بقلم - سليمان جودة
طبعًا أحترم قرار الدكتور مصطفى مدبولى إطلاق مشروع «وثيقة سياسة ملكية الدولة» ليكون موضوعًا فى حوار مجتمعى، ولكن مشروع الوثيقة لا يحتاج من الحكومة فيما يخص القطاع الخاص سوى إلى عبارة من سطر واحد تُقال!
والعبارة التى أقصدها لا بديل عن أن تُقال من جانب الحكومة، لا من جانب أى جهة غيرها، ولا من جانب أى طرف آخر سواها!
والهدف أن تمثل هذه العبارة التزامًا سياسيًا على مستوى الحكومة القائمة، ثم على مستوى كل حكومة أخرى قادمة من بعدها، لأن الحكومة تجلس بطبيعتها فى مواقع المسؤولية، وما يُقال على لسانها هو فى النهاية تعبير عن التزام بمسؤوليتها عما صدر عنها!
فما هى العبارة، وما هى المناسبة التى تجعلنا فى أشد الحاجة إليها؟!.. أما المناسبة فهى أن مشروع هذه الوثيقة التى تتكلم عنها الحكومة منذ فترة، يكشف عن أن الوثيقة تتكون من عدد من المحاور، ولكن محورًا منها بالذات يتحدث عن: تمكين القطاع الخاص!.. وأما العبارة فهى من كلمات معدودات كالآتى: يعمل القطاع الخاص فيما يستطيعه ولا تنافسه الدولة فيه!
هذه العبارة لا بديل عن أن تكون دستورًا لعمل القطاع الخاص فى البلد.. وإذا كانت الحكومة تقول دائمًا إن الدولة تنفرد بالمجالات الاستراتيجية فى الاستثمار، فهى لا تحدد فى الغالب ما هى بالضبط هذه المجالات، وتكون النتيجة اختلاط الأمر بينها وبين القطاع الخاص، الذى يشعر والحال كذلك بأنه طرف فى منافسة غير متكافئة، فلا يكون أمامه إلا أن ينسحب فى هدوء!
وعلينا أن نتصور الوضع الاستثمارى لو أن الحكومة أطلقت هذه العبارة، ولو أنها أعلنت التزامها السياسى بها، ثم لو أنها توجهت بعد ذلك إلى تحويل هذا الالتزام، من مجرد التزام سياسى قد يتبدل تحت ضغط الظروف إلى التزام قانونى ثابت.. سوف يتحقق ذلك كله إذا صدر بالمعنى الذى تقول به العبارة قانون عن البرلمان يرسخ معناها ويؤسس له، فلا يتغير مع تغير الحكومات بعضها وراء بعض!
ولا أظن أن الحكومة ستكون فى حاجة بعد ذلك إلى حوار مجتمعى تُطلق فيه مثل هذه الوثيقة، ولا إلى دعوات تُغرى بها استثمارًا وطنيًا لايزال يتحسس خطواته بيننا هنا، أو تغرى استثمارًا أجنبيًا فى الخارج لايزال هو الآخر يترقب هناك!.