بقلم - سليمان جودة
خرجت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من دار المستشارية في ٨ ديسمبر الماضى، ومعها خرج حزبها المسيحى الديمقراطى من دار الحكم إلى مقاعد المعارضة!.وفى هذه الدار قضت المستشارة ١٦ سنة تحكم ألمانيا بشكل مباشر، ثم تحكم أوروبا كلها من وراء بلادها بشكل غير مباشر، فلما غادرت كان السؤال ولا يزال عمّن يملأ مقعدها الشاغر، ليس بالطبع في برلين وحدها، ولكن على مستوى عواصم القارة العجوز كلها!.. ولا يزال اسم المستشار أولاف شولتز الذي خلفها بعيدًا عن بورصة الأسماء المرشحة!.
وكان الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون هو المرشح لملء هذا المقعد، سواء في أثناء وجود صاحبته في الحكم لما يقارب العقدين من الزمان، أو خلال الشهور القليلة التي انقضت من بعد رحيلها!.
ومع دخول الحرب الروسية على أوكرانيا شهرها الرابع في ٢٤ من هذا الشهر، تساءل الأوروبيون ولا يزالون عما إذا كان في القارة رجل يستطيع وقف هذه الحرب.. فالقتال الذي يدور على الحدود الشرقية لأوكرانيا هو قتال على أرض أوروبية، كما أن أصوات المدافع يسمعها تقريبًا كل أوروبى في كل بيت في القارة، وإذا لم يكن يسمعها مباشرةً، فإنه يرى أثرها المباشر في حياته!.
وليس في أوروبا بيت إلا وهو مشغول بهذا السؤال: ماذا لو اشتعلت هذه الحرب، وقت أن كانت ميركل في دار المستشارية تحكم؟!.. وأصحاب السؤال عندهم حق طبعًا لأن تجربتهم مع ميركل تقول إنها كانت قادرة على وقف نيران الحرب، إذا ما ذهبت تتناول مع الرئيس الروسى بوتين فنجانًا من الشاى!.
ومما يُقال عن الخليفة الراشد الثانى عمر بن الخطاب أن مريضًا جاءه يشكو ذات يوم، وأن ابن الخطاب مرّر يده على موضع الوجع وقرأ فاتحة القرآن الكريم فذهب المرض وتعافى الرجل.. وفيما بعد رحيل عمر أُصيب الرجل نفسه بالمرض، فلم يملك إلا أن يجرب تمرير يده على موضع وجعه مع قراءة الفاتحة، ولكن المرض لم يذهب هذه المرة ولا تعافى الرجل، فقال رجل كان قد عايش الواقعتين: الفاتحة هي الفاتحة.. ولكن أين يد عمر؟!.
لقد سعى ماكرون إلى وقف الحرب مرة، ثم سعى شولتز مرةً ثانية، ومعهما سعى غيرهما من قادة أوروبا والعالم مرات، ولكن دون جدوى في كل المرات.. ولابد أن الذين تابعوا هذا كله قد فعلوا ذلك ولسان حالهم يقول: الحرب هي الحرب.. ولكن أين يد ميركل؟!.