هذا الثقب في ذلك الجدار

هذا الثقب في ذلك الجدار

هذا الثقب في ذلك الجدار

 صوت الإمارات -

هذا الثقب في ذلك الجدار

بقلم: سليمان جودة

قال السفير أدونيا إيباري، سفير أوغندا لدى منظمة الأمم المتحدة في نيويورك، إن موقف القاضية الأوغندية جوليا سيبوتيندي، في محكمة العدل الدولية في لاهاي، لا يمثل موقف بلاده تجاه القضية في فلسطين.

 

أما القاضية سيبوتيندي فهي واحدة من بين 15 قاضياً تضمهم هيئة المحكمة، وأما موقفها الذي يستنكره سفير بلادها لدى المنظمة الدولية، فهو أنها عارضت الإجراءات التي قررتها محكمة العدل ضد إسرائيل.

ورغم أن موقف السفير يعيد تأكيد موقف بلاده المساند للقضية في فلسطين، ورغم أنه يقول إن القضاة في المحكمة يمثلون أنفسهم ولا يمثلون بلادهم، إلا أنه في النهاية يريد من طرف خفي أن ينال بعضاً مما نالته دولة جنوب أفريقيا من مكاسب سياسية، ومن مجد معنوي، عندما بادرت برفع دعوى ضد إسرائيل في 29 ديسمبر من السنة الماضية، ثم عندما أصدرت المحكمة قرارها في السادس والعشرين من يناير المنقضي.

لا شك بالطبع في أن القضية في فلسطين استفادت مما جرى في قاعة المحكمة في هولندا، ولا شك أن القرار الذي أصدره قضاة المحكمة بأن تتخذ تل أبيب من التدابير ما يمنع وقوع إبادة جماعية في قطاع غزة، وبما يضمن تحسين الأحوال الإنسانية للمدنيين في القطاع، قد جاء وكأنه يد حانية تمتد إلى أهل غزة بشيء من المواساة التي قد تخفف عنهم بعض الآلام.

يظل القرار الصادر من المحكمة محصوراً في هذا الإطار بالنسبة للفلسطينيين في غزة، أو حتى في الضفة الغربية، لأنه لا يقدم لهم شيئاً عملياً يمكن الإمساك به من حيث التأثير الحقيقي على الأرض.. لا يقدم القرار شيئاً عملياً من نوع الأمر بالوقف الفوري للحرب مثلاً، أو من نوع ما كان كثيرون حول العالم من المتعاطفين مع القضية ينتظرونه منذ قبلت المحكمة الدعوى، ومنذ أن حددت الحادي عشر من يناير للنظر فيها.

وحتى لو كانت قد أصدرت قراراً بهذا المعنى العملي، فإنها لم تكن تملك ما تُلزم إسرائيل بتنفيذ قرارها، وهذا ما كانت تل أبيب تُروّج له منذ البداية.

لكل هذه التفاصيل وغيرها، تظل جنوب أفريقيا صاحبة الكسب السياسي الأكبر في الموضوع، لأنها بادرت بما لم تبادر به دولة في العالم، ولأنها لم تكن تعرف ما إذا كانت المحكمة سوف تقبل الدعوى أم لا ؟

وقد كان في مقدور المحكمة أن ترفض الدعوى لعدم الاختصاص مثلاً، ولم يكن أحد سوف يلومها عندئذ، ولو رفضتها ما كان ذلك سوف يضير جنوب أفريقيا في شيء، ولكن قبول الدعوى أولاً، وقبولها سريعاً ثانياً، وإصدار قرار فيها بسرعة ثالثاً، كل ذلك قد راح يصب بشكل مباشر في ميزان الحكومة الجنوب أفريقية.

لقد كسبت الحكومة في جوهانسبرج كثيراً على المستوى السياسي، والأدبي، والمعنوي، بل وعلى كل مستوى، لأنها تصرفت بوازع من ضمير حُر، ولأن بُعد المسافة بينها وبين فلسطين كان يعفيها من أي التزام تجاه القضية، غير أنها اختارت أن تلزم نفسها بما رأته واجباً إنسانياً عليها، وبدون أن تبالي بما يمكن أن تواجهه من متاعب في المستقبل بسبب موقفها الشجاع.

وقد بدأت المتاعب تطل عليها برأسها، عندما أعلنت شركة طيران العال الإسرائيلية، وقف رحلاتها إلى جنوب أفريقيا.. إذْ لا بد أن إجراء كهذا ينطوي على خسائر اقتصادية من نوع ما للاقتصاد الجنوب أفريقي في المجمل.

سوف تظل دعوى جنوب أفريقيا أمام المحكمة وكأنها ثقب في جدار سميك من الظلم التاريخي للفلسطينيين، وسوف يبقى إقدام الحكومة في جوهانسبرج على ما أقدمت عليه مما يُحسب في ميزانها على الدوام، وسوف يظل إقدامها إشارة إلى أن مواقف الدول إنما تقاس بمثل هذا النوع من الإقدام الجريء، ويكفي أنها جاءت بإسرائيل إلى قاعة المحكمة، ثم أوقفتها موقف المتهم الذي يجاهد لدفع التهمة عن نفسه، وهذا في حد ذاته هو الثقب الذي انحفر في الجدار.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هذا الثقب في ذلك الجدار هذا الثقب في ذلك الجدار



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 16:12 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خليفة و بن راشد وبن زايد يهنئون رئيس بنما بذكرى الاستقلال

GMT 13:59 2015 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

تصاميم على شكل الماس لحقائب "إن إس باي نوف"

GMT 10:32 2016 الجمعة ,04 آذار/ مارس

لوني شتاءك بأجمل موديلات الأحذية الـ Pumps

GMT 01:32 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عيش الرفاهية في فنادق ومنتجعات الجميرا الفخمة

GMT 01:28 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

«بنتلي» تفوز بلقب الشركة الأكثر تقديرًا في بريطانيا

GMT 23:18 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

الزمالك يهزم بتروجيت في دوري كرة الطائرة المصري

GMT 19:14 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على خطوات رئيسية لترتيب خزانة ملابسكِ الخاصة

GMT 11:52 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

6 أفكار أنيقة مميزة لزينة حفلات الزفاف

GMT 07:51 2013 السبت ,27 تموز / يوليو

جمال كامل فرحان يصدر رواية "كان ردائي أزرق"

GMT 04:48 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

رواية "الجنية" تمزج الواقع بالخيال بشكل واقعي

GMT 19:29 2013 الأربعاء ,22 أيار / مايو

خيبة المثقف في"طائف الأنس" لعبدالعزيز الصقعبي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates