بقلم - سليمان جودة
أخطر ما فى الأزمة الاقتصادية القائمة أن يتداول الإعلام أخبارا ذات طابع اقتصادى بطريقة ناقصة، ثم تسكت الحكومة ولا توضح الأمر للناس!.
ومن بين هذه الأخبار ما أذاعته وسائل الإعلام، قبل أيام، عن اختيار طارق عامر، محافظ البنك المركزى، ليرأس اجتماعات الصندوق والبنك فى الخريف!.. إلى هنا يظل الخبر صحيحا ولا شىء فيه.. لكن ما هو غير صحيح، وما هو ليس فى محله، ولا فى موضعه، أن يتبارى رؤساء البنوك فى تهنئة الرجل على أساس أن الاختيار كان لقدرات خاصة فيه!.. وهذا غير صحيح بالمرة.. فالاختيار فى هذه الاجتماعات يتم بشكل دورى بين الدول، ولا دخل لقدرات المحافظ.. أى محافظ.. بالموضوع، ولو جاء الدور فى المرة المقبلة على محافظ البنك المركزى فى أقل دولة فى العالم، فسوف يرأس محافظها الاجتماعات دون مقدمات، ولا تهليل، ولا تكبير!.
ليس هذا بالطبع تقليلا من شأن طارق عامر، فمقام الرجل محفوظ، وما قام به فى الإصلاح الاقتصادى فى نوفمبر ٢٠١٦ وفيما بعدها، لايزال محسوبا فى ميزانه، وفى ميزان سياسة البنك المركزى النقدية!.
لكن القصة هى فى أن يصور رؤساء البنوك اختيار عامر على غير حقيقته، وأن يرسلوا بالتالى إشارات خاطئة إلى الرأى العام، وأن يجرى تصدير الخبر للناس منقوصا، وأن يتم إظهار وجه من الخبر، ثم يتم فى الوقت نفسه إخفاء الوجه الآخر!.
ولا يختلف عن ذلك ما تم تداوله فى الإعلام قبل ساعات عن تصنيف قام به تقرير مودى الائتمانى الشهير للاقتصاد المصرى، وعن تثبيت التصنيف لنا من جانبه عند درجة معينة هى: بى ٢!.
إن هذا التصنيف موجود من جانب التقرير نفسه من فترة، ولا جديد فى تثبيت التصنيف فيما يخص حاضرنا الاقتصادى، لكن الذين تداولوا الخبر صوروا الموضوع بشكل بدا مخيفا للناس.. وهنا كان على الحكومة أن تتدخل سريعا، وأن تعمل على طمأنة مواطنيها، وأن تقول إن حقيقة الموضوع كذا وكذا، وألا تترك مثل هذه الأخبار فى أيدى الذين يوظفونها فى التداول على وسائل التواصل لغرض معروف!.
العالم كله يمر بأزمة اقتصادية، وهى قاسم مشترك أعظم بين كافة الدول، لكن الطريقة التى تتعامل بها كل دولة على حدة مع الأزمة، تجعل تداعياتها لديها مختلفة عنها فى الدول الأخرى، ولاتزال مصارحة المواطن بالحقيقة، لا بنصفها، هى الطريقة الأنجح فى مواجهة الأزمة وفى الخروج منها!.