بقلم - سليمان جودة
لا بديل عن أن تنصت الدولة إلى الملاحظات التي تُقال على «وثيقة سياسة ملكية الدولة» منذ أن صارت موضوعًا للحوار والكلام مؤخرًا!.لا بديل عن ذلك لأن الوثيقة إذا لم تأخذ هذه الملاحظات في الاعتبار، فإنها ستخرج على الناس ناقصة، وسينال ذلك من مصداقيتها، وبالتالى من قدرتها على أن يكون لها تأثيرها المطلوب.. ومن هذه الملاحظات أن وثيقة مهمة كهذه يجب أن تُصاغ في مبادئ حاكمة، وفى كلمات قليلة، لا في ٤٨ صفحة كما هو حال مشروعها المطروح للأخذ والرد والنقاش!.
أما السبب فهو أن هذه الوثيقة ستكون بمثابة الدستور الحاكم في المسائل الاقتصادية.. ومن طبيعة الدساتير أن تكون قليلة الكلمات، وأن تكون موجزة في عباراتها، مكثفة في معانيها، ملخصة فيما تريد أن تقوله، بعيدة كل البعد عن الدخول في التفاصيل!.. فإذا صدرت الوثيقة في هذا العدد المشار إليه من الصفحات فهى ستكون أقرب إلى المتاهة منها إلى الوثيقة!.
وليس سرًّا أن تحديد دور الدولة في مجال الاقتصاد محور أساسى من محاور الوثيقة.. وإذا كان الأمر كذلك فلا بد من تعريفات واضحة لمفاهيم فاصلة في هذا المجال، ومنها على سبيل المثال مفهوم «المستثمر الاستراتيجى»، الذي يمكن أن يتردد بيننا في مرحلة ما بعد إقرار الوثيقة!.
والسؤال هو: هل ستتعامل الدولة مع مثل هذا المستثمر، عندما تقرر التخارج من نشاطات ومجالات اقتصادية كثيرة تقول إنها ستتخارج منها بموجب الوثيقة على سنوات؟!.. إن المستثمر الاستراتيجى الذي عرفناه في مرحلة من مراحل الخصخصة في السابق هو المستثمر الذي يأتى ليستحوذ على أي شركة معروضة من بابها ويكون له نصيب الأسد فيها!.
هذه النوعية من المستثمرين يجب ألّا يكون لها مكان مع دخول الوثيقة حيز التنفيذ لأن الأجدى هو الطريقة التاتشرية في بيع الشركات للقطاع الخاص.. وهى طريقة كانت مارجريت تاتشر، رئيسة الحكومة البريطانية السابقة، قد اعتمدتها في بريطانيا، وكان أساسها طرح الشركات للبيع بأسهم للشعب في البورصة، على أن يكون هناك حد أقصى معلن يجب ألا يتجاوزه صاحب أي سهم!.
هذه طريقة جربتها «تاتشر» في بلادها، وهذه طريقة أظهرت نجاحًا هناك، وليس مطلوبًا منّا أن نعيد اختراع العجلة في الوثيقة ولا في غير الوثيقة!.