بقلم: سليمان جودة
تحمل جوائز «المصرى اليوم» للصحافة الكثير من المزايا، ولكن الميزة الأهم أنها تتوجه إلى أصحاب الخبرة فى مهنة الصحافة، ثم لا تنسى أن تجمع معهم شباب المهنة على منصة واحدة.. وهذا ما حدث فى حفل توزيع الجوائز قبل ساعات.. ولأن الجائزة خمسة فروع، فالفرع الخاص بشخصية العام، والذى يحمل اسم توفيق دياب، قد ذهب فى دورته الأولى هذه السنة إلى الصحفى الأمريكى كريس هيدجيز.
ومن سنة إلى سنة، سوف تكون هذه الجائزة فرصة ليتذكر الناس على أرض المحروسة أن رجلًا اسمه توفيق دياب قد مرّ ذات يوم من هنا، وأنه كان صاحب صحيفة «الجهاد» التى ملأت الدنيا فى مرحلة ما قبل ١٩٥٢، وأنه كان واحدًا من ملوك الكلمة الحرة فى تلك الأيام.
كان هيدجيز قد عمل مراسلًا لصحيفة «نيويورك تايمز» فى الشرق الأوسط والبلقان لأكثر من ٢٠ سنة، وكان قد حصل على جائزة «بوليتزر» التى تُعتبر الجائزة الأهم فى الصحافة الأمريكية، وكانت تجربته فى تغطية أخبار الحروب والإرهاب لسنوات طويلة قد جعلته يتخذ موقفًا شجاعًا من الحرب الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة.
يكفى أن يكون رأيه فى هذه الحرب كالتالى: إسرائيل تعيش حالة من الإفلاس الأخلاقى، وما تفعله فى غزة يحكم عليها بالإعدام دون أن تدرى، وما ترتكبه مع المدنيين فى أنحاء القطاع يهدم كل قيمة من القيم الأساسية لليهودية كديانة سماوية.
هذا صوت أمريكى مختلف، وهو ليس وحيدًا فى بلاد العم سام، ولكن المشكلة أنه مع سواه ممن يشبهونه فى موقفه الشجاع يمثلون أقلية فى بلد جرى اختطافه سياسيًا لصالح اسرائيل.. ولكن هذا لا يمنع من أن نظل نضع مثل هذه النماذج فى برواز، لعل ذلك يمنح الناس هنا وفى العالم بعضًا من التفاؤل.
ويتبنى هيدجيز رأيًا يقول إن إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن قادرة على وقف الحرب الوحشية على غزة إذا ما قررت وقف إرسال شحنات السلاح إلى إسرائيل.
وهذا رأى يتبناه آخرون معه فى الولايات المتحدة، وأشهر الذين يدعون الإدارة الأمريكية إلى ذلك هو السيناتور بيرنى ساندرز، الذى لم يمنعه انتماؤه للحزب الديمقراطى الحاكم فى واشنطن من أن يرفع راية العصيان فى وجه إدارة بايدن، ولا من أن يظل يدعوها إلى أن تجرب سلاح وقف إرسال الشحنات إلى تل أبيب.. وعندما دعا الكونجرس الأمريكى بنيامين نتنياهو للحديث أمامه فى العاصمة الأمريكية، وحدد ٢٤ يوليو للحديث، وقف ساندرز فى وجه الدعوة بكل طاقته، ووصف نتنياهو بأنه مجرم حرب لا يجب أن يدخل مبنى الكونجرس.
مثل هيدجيز وساندرز يستحقان أن نظل نضعهما فى إطار، لأن من شأن ذكرهما وذكر أمثالهما أن يفتح لنا نافذة من الأمل