بقلم - سليمان جودة
جاءتنى رسالة وخطاب من المحافظ طارق عامر، محافظ البنك المركزى، تعليقًا على ما كتبته صباح أمس فى هذا المكان، عن اختياره رئيسًا لاجتماعات الصندوق والبنك فى خريف هذه السنة!.وكنت قد أشرت إلى أن رؤساء البنوك قد راحوا يتبارون فى مدح اختيار الرجل لرئاسة اجتماعات الخريف، وأن هذا ليس هو أبدًا الشىء المناسب الذى كان عليهم أن يفعلوه، لأن الاختيار لرئاسة هذه الاجتماعات مسألة دورية فى كل سنة، ولأن علينا دائمًا أن نضع الأمور فى نطاقها الصحيح دون تهوين أو تهويل، وألا نقدم للناس نصف الحقيقة فى أى خبر نضعه أمامهم، وإنما نقدم لهم الحقيقة كاملة!.
فى الخطاب الذى أرسله المحافظ يتبين أن رئاسة هذه الاجتماعات قضية دورية بالفعل، وأنها تتنقل بين المناطق والقارات على مستوى العالم، وأن اختيار عامر رئيسًا هو اختيار من بين محافظى البنوك المركزية فى منطقة الشرق الأوسط.
وفى الرسالة يقول إنه يتفق مع ما قلته، ولكنه يشير إلى أن الصحفيين هُم الذين يتبارون فى الاتصال برؤساء البنوك لسؤالهم عن رأيهم فى اختيار كهذا، وأن هناك أسبابًا كثيرة تدفع رؤساء البنوك إلى امتداح ذهاب الرئاسة إلى مصر وإلى محافظ البنك المركزى.. ومن بين هذه الأسباب أن المحافظ زميل لهم فى النهاية، ومنها أن الاختيار هو تكريم فى جانب منه للجهاز المصرفى الذى ينتمون إليه!.
وبمعنى آخر.. فإن المحافظ يريد أن يقول إن رئيس أى بنك يقع فى حرج إذا ما اتصل به صحفى يسأله، ويجد نفسه بين نارين: إما أن يقول إنها مسألة دورية روتينية فيقلل من شأنها، وإما أن يمتدحها لأن فيها تكريمًا غير مباشر للجهاز الذى ينتمى إليه، وللرجل الجالس على رأس هذا الجهاز بالتالى!.
وفى كل الأحوال.. فالمحافظ قد وجدها فرصة من جانبه ليقول فى رسالته إن الاختيار لرئاسة اجتماعات الخريف على مستوى صندوق النقد الدولى والبنك الدولى، إذا كان ينطوى على تكريم من نوع ما، فهو تكريم لزملائه من قيادات البنك المركزى والعاملين فيه قبل أن يكون تكريمًا له هو، وأن ذلك راجع إلى إيمانه كمحافظ بالعمل ضمن فريق متكامل، وأن دعم القيادة السياسية للبنك على مدى السنوات الماضية قد أعطاه الفرصة للعمل على الجمع بين الاستقرار الإقتصادى والاستقرار النقدى، الذى هو من صميم عمل أى بنك مركزى!.
وما يقوله المحافظ فى السطر الأخير صحيح فى تفاصيله وفى مجمله، ولكن الاستقرار النقدى الذى يسعى إليه لا يتحقق كما يجب إلا إذا اتبعت الحكومة سياسة مالية منضبطة بالتوازى!.