بقلم - سليمان جودة
كان الملياردير الأمريكى، إيلون ماسك، رئيس شركة تيسلا لصناعة السيارات الكهربائية، قد أثار ضجة واسعة عندما قرر شراء «تويتر»، قبل أسابيع، لولا أنه أعلن تجميد الصفقة مؤقتًا، فهدأت الضجة حول صفقة كانت قيمتها تصل إلى ٤٤ مليار دولار!.
ولكنه عاد إلى إثارة ضجة جديدة مرةً أخرى حين أعلن عن القواعد المنظمة للعمل داخل شركته فى مرحلة ما بعد ڤيروس كورونا!.
وكان سبب الضجة الجديدة أنه قال إن العمل فى الشركة سيصبح حضوريًّا بالكامل، وإن كل موظف لا يحضر إلى موقع عمله سوف يكون فى حكم المستقيل، وإن على أى واحد من موظفى «تيسلا» أن يقضى فى مكتبه ٤٠ ساعة فى كل أسبوع!.
وهذا الكلام هو على العكس تمامًا مما عاش الناس يعتقدون أنه سيكون أساس العمل بعد كورونا.. فليس فى العالم عاصمة إلا وكان موظفوها يمارسون عملهم إلكترونيًّا طوال زمن كورونا، وكانوا يتصورون أن هذه ستكون القاعدة فى المستقبل، فإذا بالملياردير الأمريكى يهدم هذا التصور من أساسه، وإذا به لا يعترف بعمل الموظف إلا إذا كان فى مقر الشركة بكل فروعها!.
وكان المنطق الذى يستند إليه فيما يقوله أن شركته تفوقت على باقى الشركات وحققت الكثير منذ نشأتها، وأن مواصلة التفوق الذى حققته لا يمكن أن تدوم إلا بالعمل الحضورى الذى ينمى المهارات، لا العمل تليفونيًّا، ولا إلكترونيًّا!.
ومن قبل كانت منظمة التربية والعلوم والثقافة، الشهيرة بـ«اليونسكو»، قد قالت- من مقرها فى باريس- إن الحديث عن تعليم «أون لاين» هو حديث فى حقيقته عن لا تعليم، وإن التعليم الذى تعرفه، باعتبارها المنظمة الدولية الكبرى فى موضوعها، هو التعليم الذى يتم فى المدرسة، لا فى البيت ولا فى أى مكان آخر!.. وكانت منظمة اليونيسيف المهتمة بالطفولة قد قالت الكلام نفسه، من مقرها فى جنيف!.
وما يقوله «ماسك» والمنظمتان معًا هو ما تقول به طبائع الأمور لأن للعمل الوظيفى الجاد مكانه، الذى لا يكتمل إلا فيه، وللتعليم الجاد أيضًا مسرحه، الذى لا يكون التعليم تعليمًا إلا إذا جرى عليه.. وما عدا ذلك هو التفاف على حقائق الأشياء فى حياة البشر!.