طائرة لها قصة في «قمة الحكومات»

طائرة لها قصة في «قمة الحكومات»

طائرة لها قصة في «قمة الحكومات»

 صوت الإمارات -

طائرة لها قصة في «قمة الحكومات»

بقلم: سليمان جودة

تزامن انعقاد قمة الحكومات العالمية في دبي، مع خبر غريب أذاعته وكالات الأنباء ضمن أخبارها حول العالم.

كان الخبر عن طائرة من دون طيار رصدتها الشرطة البريطانية، وهي تحاول تهريب مخدرات إلى سجن «إتش إم بي واندسوورث» جنوب العاصمة لندن، وكانت التفاصيل تقول إن إدارة السجن رصدت الطائرة بعد أن تنبهت إليها الكلاب البوليسية، وإن الطائرة حاولت الهرب؛ لكنها علقت في إحدى الأشجار المحيطة بالسجن!

وفي التفاصيل أيضاً أن السلطات البريطانية تحظر الطيران حول جميع السجون بقرار من وزارة العدل، وأن الأرقام تشير إلى أن عدد الطائرات من دون طيار التي تم رصدها في محيط السجون أو الاستيلاء عليها، زاد بمعدل الضعف في الفترة من 2019 إلى 2021.

تزامن انعقاد القمة مع هذا الخبر بتفاصيله، فتذكرت أني كنت قد تابعت مع الذين حضروا قمة الحكومات في دوراتها المبكرة قبل عشر سنوات تقريباً، بدايات الحديث الإعلامي عن هذه النوعية من الطائرات، ولكن في مجال خدمة الناس وقضاء مصالحهم، لا في تهريب المخدرات، ولا في الاعتداء على الدول، ولا في ترويع مناطق متفرقة حول العالم.

وقد اشتهرت هذه الطائرات مرة بأنها طائرات «الدرونز»، ومرة أخرى بأنها الطائرات «المُسيَّرة»، ومرة ثالثة بأنها الطائرات «التي تطير دون طيار»، وفي الحالات الثلاث هي طائرات يجري التحكم فيها عن بُعد. ولكن ما يمكن ملاحظته على استخداماتها هذه الأيام، أن توظيفها في الأغراض السلمية راح ينحرف عن طريقه يوماً بعد يوم في أنحاء متفرقة من العالم، فأصبحت لا يكاد يُشار إليها إلا في أخبار من نوع نبأ السجن البريطاني!

أذكر أني رأيت في إحدى دورات القمة نموذجاً لطائرة من دون طيار، وهي تعلو في سماء دبي أمام الحاضرين، ثم وهي تحط في حديقة بيت من البيوت، فيتقدم نحوها صاحب البيت ليحصل من داخلها على رسالة جاءته من جهة حكومية. وكان المعنى أنها يمكن أن تختصر الوقت والمسافات وازدحامات المرور في العواصم والمدن الكبيرة، وأنها يمكن أن تكون طوق نجاة لكثيرين في إنجاز مهمات حياتية خلال وقت قصير.

وكانت القمة تعرضها على جمهورها باعتبار أنها بوصفها قمة حكومات، إذا كانت مشغولة بفكرة تقديم أفضل خدمة عامة للناس، وإذا كانت هذه هي مهمة الحكومة في كل بلد، فالطائرة من دون طيار فكرة سوف تسعف حكومات كثيرة في كل مكان، وستجعل قدرتها على تقديم خدمة عامة أفضل لمواطنيها واقعاً حياً، لا مجرد شعار ترفعه هذه الحكومة هنا أو تلك الحكومة هناك.

ولكن ما جرى لاحقاً وعلى مدى سنوات قليلة انقضت، كان في طريق آخر تماماً، وما حدث كان في سبيل مختلف، وأصبحنا لا نتابع أخبار مثل هذه الطائرة إلا في أعمال الشر، وإلا في اختراق حدود الدول والاعتداء على سيادتها، وإلا في التحليق في سماوات دول كثيرة دون تصريح، ودون مقدمات، ودون استئذان!

وفي الشرق الأوسط على وجه التحديد، اشتهرت دول بعينها بتصنيع «الدرونز»، وصارت معروفة بها في محيطها الإقليمي، ولم تعد تداري تصديرها، ولا إتاحتها لبعض الدول من حولها، وشاعت أخبار الطائرات من دون طيار في الحروب، وفي القتل، وفي التدمير، أكثر منها في تقديم الخدمات الحكومية المستحقة للناس!

قرأنا على سبيل المثال عن الطائرة المُسيَّرة «مهاجر 6» التي تنتجها إيران، ثم تقوم بإتاحتها لدول من حولها في المنطقة، وكان السودان آخر الدول التي حصلت عليها، وقد قيل إن الخرطوم سوف تستخدمها في حربها على «قوات الدعم السريع» التي تقاتل جيش البلاد.

وفي مرحلة من مراحل الحرب الروسية الأوكرانية، حقق الجيش الروسي اختراقات في شرق أوكرانيا، وكان السبب المعلن أن الروس حصلوا من إيران على هذه النوعية من الطائرات، وأنهم استطاعوا بها تحقيق انتصارات على الجيش الأوكراني، وكان الغرب ولا يزال يحذِّر الإيرانيين من عواقب إعطاء «الدرونز» للروس.

ولا ينفرد الإيرانيون بتصنيع الطائرات المُسيَّرة في الإقليم، ولكن ينافسهم الأتراك الذين أنتجوا «بيرقدار» وأتاحوها كذلك لدول في المنطقة من حولهم، وعندما نجحت حكومة فايز السراج في صد هجوم قوات المشير خليفة حفتر عن العاصمة طرابلس، كانت الطائرة المُسيَّرة التركية هي أداة حكومة السراج في وقف تقدم قوات المشير.

ومن كثرة ما شاع عن قدرات الطائرة المُسيَّرة على مستويات المراقبة، والاستطلاع، والهجوم، ومن كثرة الوقائع التي كانت طرفاً فيها على كل مستوى من هذه المستويات، فإنها قد صارت مخيفة عند مجرد السماع بها، وصارت وكأنها حصان طروادة اليوناني الذي عشنا نسمع عنه رمزاً للاختراق وتحقيق الانتصار، في كل صراع بين طرفين.

والمؤكد أن طائرة قمة الحكومات في دبي لا تزال تشق طريقها في اتجاه تسهيل قضاء مصالح الناس، ولكن لأن الشر مرتفع الصوت دائماً، فإن المُسيَّرة التي تهدد هذه المصالح نفسها وتقف في طريقها، هي التي ذاع صيتها وانتشر، بينما المُسيَّرة الأخرى تؤدي مهمتها على استحياء، ولا بد من أن هذا من سوء حظ البشر.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طائرة لها قصة في «قمة الحكومات» طائرة لها قصة في «قمة الحكومات»



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 19:18 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 صوت الإمارات - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 19:21 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 صوت الإمارات - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 05:35 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الذكاء الاصطناعي يساهم في انبعاثات ضارة تؤثر سلباً على البيئة
 صوت الإمارات - الذكاء الاصطناعي يساهم في انبعاثات ضارة تؤثر سلباً على البيئة

GMT 08:38 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 05:21 2015 الأربعاء ,11 شباط / فبراير

افتتاح معرض "ألوان السعودية" المتنقل في جدة

GMT 07:14 2015 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

الرميحي يزور جناح دولة قطر في معرض "اكسبو 2015"

GMT 20:48 2013 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

برنامج جديد فى إذاعة الشرق الأوسط عن التعديلات الدستورية

GMT 13:26 2015 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

مقهى ثقافي ومسابقة تصوير في معرض كتاب شرطة دبي

GMT 11:40 2015 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

"أبوظبي للسياحة" تنظم معرض "ميادين الفنون"

GMT 07:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

جبل بوزداغ من أروع المناطق السياحية للتزلج

GMT 05:28 2016 السبت ,27 شباط / فبراير

HTC تنشر أول صورة تشويقية لهاتفها المرتقب One M10

GMT 11:02 2013 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

بحث تطوير مشروع جامعة عمان مع كامبريدج

GMT 03:34 2015 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

معرض جدة الدولي للكتاب يستقطب أكثر من 600 ألف زائر

GMT 08:27 2015 الأحد ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميثاء الخياط تعرّف الأطفال بطرق قص مبتكرة في "الشارقة"

GMT 01:52 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كلوب يكشف السبب الرئيسي لسقوط ليفربول أمام ساوثهامبتون

GMT 12:49 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

ميسي يوضِّح تعرّضه للأذى في برشلونة سبب خروجه عن صمته
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates