نظرية ملء الفراغ

نظرية ملء الفراغ

نظرية ملء الفراغ

 صوت الإمارات -

نظرية ملء الفراغ

بقلم: سليمان جودة

رغم أن نظرية ملء الفراغ نظرية علمية فى الأساس، ورغم أنها واحدة من نظريات علم الكيمياء، فإنها اشتهرت بين الناس باعتبارها نظرية سياسية أكثر منها نظرية علمية.

وأساسها أن وجود فراغ فى أى مكان يجد مَنْ يتقدم ليملأه على الفور، ولا يغيب هذا المعنى فى أى وقت، سواء كان الفراغ فى أنبوب أبحاث فى معمل، أو كان فراغًا سياسيًّا على مستوى محلى، أو عربى، أو إقليمى، أو دولى.. لا يغيب المعنى فى كل هذه الأحوال لأن منطق الأمور يقول به، ولأنه من سُنن الطبيعة ومبادئها الثابتة.

وكان الرئيس الأمريكى أيزنهاور هو الذى رفع لواء هذه النظرية فى مرحلة ما بعد تأميم قناة السويس ١٩٥٦ لأنها مرحلة شهدت انسحاب الإنجليز والفرنسيين من المنطقة، وكان من الطبيعى أن ينشأ فراغ عن انسحابهم. ولأن مفعول نظرية الفراغ يظهر على الفور فى مثل هذه الحالة، فإن الأمريكيين تقدموا بقيادة أيزنهاور ليملأوا الفراغ الناشئ عن انسحاب بريطانيا وفرنسا. وقد تكرر الأمر بعد ذلك فى حالات كثيرة على مستوى دول المنطقة وخارجها، ولكن بقيت الحالة الأمريكية فى أيام أيزنهاور هى الأشهر والأكبر.

يتكرر الموضوع من جديد فى الحالة السورية هذه الأيام لأن فراغًا نشأ فى سوريا على أكثر من مستوى بعد سقوط نظام حكم بشار الأسد.. نشأ فراغ عن سقوط الأسد، فجاءت هيئة تحرير الشام، بقيادة أبومحمد الجولانى، الشهير بأحمد الشرع، لتملأه على الفور.. ونشأ فراغ عن انحسار النفوذ الإيرانى فى دمشق ومعه النفوذ الروسى لأن عمق ارتباطهما بنظام الأسد أدى إلى ربط مصيرهما بمصيره، ولأن اختفاءه كان يعنى اختفاءهما بالتالى.

وكان لابد أن يأتى طرف أو أطراف لتملأ الفراغ الذى نشأ فى العاصمة السورية، وكان الطرف التركى جاهزًا من قبل نشأة الفراغ، فكان هو تقريبًا أول الأطراف الحاضرة!.

ومن بعده راحت الأطراف تتقاطر وراء بعضها البعض، وكان الطرف الأمريكى هو الأسبق من خارج المنطقة، وكان حديث أنتونى بلينكن، وزير الخارجية الأمريكى، عن أن بلاده على اتصال مباشر بهيئة تحرير الشام دليلًا لا تخطئه العين على ذلك.. وما كاد يقول ذلك حتى كان الألمان قد جاءوا، ومن ورائهم جاء البريطانيون، ثم جاء من بعد ذلك الفرنسيون.. ولا تزال الأطراف المختلفة تتزاحم فى الحضور لتملأ فراغًا لا بديل عن أن يمتلئ.

تبحث عن حضور عربى وسط كل ذلك فلا تكاد تعثر على شىء، مع أن العرب أوْلَى بسوريا من أى طرف آخر.. ولابد أن الغيورين على سوريا يتطلعون إلى اللحظة التى يجدون فيها مسؤولًا عربيًّا يجتمع مع الشرع فى دمشق كما اجتمع به الذين سبقوا.. إن هذه اللحظة لا يجوز أن تتأخر بأى حال؛ لأن كل طرف يسارع ليحجز مقعده هناك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نظرية ملء الفراغ نظرية ملء الفراغ



GMT 20:38 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

المخرج الكوري والسعودية: الكرام إذا أيسروا... ذكروا

GMT 20:38 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

هل سيكفّ الحوثي عن تهديد الملاحة؟

GMT 20:37 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

برّاج في البيت الأبيض

GMT 20:36 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

الاستعلاء التكنوقراطي والحاجة إلى السياسة

GMT 20:36 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

مخاطر مخلفات الحروب

GMT 20:35 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

ماذا عن التشكّلات الفكرية للتحولات السياسية؟

GMT 20:35 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أسعار النفط تحت تأثيرات التطورات الجيوسياسية

GMT 20:34 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

إعادة الاعتبار للمقاومة السلمية

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان
 صوت الإمارات - عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 02:40 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 17:54 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

زيت النخيل مفيد لكن يظل زيت الزيتون هو خيارك الأول

GMT 04:49 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

وحيد إسماعيل يعود لصفوف الوصل

GMT 19:51 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

شركة "سامسونغ" تحدد موعد إطلاق أول هواتفها القابلة للطي

GMT 22:19 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف إلى خطة مدرب الشارقة لمواجهة الوحدة

GMT 03:33 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

لقاء ودي بين محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي

GMT 02:31 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

كيف تحمى طفلك المريض بضمور العضلات من الإصابة بفشل التنفس ؟

GMT 03:01 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

معرض جدة الدولي للكتاب يسدل الستار على فعالياته الثلاثاء

GMT 11:49 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

بلدية العين تنفذ حملات تفتيشية على 35 مقبرة

GMT 21:50 2014 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

جينيف سماء ملبدة بغيوم الحنين والبهجة

GMT 22:54 2013 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

"سامسونغ" تُطلق ذراع تحكم بالألعاب لهواتف أندرويد

GMT 10:58 2013 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

"كلاكيت" رواية جديدة للكاتب محمد عبد الرازق
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates