بقلم - سليمان جودة
جاءت فرقة كورال الجامعة الأردنية إلى دار الأوبرا، فأحيت وصلة غنائية مُبهجة، وأسعدت الحاضرين بأعذب الألحان، وكانت المناسبة هى الاحتفال بالذكرى السادسة والسبعين لعيد الاستقلال!.. وكان تقدير السفير أمجد العضايلة، سفير الأردن فى القاهرة، أن الموسيقى لغة محبة عالمية، وأنها تنقل رسالتنا فيما بيننا بجمالياتها ومحاسنها البديعة دون وسيط!.
ولم يكن فى قاعة الأوبرا مدعو إلا وكان يهتز طربًا لما كان يسمعه من تجليات الفلكلور الشعبى فى أرض الهاشميين، ولم يكن فيها ضيف إلا وكان يتجاوب مع الإيقاع السريع الحافل الذى يميز موسيقى الفرقة ويحملها إلى أرجاء المكان، وكان يجد فى أصواتها الشجية ما يغذى وجدانه ويملؤه بالفرح!.
وقد خلط كورال الجامعة بين ما هو وطنى معاصر يشعل الحماس، وما هو تراثى قديم يتردد فى المناسبات والأفراح، فيسافر بالسامع بعيدًا إلى كل أصيل، ويأخذه إلى زمنٍ لم يكن فيه ما يلوث الأُذن ولا ما يؤذى البصر والعين، وكانت موسيقاه ترقق الإحساس وتعلو بالأذواق!.
وليس أقدر من الموسيقى على أن تمتد جسرًا يصل بين الشعوب.. ولا أقدر من الفن على أن يجمع ما لا يجمعه غيره!.
وفى هذه الأجواء التى يعيشها العالم من حولنا، وتعيشها هذه المنطقة بالضرورة فى القلب من العالم، تكتسب ذكرى أعياد الاستقلال معنى خاصًا فى كل عاصمة عربية، وهو معنى لم تكن عواصمنا تعرفه من قبل فى كل ما مر عليها من السنين!.. وكيف تعرفه وقد جاء عليها حاضر تبدو فيه أرض العرب هدفًا للذين يصوبون عليها من داخلها ومن خارجها على السواء؟!.
ولايزال عاهل الأردن عبدالله الثانى يملك الكثير من حكمة الوالد الملك حسين فى احتواء ما يجده من رياح تهب على بلاده من وقت إلى آخر.. وقد كان الأمير حمزة عنوانًا لأزمة بدت خلال الفترة الأخيرة أكبر فى أبعادها مما ظهر أمامنا، لولا أن الحكمة الهاشمية الموروثة قد حصرتها داخل الأسرة الحاكمة فى الأردن، ولولا أن الملك قد أشرك معه الأردنيين وجعلهم شهودًا على ما قرره وذهب إليه من إجراءات!.
وهكذا.. فإن السياسة تأبى إلا أن تزاحم الفن فى ليلة أردنية بدأت بالموسيقى وانتهت بالغناء.. وتأبى إلا أن تتسلل من النافذة إذا أعياها أن تمر من الباب!.