للعبادة معنى أشمل

للعبادة معنى أشمل

للعبادة معنى أشمل

 صوت الإمارات -

للعبادة معنى أشمل

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

كانت قناة التليفزيون الأولى قد نقلت صلاة التراويح طوال رمضان، وكان هذا من بين أفضل ما قدمته للمشاهدين فى شهر الصيام.

كان من بين الأفضل لأنه أتاح لمشاهديها أن يعرفوا أن إلى جوار مسجد الحسين مسجدًا آخر هو الجامع الأزهر، وأنهما متجاوران فلا يفصل بينهما إلا شارع الأزهر، وأن الثانى لا يقل فى روعة النقوش، ولا فى إبداع العمارة، ولا فى رحابة الصحن الممتد أمامه، ولا فى الأجواء الروحانية التى تغمر المكان وتملؤه.

كانت الكاميرا تتحرك فى أثناء نقل التراويح فتجعل المشاهد لا يتابع نقلها وفقط، ولكن يجد نفسه مستغرقًا فى تأمل بهاء الجامع وجماله.. كان المتابع يظل غارقًا فى تأمل تفاصيل ودقائق العراقة التى كانت تتجلى فى كل لقطة.. وربما أغرى ذلك بعض المشاهدين فخرجوا من بيوتهم قاصدين الأزهر ليروا بأعينهم ما كانت القناة تعرضه وتستعرضه أمامهم فى كل ليلة.

والحقيقة أن الجامع الأزهر يمثل نقلة فى وظيفة الجوامع بين الناس، إذا ما تطلعنا إليه فى زمانه الذى أنشأه الفاطميون فيه.. ومن قبل كانت البداية من مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام فى المدينة المنورة.. فهذا المسجد لم يكن للعبادة وفقط، ولكنه كان للعبادة والحكم معًا، وكان للتعلم أيضًا.

منه كان الرسول الكريم يؤم الناس للصلاة، ومنه أيضًا كان يحكم الدولة الإسلامية عند النشأة فى بدايتها، ومن بعده كان الحكم منه للخلفاء الراشدين، الذين وسعوه سنةً بعد سنة إلى أن جاء عثمان فلم يشأ أن يكتفى بتوسعته، ولكن أعاد بناءه، وجدد فى جدرانه وفى سقفه، وأضاف إليه من الزينة فى الأحجار والجدران ما يتناسب مع تمدد واتساع الدولة فى أيامه.

وعندما أنشئ الجامع الأزهر قبل أكثر من ألف سنة، لم يكن مركزًا للحكم، ولكنه كان مركزًا للتعليم وللعبادة معًا، وكانت حلقات العلم إلى جوار أعمدته لا تتوقف، فلما أنشئت جامعة الأزهر انتقلت إليها مهمة التعليم الحديث للطالب الأزهرى، وبقى الجامع للعبادة ومعها بعض الدروس ذات الطابع الدينى فى الأساس.

وما بين مسجد الرسول حيث العبادة، والحكم، والتعلم، وبين جامع الأزهر حيث التعليم والعبادة، تقع بقية المساجد والجوامع، التى لا تعرف إلا العبادة وحدها، فالتعليم أصبح له مكانه فى الجامعات والمدارس، والحكم صار له مقره فى قصور الحكم.. ولكن العبادة التى بقيت فى الجوامع والمساجد هى العبادة بمعناها الأشمل، الذى يعنى فيما يعنى عمارة الأرض بالعمل.. والعمل المقصود ليس أى عمل، ولكنه العمل الذى إذا اقترن بالإتقان صادف التوفيق من السماء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

للعبادة معنى أشمل للعبادة معنى أشمل



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 10:54 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 11:26 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

غوغل تُتيح فتح الحسابات بـ"بصمة الإصبع" دون كلمة مرور

GMT 05:32 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

الملابس المزينة بالسلاسل الذهبية لإطلالة أنيقة في 2019

GMT 02:55 2014 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

افتتاح معرض الكويت الدولي الـ39 للكتاب الأربعاء

GMT 21:02 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

وفاة والدة عبد الفتاح الجريني بعد صراعٍ مع المرض

GMT 06:08 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

منصور بن زايد يصدر 4 قرارات مهمة في نادي الجزيرة

GMT 03:05 2015 الخميس ,29 كانون الثاني / يناير

رواية "كاراكاس" رحلة بين الثقافتين المصرية والفنزويلية

GMT 17:34 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

محكمة الأسرة تشطب دعوى تمكين أحمد الفيشاوي من رؤية ابنته

GMT 23:41 2013 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

"آبل" تحضر لمؤتمر WWDC 2013 بتعليق لافتات عن "iOS 7"

GMT 17:32 2017 الإثنين ,23 كانون الثاني / يناير

خالد الجريسي نائبًا لرئيس اتحاد الفروسية

GMT 13:50 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيخ محمد بن زايد يأمر بتحديـث سياسـات الإسكان

GMT 17:00 2013 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

إطلاق أوبريت "القدس أرض الأنبياء" من بيروت
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates