأتى على مزاجه أو هواه السياسى!.
فماذا كانت النتيجة؟.. كانت أن البلد بقى بلا رئيس كل هذه الفترة.. أما الثمن فلقد دفعه لبنان من اقتصاده ومن استقراره ولايزال.. وربما لهذا السبب كان أول شىء دعا إليه نجيب ميقاتى، رئيس الحكومة اللبنانية، بعد اغتيال نصرالله، هو اختيار رئيس للبلاد.. دعا إلى ذلك وكله رجاء ألا يقف الحزب الآن من الاختيار ما كان يقفه فى حياة حسن نصرالله.
ندعو الله ألا يُخيّب رجاء ميقاتى، وألا يتأخر حضور الحزب فى الحياه السياسية مُسعفا لا معطلا فى قضية اختيار الرئيس، وفى كل قضية داخلية أخرى يكون طرفا فيها.